القاهرة - سهام أحمد
كشفت عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، الدكتورة بسنت فهمي، أن الحكومة المصرية تتحمل جزءً كبيرًا من ارتفاع الأسعار، لا سيما وأنها تتخذ القرار وبعدها تدرس الآثار السلبية المترتبة عليه، لكن الصحيح هو أن يتم دراسة أي قرار بكافة جوانبه قبل تنفيذه وبعدما يتم اتخاذه، نعود إلى الأسعار، فهي فعلًا مرتفعة وسترتفع مرة أخرى، لأن الاقتصاد الجزئي لم يتحرك حتى الآن، فضلًا عن أن القرارات الاقتصادية بتحريك أسعار الوقود وتحرير سعر الصرف تسبب في زيادة أسعار المواد الخام والأجور، وهو ما ترتب عليه قيام رجال الأعمال برفع الأسعار.
وأوضحت فهمي، في حديث خاص لـ"مصر اليوم"، أن الحكومة اتخذت إجراءات تقشفية متمثلة في تخفيض الدعم، لكن تلك القرارات لم يقابلها توسع في الاهتمام بالاقتصاد الجزئي، متمثلًا في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى عملية الرواج الاقتصادي.
وقالت فهمي، إن قرار تحريك أسعار المواد البترولية كان له تأثيرًا على أصحاب الأعمال، نظرًا لما سببه من زيادة في أسعار نقل البضائع وشراء المواد الخام وزيادة الأجور، وأصبح رجال الأعمال بين أمرين إما تخفيض الإنتاج، وهو سيؤدي حتمًا إلى تخفيض العمالة وبناء عليه زيادة البطالة، ويترتب على تخفيض العمالة قلة السلع المطروحة مما يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم، أما الأمر الثاني فيتمثل في زيادة الأسعار وهو ما حدث بالفعل، ما قامت به الحكومة سياسات انكماشية بسبب زيادة تكاليف الإنتاج كنتيجة طبيعية لزيادة سعر صرف الدولار، والذي وصل إلى الضعف وهو الأمر الذي أثر على رجال الأعمال في رفع الأسعار.
وأشارت عضو اللجنة الاقتصادية، إلى أن "ما نخشاه هو الركود التضخمي، وهو خطر جدًا ومرت به الدول الأوروبية وأميركا أثناء حرب أكتوبر 1973، حينما منع العرب هذه الدول من البترول ورفع أسعاره، مما أدى إلى الانكماش في الاقتصاد الأميركي والأوروبي، وكان القرار هو عدم تحكم العرب في البترول مرة أخرى وكانت النتيجة التي نراها الآن في السعي نحو السيطرة على موارد البترول".
وأكدت فهمي، أن أغلب المواطنين ينظرون إلى التحسن الاقتصادي بأنه توفر البضائع والسلع الأساسية في الأسواق وبأسعار مناسبة وهذا غير صحيح، ولا بد من التفرقة بين مستويين من الاقتصاد، الأول الاقتصاد الكلي والثاني الجزئي، الأول يقوم على الحد من عجز الموازنة وزيادة الفائض في النقد، وهو الصعب وهناك تحسن فعلي في تلك الجزئية بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة، بينما الجزئي ويتمثل في الاهتمام بالتجارة والصناعة والزراعة وهو الجزء الصعب، والاهتمام به سيؤدي حتمًا إلى تحسن الأوضاع بشكل ملحوظ، وهناك تقصير من الحكومة في الاهتمام بالاقتصاد الجزئي..
وتابعت فهمي، أن هناك تحسن فعلي ملحوظ في أداء الاقتصاد الكلي، وهو ما كان له الأثر في الثقة بالاقتصاد المصري، من جانب المؤسسات الدولية والتي وافقت على منح قروض لمصر، وأغلبها يتم توجيهه إلى البنية التحتية، مضيفة أن مشاريع البنية التحتية التي يتم توجيه جزء كبير من موازنة الدولة والقروض إليها مهمة جدًا، ولكن يجب أن يقابلها الاهتمام بالمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، لتتماشى مع البنية التحتية والاقتصاد الكلي.
ونوهت فهمي، إلى أن الحكومة لم تكن خاطئة في القرارات التي أخذتها، وإنما تأخر كثيرًا، وكان لا بد من اتخاذ القرار قبل فترات سابقة، الخطأ كان في الإجراءات السابقة، حيث أن الحكومة بدأت في إنهاء الأزمات المترتبة على قرار تعويم الجنيه بعدما اتخذت القرار وليس قبل أن تتخذه، ومنها على سبيل المثال قرار تعويض المقاولين في عقود الدولة، وهو ما يحمل موازنة الدولة ولا سبيل إلا تعويض هذه الشركات حرصًا على استكمال المشاريع المتوقفة.
ولفتت فهمي، إلى أن قرار رئيس البنك المركزي برفع سعر الفائدة في البنوك كان بهدف التحكم في عملية التضخم، ولكنه لم يكن صائبًا، وما نلاحظه غير ذلك لأن رفع الفائدة يكون على المودعين والمقترضين مما يعطل بعض المشاريع الصغيرة بسبب الفائدة، ولجوء البعض إلى الاستفادة من سعر الفائدة بدلًا من عمل مشاريع.
وبينت فهمي، أنها يجب التفرقة بين ما تقوم به الحكومة من قرارات تكافلية، وهو ما تقوم به وزارة التضامن الاجتماعي، بينما الحماية الاجتماعية من خلال دعم المشاريع الصغيرة التي توفر فرص عمل وفي نفس الوقت تساعد في الحد من زيادة معدلات التضخم، لذلك كما كررت لا بد من الاهتمام بالاقتصاد الجزئي.
وأبرزت فهمي، أن المشاريع القومية ضرورية ولكنها ليست كافية وحدها لأنها طويلة الأجل، ولكي يشعر المواطن بالتحسن لا بد من دعم المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى جانب المشاريع القومية الكبرى، وعلى الحكومة أن تتحرك وبسرعة في دعم الاقتصاد الجزئي، وأين الـ 2 مليار التي تم الإعلان عنها للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، لأن دعم هذا النوع من سيساعد إلى جانب المشاريع القومية في إحساس الشعب بتحسن الأحوال المعيشية.
وشددت فهمي، على أن دخول شركات القطاع الخاص في شراكة مع شركات قطاع الأعمال ليست معها العودة إلى عهد الخصخصة، لأن هذا العهد انتهى ولن يعود مرة أخرى وتم استبداله بآلية جديدة تتيح مشاركة القطاع الخاص مع قطاع الأعمال بما يكفل حقوق الدولة، فشراكة القطاع الخاص مع قطاع الأعمال يتيح ميزة الاستفادة من القطاعين في ما يخص التعسر والتكنولوجيا الحديثة ليخرج كيان يجمع بين الحداثة والمحافظة على حقوق الدولة، ويجب أن نؤكد على أن وضع الموازنة العامة للدولة صعب للغاية وتمثل قيمة الأجور والدعم 85% من الموازنة العامة، بما ينذر بكارثة حال عدم التفكير خارج الصندوق وطرح الحلول المناسبة التي تتلاءم مع وضع الدولة.
وواصلت فهمي، أن أعضاء البرلمان في انتظار وزير قطاع الأعمال لعرض وجهة نظره في قضية الشراكة مع القطاع الخاص، ولا بد من وضع ضوابط لتلك الشركات، كما أن المستثمرين لن يقبلوا المشاركة في شركات القطاع العام نظرًا لمشاكلها، المتلخصة في مشاكل العمالة والبنوك والضرائب والتأمينات.
وكشفت فهمي، أن مشاكل الشركات المتعثرة ليست متشابهة إطلاقًا ولا توجد بينهم أي عوامل مشتركة، حتى يخرج علينا البعض ليقول بوجوب وضع روشتة موحدة لحل مشاكل الشركات المتعثرة، إذ أنها مثل الصداع الذي تتعدد أسبابه في النهاية.