الخبير العسكري اللواء نبيل شكري

كشف الخبير العسكري اللواء نبيل شكري، عن خبايا خطابات جماعة "الإخوان المسلمين"، موضحًا أنَّ الجماعة تعمم رسائل داخلية سرية بين عناصرها عبر الإنترنت من أجل العمل على كسر هيبة الدولة وزعزعة الأمن فيها وتشويه صورته محليًا وعالميًا.

وأكد اللواء شكري في تصريح إلى "مصر اليوم" أنَّ التنظيم الدولي وقادة الجماعة في الخارج يتولون بث رسائل التوجيه التنظيمي الهادئة؛ من أجل الحفاظ على التواصل مع أعضاء الجماعة في الداخل، مؤكدًا أنّهم يجهزون أنفسهم لفترة حكم جديدة، في الوقت الذي يشغلون فيه القواعد بحرب دعائية مزيفة ضد الدولة.

وأوضح أنَّ أشكال التواصل بين "الإخوان" عبارة عن جلسات كانت تعقدها القيادات مع عناصرها، من أجل تثبيت أفكار أو اتجاهات أو سياسات معينة؛ تخدم مصالح الجماعة، وعادة كان يُلجأ إليها في أعقاب كل حادث كبير، يلعب فيه التنظيم دورًا ما.

وأبرز أنَّ الجماعة في ظل التضييق الأمني الحالي لم تعد قادرة على عقد جلساتها في حلقات جماعية أو أسر في المساجد، أو في معسكرات التدريب، موضحًا أنَّ "تعليمات الاحتواء والتوجيه تتم عبر وسائل أخرى غير تقليدية، أو ما يمكن تسميته "الوسائل الطائرة" التي تعتمد غالبًا على مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب"، كما تأتي حسابات البريد الإلكتروني في مقدمة استخدامهم لهذه الوسائل".

 وأشار اللواء شكري إلى أنّ التوجيهات التنظيمية، والأطروحات الفكرية تُطرح عادة  عبر "السايبر"، موضحًا أنَّ هذا الأمر ليس جديدًا، لاسيما أنَّ "غالبية الفعاليات الخاصة بالتنظيم على الأرض تعمم على القواعد من خلال ذلك الفضاء العصي على المراقبة؛ لكن الجديد هو أن تبث مضامين موحدة ورؤية واحدة من خلاله".

وبين أنّ "الجماعة تلجأ أحيانًا إلى طبع كتبٍ أو نشراتٍ لقيادييها بأسماء مستعارة، كي تصل إلى القواعد في صورة طبيعية دون أن تلفت انتباه الأمن، مبرزًا أنَّها لا تتردد في تخصيص حسابات ونوافذ لا حصر لها، تدار في الغالب من خارج مصر عن طريق القادة الهاربين، أو المحسوبين على الذراع الدولية من أجل تمرير نهجها الحقيقي غير المرئي، جراء تصاعد الصياح الإخواني الملازم للدعوة إلى الحرب ضد السلطة".

ونوَّه بأنَّ المفاجأة تكمن في اختلاف مضامين الرؤية الجديدة لـ"الإخوان" التي تعكس حالة انكسار كبيرة، ولا تستقيم مع الواقع، خصوصًا ما تصدره على طول الخط منذ عزل الرئيس مرسي، بأنّ "النظام المصري الحالي تحت قيادة السيسي، ينهار بسبب ضربات الإخوان".

وأضاف اللواء شكري إنَّ "جماعة الإخوان تمر في مجموعة من التحولات بدأت بالتحول من فكر الاستقواء إلى فكر الاستضعاف"، إذ أنَّ "الظروف الحالية ستُجبر الجماعة على التخلي عن حالة الاستقواء التي انتابتها بعد الوصول إلى الحكم".

وتابع "إنَّ فكر الاستضعاف يُعد نمطًا فكريًّا تلجأ إليه كل التيارات الإسلامية عند إحساسها بالضعف في مواجهة الآخرين، ويُستمد هذا الفكر برأيه من خلال تصوراتهم من موقف النبي صلى الله وعليه وسلم والصحابة أثناء تواجدهم في مكة قبل الهجرة إلى المدينة، عند بداية الدعوة الإسلامية، إذ كانوا يعانون الضعف الشديد، فتحملوا كل أنواع الإيذاء من الكفار دون أي رد فعل، لأنّهم في مرحلة استضعاف وليسوا في مرحلة قوة أو تمكين، وهو نهج فرضه الواقع عليهم".

وحذر من أنَّ "الجماعة المحظورة من المحتمل أن تلجأ إلى هذا التحول حتى تتمكن من التعايش مع مرحلة الضعف الشديد الذي تمر من خلاله في الفترة الحالية، حتى تقوى وتعود مرة أخرى إلى سيرتها الأولى".

واستطرد " من التحولات المحتملة كذلك في رؤية الجماعة، الانتقال من فكر التمكين إلى نهج المرحلية، ويُقصد بالتمكين، النمط الفكري الذي يُستخدم أثناء التواجد في السلطة والسيطرة على الحكم في البلاد، وهي إشارة إلى المرحلة المدنية التي تولّى فيها النبي صلى الله عليه وسلم-والصحابة الحكم في المدينة".

واستدرك اللواء شكري "كما يقصد بالمرحلية، مراحل الاستضعاف، خصوصًا المرحلة المكية التي كان المسلمون فيها مستضعفين ومأمورين فيها بالدعوة فقط، وتحمل الصبر والإيذاء، لذا فإنّ تحول الجماعة فكريًّا باتجاه فكر المرحلية لا مناص منه، حتى يتمكنوا من التأقلم مع المرحلة الجديدة، وأنّه بشكل عام فإنّ فكرة المرحلية موجودة أساسًا عند جماعة الإخوان المسلمين، وكانت تستخدمه في معظم مراحلها التاريخية، لكنها هجرته بعد أحداث 25 كانون الثاني/ يناير إلى فكر التمكين".

وشددّ في ختام حديثه على "أنّ التحرك من خطاب الاستعلاء في اتجاه الاستعطاف، من التحولات المحتملة كذلك لـ"الإخوان" في القريب العاجل، مبيّنًا أنّ خطاب "الاستعلاء" كان خطابًا استثنائيًّا في خطاب الجماعة طوال تاريخها؛ إذ تبنته عقب وصول الرئيس محمد مرسي إلى الحكم، وكان السمة السائدة في مواجهة خصومها السياسيين، بينما كانت الجماعة طوال مراحلها تتبنى خطاب "الاستعطاف"، الذي كان يُبنى على فكرة "المظلومية" التي ظلت الجماعة لأعوام طويلة تقتات عليه".