القاهرة ـ أحمد عبدالله
تتكتم القاهرة وأديس أبابا والخرطوم على نتائج الاجتماع الخامس عشر للجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة، الذي عقد في عطبرة في السودان منذ أيام، وخصص لاستكمال مناقشة النقاط الخلافية في التقرير الاستهلالي للمكتب الاستشاري الفرنسي المعني بتنفيذ الدراسات الفنية، بعد توقف دام 4 أشهر، ولم يصدر من الجانب المصري، تصريحات رسمية عن الاجتماع يمكن أن تظهر وجود نقاط مضيئة تضع حدًا لخلافات الدول الثلاث بشأن الدراسات الفنية وتأثيرات سد النهضة على دولتي المصب "مصر والسودان"، وآلية وموعد تخزين المياه بالسد.
وأبدى البرلماني وعميد معهد الدراسات الأفريقية السيد فليفل، انطباعات متفائلة عن ضعف الموقف الأثيوبي، والعوامل المؤثرة عليه، مشيرًا إلى أنّ "أهمية خاصة امتازت بها محادثات عطبرة في السودان بين مصر وأثويبيا بشأن سد النهضة"، مبيّنًا أن الظروف الحالية تشهد فرصًا إيجابية لصالح المفاوض المصري أكثر من أي وقت مضى، خاصة أن أثيوبيا ترضخ تحت ضغوط دولية خارجية وأخرى داخلية تؤثر عليها أثناء سير المفاوضات.
وأشار فليفل، إلى أنّه يتفهم الدوافع التي قد تؤدي بالرأي العام أن يطالب بالتدخل المسلح أو ضرب سد النهضة، ولكنه في الوقت ذاته تلك الأصوات تحركها الحماسة وتفتقد للحكمة، خاصة أن الظروف والمتغيرات تلعب أحيانا لصالح مصر بما يغني عن أي تدخلات بالقوة، موضحا أنّ التقارير الصادرة عن المراكز البحثية التابعة إلى الولايات المتحدة والمتخصّصة في مجال السدود والأنهار، أثبتت أن عيوبًا خطيرة في طريقة بناء السد ستعوق تحقيق مهامه.
وأوضح فليفل، أنّ هذا التقرير سبق أجتماعات السودان الأخيرة بأيام قليلة، وأن تلك التقارير قالت إن أثيوبيا خالفت مبادئ راسخة في القانون الدولي وفي مقدمتها مبدأي عدم الضرر والإبلاغ المبكر عن أي مشروع، وهو مالم تراعيه أثيوبيا التي استغلت فترة الإرباك في مصر عقب ثورة 25 يناير، وأنها على مستوى المكان أختارت للسد أكثر الأماكن المعرضة للزلازل بالفيلق العظيم او الأخدود الأفريقي العظيم كما يطلق عليه، بالإضافة إلى أن سعة السد أكبر من الكميات المخصصة لأثيوبيا من المياة، وبالتالي صعوبات تقنية في توليد الكهرباء.
وقال فليفل إنه كان من الأفضل إنشاء 4 سدود صغيرة توفي احتياجات البلاد من المياة، بدلا من سد ضخم وكبير وعاجز عن تلبية المهام المطلوبة منه ويؤثر على الدول الأخري، مشيرا إلى أن المشكلات الداخلية في أثيوبيا والصراع المسلح بين بعض الفصائل والسلطة هناك سيشغل بال المفاوض الأثيوبي ويؤثر عليه، وأن المفاوض المصري يجب أن يتمتمع بالإصرار للاستفادة من ذلك.
وأفاد فليفل، بأن المصريين مطالبين بأمرين، ان يثقوا في المفاوض المصري البارع، وممثلي مدارس الوطنية المصرية من أعضاء وزارة الخارجية ووزارة الموارد المائية وممثلي الرئاسة والجهات السيادية، كما أننا مطالبين بإدراك أن تلك القضايا الخاصة بالنزاعات حول السدود والأنهار تأخذ أعواما طويلة من أجل الحسم، وأنه مواقف مشابهة وقعت بين الولايات المتحدة وكندا وبين مصر وأوغندا في السابق، تطلبت 7 و 9 أعوام لكي يتم وضع الكلمة الفصل فيها، وعن إجتماعات عطبرة الأخيرة والتي كان مقرر لها يومان فقط وامتدت إلى 5 أيام، وما إذا كان هذا إشارة إلى تعقد المواقف، كشف أنه ليس بالضرورة أن يكون مد أيام التفاوض دليل على توتر ما، وإنما الأطراف الموجودة تدافع عن مصالح مختلفة، فطرف يريد تأمين مستقبله المائي، وآخر يتحدث عن احتياجاته من الطاقة والكهرباء، وثالث يدافع عن حقوقه التاريخية وهكذا، وأن حالة التكتم على نتائج الإجتماعات ليست بالضرورة دليل على تأزم المواقف، وإنما تسليط الضوء الإعلامي على التفصيلات الفنية في تلك الإجتماعات قد يؤثر على نجاح المفاوضات ويهدم نتائجها.