القاهرة -مصر اليوم
تدخل بريطانيا مرحلة جديدة في تاريخها مع قرب خروجها من الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية يناير من العام المقبل، لذلك تسعى إلى تعزيز شراكاتها التجارية مع دول العالم استعداداً لمرحلة ما بعد الخروج.
ومن أهم تلك الجهود القمة البريطانية الأفريقية التي تستضيفها لندن فى 20 يناير العام المقبل لبحث تعزيز الشراكة التجارية بين الجانبين، التى تلعب فيها مصر دوراً مهما باعتبارها الرئيس الحالى للاتحاد الأفريقي، بالإضافة لكون بريطانيا أكبر مستثمر أجنبى فى مصر بقيمة 3 مليارات جنيه استرليني.
أكدت إيما وايد سميث مفوضة ملكة بريطانيا للتجارة مع أفريقيا في حوارها مع "الأخبار" أن لندن تعتبر مصر شريكًا محوريًا فى المنطقة ودولة تمتلك إمكانات حقيقة تؤهلها لتكون مركزًا للتصدير إلى أفريقيا، وأبدت تطلع الشركات البريطانية للاستثمار في محور قناة السويس للاستفادة من فرص الاستثمار فى تطوير ميناء العين السخنة وميناء شرق بورسعيد.. وإلى نص الحوار:
ما أهمية القمة البريطانية الأفريقية للاستثمارالمقرر انعقادها فى شهر يناير المقبل؟
اقرأ أيضًا:
انطلاق مبادرة السيسي للكشف عن ضعف السمع بين المواليد الجدد
من المقرر أن يستضيف رئيس الوزراء البريطانى القمة البريطانية - الأفريقية للاستثمار فى 20 يناير 2020 فى لندن..وستجمع هذه القمة القادة السياسيين ورجال الأعمال الأفارقة والمستثمرين البريطانيين والمؤسسات الدولية لعرض وتعزيز نطاق وجودة فرص الاستثمار فى جميع أنحاء أفريقيا، نريد أن نسلّط الضوء على أن القمة ستركّز على الاستثمارات طويلة الأجل التى تملكها المملكة المتحدة فى أفريقيا كى تكون حافزًا لضخ استثمارات جديدة، حيث تسعى المملكة لتحقيق طموحها فى أن تصبح المستثمر الأكبر من مجموعة السبع فى القارة الإفريقية.
وتقوم الشراكة بين المملكة المتحدة وأفريقيا على النمو المتبادل، فالنجاح والازدهار فى أفريقيا على المدى الطويل من الأمور التى تهم المملكة المتحدة، وستعمل القمة على تسريع الاستثمار عالى الجودة والمستدام فى الأعمال والبنية التحتية بأفريقيا، بهدف المساعدة فى تحقيق نمو اقتصادى شامل. سنطلق أيضًا مبادرات لمساعدة الشركات الأفريقية على الوصول بشكل أفضل إلى أسواق رأس المال فى مدينة لندن، كما ستعمل القمة – من خلال العمل مع شركائنا الأفارقة – على إقامة الروابط وفتح الباب أمام الاستثمارات التى تحقق مزيدا من الصادرات والوظائف والنمو الاقتصادى لكل من الشركات البريطانية والأفريقية.
التعاون الاقتصادي
ما خطط بريطانيا لتعزيز التعاون الاقتصادى مع أفريقيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي؟
لقد لاحظت خلال العامين الماضيين اهتمامًا متزايدًا بأفريقيا بين مجتمع الأعمال البريطانى، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تزايد فرص الاستثمار فى جميع أنحاء القارة، كما يعود ذلك أيضًا إلى أن المزيد من الشركات البريطانية التى تبحث عن مشروعات تجارية جديدة خارج حدود أسواقها التقليدية.
وبينما نستعد للخروج من الاتحاد الأوروبي، ظلت أولويتنا الرئيسية هى ضمان استمرارنا فى الاتفاقيات التجارية التى أبرمناها مع شركائنا الأفارقة، من أجل الحد من أى خلل فى حركة التجارة بالنسبة للشركات والمصدرين والمستهلكين، لقد أصدرنا تشريعات تنص على خطة الأفضليات التجارية للمملكة المتحدة بالنسبة للبلدان النامية، إن هذه التشريعات ستوفر نفس مستوى الوصول الخاص بخطة الأفضليات التجارية الحالية للاتحاد الأوروبى عن طريق منح البلدان الأقل نموًا إمكانية الوصول إلى الأسواق مع إعفائها من الرسوم الجمركية ونظام الحصص، بالإضافة إلى منح البلدان النامية الأخرى تخفيضات جمركية.
ولقد عملنا أيضًا بجد لتكرار تأثير اتفاقيات الشراكة الاقتصادية واتفاقيات الشراكة الحالية للاتحاد الأوروبى مع البلدان الإفريقية، لقد نجحنا حتى الآن فى نقل عدد من هذه الاتفاقيات فى أفريقيا لتغطية جزء كبير من الدول الافريقية. هذه الاتفاقيات هى الاتحاد الجمركى فى جنوب أفريقيا + موزمبيق، الذى يبلغ حجم التجارة فيها إلى 9.7 مليار جنيه إسترليني؛ بلدان شرق وجنوب أفريقيا، وموريشيوس، وسيشيل، ومدغشقر، وزيمبابوي؛ واتفاقية الشراكة مع تونس والمغرب. نحن نواصل العمل بجد مع البلدان الشريكة لنا، بما فى ذلك مصر والجزائر، من أجل نقل ما تبقى من هذه الاتفاقيات.
وبمجرد مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي، فإننا سنرغب فى استكشاف طرق أكثر لتوسيع نطاق علاقاتنا مع البلدان الأفريقية، بما فى ذلك الاستفادة بشكل أفضل من الاتفاقيات الحالية.
هل يؤثر خروج لندن من الاتحاد الأوروبى على تدفق الاستثمارات البريطانية فى أفريقيا والشرق الأوسط؟
بمجرد مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي، ستتاح لنا الفرصة لأول مرة منذ أكثر من أربعة عقود للتفاوض بشأن الاتفاقيات التجارية الخاصة بنا، ونحن نعتزم تمامًا أن نكون قوةً إيجابيةً وقويةً للتجارة الحرة.
لقد أحرزنا تقدمًا كبيرًا مع الحكومة المصرية لضمان عدم تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى على روابطنا التجارية القوية واتفاقياتنا التجارية. نحن سنظل شركاء طبيعيين ونريد التوقيع على اتفاقية للمرحلة الانتقالية من شأنها أن تقضى على أى خلل فى شراكتنا التجارية الحالية وتضع الأساس لعلاقات أقوى فى المستقبل. بريطانيا هى واحدة من أكبر المستثمرين الأجانب فى مصر، حيث يبلغ حجم التجارة السنوية بين بلدينا حوالى 3 مليارات جنيهٍ إسترلينيٍ. يعمل منتدى المستثمرين البريطانيين الذى تأسس حديثًا فى مصر على تحديد طرق دعم الاستثمارات الجديدة فى الدولة.
علاقة التعاون
كيف يمكن للمملكة المتحدة ومصر استخدام علاقة التعاون بينهما داخل أفريقيا خلال تولى مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي؟
تعتبر المملكة المتحدة مصر شريكًا محوريًا فى المنطقة ودولةً تمتلك إمكانات حقيقة تؤهلها لتكون مركزًا للتصدير إلى أفريقيا. ولهذا السبب تعاونت الدولتان بشكل وثيق فى مجموعة من القضايا. ومن المتأكد أنك قد لاحظت مؤخرًا زيارة عدد من كبار المسؤولين فى الحكومة البريطانية لمصر خلال الشهور الماضية فى إطار الجهود المستمرة لتوسيع نطاق العلاقات الثنائية، فضلًا عن الروابط التجارية والاستثمارية بين الدولتين.
وأجرى الوزراء المصريون للاستثمار والمالية والصحة زيارات تحظى بدعم رسمى إلى المملكة المتحدة خلال الأشهر الثلاثة الماضية. ستبقى مصر دائمًا شريكًا قويًا فى التجارة من أجل تمكين الشعب المصري.
ما تقييم بريطانيا للإصلاحات الاقتصادية المصرية؟
نحن نعتبر مصر من أهم الأسواق الناشئة فى المنطقة وشريكًا لا غنى عنه، كما أنها تحتل مكانةً محوريةً فى جهودنا لتعميق علاقاتنا فى أفريقيا.
ونجحت مصر فى إكمال برنامج إصلاح اقتصادى طموح على مدار ثلاث سنوات يدعمه صندوق النقد الدولي. لقد عززت إصلاحات الاقتصاد الكلى المهمة للنمو، كما خفضت معدل البطالة، وزادت من احتياطى النقد الدولى وهو ما ساعد على وضع الاقتصاد على المسار الصحيح وتحسين ثقة المستثمرين.
وتمتلك مصر إمكانيات هائلةً وسيساهم الإسراع فى الإصلاحات الهيكلية التى شرعت فيها الحكومة بالفعل لخلق بيئة جاذبة للقطاع الخاص لتحقيق النمو وخلق فرص عمل، بما فى ذلك للشباب والنساء.
ونحن ندعم أجندة إصلاحات الحكومة المصرية، من خلال تزويدها بالخبرات الفنية البريطانية، ودعم ريادة الأعمال، وبناء رأس المال البشرى فى مصر فى مجالات مثل التعليم والرعاية الصحية. تجنى مصر الآن ثمار هذه الإصلاحات حيث تسعى مجموعة جديدة من المستثمرين البريطانية إلى القيام بأعمال تجارية فى مصر.
اهتمامنا الأكبر الآن هو دعم الإصلاح الناجح لإقامة شراكات فى مجالات التعليم والصحة والتمويل وتنمية القطاع الخاص. ومن الرائع أن نرى أكثر من 80 مؤسسةً بريطانيةً فى مجال التعليم العالى تمتلك شراكات فى مصر، وثلاث جامعات جديدة تؤسس شراكات جديدة فى العاصمة الجديدة.
من المثير للاهتمام بنفس القدر أن نرى تعاوننا القوى فى مجال الرعاية الصحية، بما فى ذلك تدريب شركة إسكالا «Escalla» لـ 100 طبيب ودعم شركة فودافون مصر لمشروع تطوير الرعاية الصحية فى بورسعيد. هذه هى المجالات التى تستطيع فيها المملكة المتحدة إضافة قيمة حقيقة ودعم الرؤية الإصلاحية للحكومة المصرية.
ما القطاعات التى تركّز فيها الشركات البريطانية استثماراتها فى أفريقيا؟
لدى المملكة المتحدة عدة استثمارات طويلة الأمد فى قطاعات استراتيجية مثل النفط والغاز والتعدين والبنية التحتية. ومع ذلك، نحن نرى اتساقًا متزايدًا بين فرص الاستثمار وخبرة المملكة المتحدة واهتماماتها فى القطاعات الحيوية مثل الزراعة والطاقة المتجددة والتصنيع.
تتسم استثماراتنا بشكل أساسى بأنها عالية الجودة ومستدامة. نحن نريد أن نعمل بالشراكة مع الحكومات والشركات الإفريقية لضمان أن استثماراتنا توفر مزيدا من فرص العمل المهمة وتساعد أعداد أكبر من الشركات على النمو وتدفع الازدهار المتبادل بيننا إلى الأمام.
الفرص المتاحة
كيف يمكن للشركات البريطانية الاستفادة من الفرص المتاحة فى منطقة قناة السويس الاقتصادية لتعزيز استثماراتها فى أفريقيا؟
نحن نؤمن بوجود العديد من الفرص للشركات البريطانية التى يمكنها استخدام مصر قاعدةً لعملياتها فى جميع أنحاء أفريقيا والشرق الأوسط، ويرجع ذلك جزئيًا إلى اتفاقيات التجارة الحرة التى تمتلكها مصر حاليًا مع هذه المناطق. نرى نحن بالفعل الشركات البريطانية تقوم بذلك بنجاح فى عدد من القطاعات. على سبيل المثال، تصنّع شركة يونيليفر «Unilever» السلع الاستهلاكية فى مصر بغرض تصديرها، كما تشغل فودافون مركز خدمات مشترك فى مصر يخدم الأسواق الدولية، وتستثمر الشركات البريطانية الرئيسية فى مجال النفط والغاز مثل «BP» و»Shell» فى خطط مصر التى تهدف إلى جعل مصر مركزًا إقليميًا للطاقة.
نظرًا لموقع قناة السويس الاستراتيجى على أحد طرق الشحن الرئيسية فى العالم، فإن منطقة قناة السويس الاقتصادية فى وضع جيد للاستفادة من شبكة اتفاقيات التجارة الحرة المصرية.
نحن متحمسون لفرص الاستثمار فى تطوير ميناء العين السخنة وميناء شرق بورسعيد، بالإضافة إلى المحطات والمرافق المرتبطة بهذين الميناءين، والمناطق الصناعية، وتطوير مزارع الطاقة الشمسية والرياح. نحن نبحث أيضًا مع هيئة منطقة قناة السويس الإمكانيات المتاحة فى مشاريع تحلية المياه والطاقة والبنية التحتية الذكية.
نحن نتطلع إلى رؤية هذه الفرص الاستثمارية وغيرها فى مصر تُعرض فى قمة الاستثمار الأفريقية البريطانية المقرر انعقادها فى يناير، لتشجيع المزيد من الشركات البريطانية على الانضمام إلى هذا الركب.
قد يهمك ايضا
“الخارجية” تؤكّد أنّ سد ”روفيجي” نقل العلاقات المصرية التنزانية إلى آفاق جديدة
السيسي يلتقي رئيس وزراء اليابان على هامش “قمة التيكاد” لبحث العلاقات الثنائية