لنائب محمود محي الدين

أبدي أمين لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب المصري، النائب محمود محي الدين، حالة استياء بالغة من الدعوات الأخيرة لتعديل الدستور، والتي انطلقت من بين صفوف النواب مؤخرًا، ودعمها تصريح واضح لرئيس البرلمان علي عبدالعال، يُبدي فيه رغبة قوية لتعديل الدستور.

وحذر محي الدين، في مقابلة خاصة لـ"مصر اليوم"، من أن نظل في نظر العالم أحد دول العالم الثالث، التي لا تحترم تعهداتها، وتعجز عن تقديم صورة متحضرة وتحافظ على دستورها الذي تم اختياره بإرادة حرة، قائلًا: "إن الدعوات التي صدرت لتعديل الدستور ورائها مجموعة من "المصالح" ومحاولة كسب انطباعات إيجابية وتأييد لدى السلطة الحاكمة، وأن هذه الشخصيات ليست جديدة ونراها كثيرًا منذ خمسينات القرن الماضي"، مشددًا على أن تعديل الدستور لن يطال مادة أو اثنين فقط كما يشاع، وإنما سيكون الهدف منه تغيير شامل لوجهة مؤسسات الدولة وعلاقاتها بين بعضها البعض.

وتابع محي الدين: "تغييرات الدستور ستؤذي في المقام الأول مجلس النواب، وتقلص من صلاحيته وتحد من أدواره المتعلقة بالرقابة على السلطة التنفيذية والحكومة"، مشيرًا إلى أن هناك اتجاه لإلغاء حصول رئيس الجمهورية على تصويت نيابي قبل الإطاحة بأي وزير أو تشكيل حكومي، في حين أن البرلمان حاليًا يتمتع بتلك الصلاحية ولا يمكن إجراء أي تعديل على الحكومة إلا بموافقته، كما أنه سيتم إلغاء التنافس الفردي والاعتماد على القائمة فقط، وهو أمر "غير محمود" في ظل ضعف وغياب التنظيمات الحزبية في مصر الآن". 
وبسؤاله عن رأيه في أحوال المواطنين، أكد محي الدين، أنهم يعانون بشكل كبير، وأن المسؤول الأول عن ذلك هي الحكومة، والتي سعت بكل ما تملك لتقديم ضمانات إلى البنوك العالمية أو الجهات المانحة للقروض الكبرى، ولم تفكر ولو للحظة في أحوال المواطنين، وتأثير القرارات المتتالية الصادمة عليهم، وأن معاناة المواطنين لم تقتصر علي الأسعار وصعوبات الحياة فقط، وإنما امتدت لتشمل مواجهتهم أخطار الموت وفقدان الحياة في الحوادث المرعبة، والهلاك وإزهاق الأرواح بسبب الإهمال والفساد.

وبشأن رأيه في حادث تصادم القطارات مؤخرًا وكيفية التعامل معه، أبدى النائب حالة اندهاش واسعة من غياب التفكير المنهجي لدى الدوائر المؤثرة في الوزارات والحكومة، مشيرًا إلى أن اقتصار رد الفعل الحكومي على "إقالة المسؤول" أو تقديمه استقالته لهو أمر شديد الغرابة، ولا يجوز أبدًا أنه يتم التعامل بعد أي حادثة كبرى دون تخطيط لتلافي تكرار ذلك مستقبلًا، فأين الحلول غير التقليدية، وأين الدراسات الاستباقية الشاملة لبيان حالة مرفق ما أو فرص وآليات تطويره، وكلها أمور غابت، وحال استمر اقتصار التفاعل مع الكوارث بمعاقبة فرد أو اثنين فقط، فأتوقع المزيد من تلك المشاكل والحوادث الكبرى.

وفيما يتعلق بـ "حالات الاختفاء القسري"، أوضح النائب أنه يجب الاعتراف بأمور في البداية لتوضيح الحقيقة، أنه كان هناك ضعفًا أمنيًا عقب ثورة يناير، ورغم العديد من الملاحظات على الأداء الأمني، إلا أنه اتضح أن أغلبية حوادث الاختفاء القسري التي يبلغ عنها الأهالي بفزع عن أولادهم، نكتشف بعدها أن هؤلاء الصبية قد ذهبوا للالتحاق بالجماعات الإرهابية في سورية أو العراق، وهناك إحصائية تظهر أرقام وأعداد كبيرة من المبلغ عن اختفائهم قسريًا، وجدوا بين القتلى في صفوف التنظيمات المتطرفة.

وبخصوص الانتقادات التي طالت أكشاك الفتوى التي انتشرت في مصر مؤخرًا، ومطالبات بعض الحقوقيين إلغائها، أعرب عضو لجنة حقوق الإنسان عن رفضه لها، وقال إن التعاليم الدينية يجب أن يكون مقرها داخل المؤسسات الدينية وليس خارجها، وأنه حال أردنا التمدد في هذا الشكل الدعوي، فليكن داخل المناهج في المدارس أو الجامعات، وليس مكانه الشارع، معتبرًا إياها مجرد "محاولة شكلية" لإصلاح الخطاب الديني.