القاهرة - مصر اليوم
أكد الروائي وأستاذ الأدب الانجليزي الدكتور بهاء عبد المجيد أن الكاتب علي عطا ربما استغل تيمة الاكتئاب في روايته "حافة الكوثر" الصادرة حديثا عن الدار المصرية اللبنانية في محاولة لأن يقدم السيرة الذاتية لبطل الرواية نفسها "حسين جاد".
وأضاف عبد المجيد خلال ندوة نظمتها مؤسسة "الشموع"، وأدارها الشاعر الكبير أحمد الشهاوي أن هناك علاقة مؤكدة بين الإبداع والجنون وهناك دراسات نفسية كثيرة ونماذج لا يمكن حصرها من مبدعين قضوا بعض الوقت فى المصحات النفسية، فإليوت الشاعر الانجليزى كتب "أرض الخراب" أثناء وجوده فى مصحة أثناء الحرب العالمية الأولى، وصلاح جاهين ونجيب سرور كان الاكتئاب من نصيبهما أيضا.
وأوضح أن الخوف من السقوط في براثن الجنون كان فرصة أخيرة للراوي في "حافة الكوثر" ليمسك بتاريخه حتى لا تنتهي ذاكرته إلى العدم تماما كمن يتناول حبوب مضادات الاكتئاب من البروزاك والزنكس لينسى فتدور في رأسه طاحونة الذكرى والمواقف التي لا تنسى من حياته للإمساك بها.
ولاحظ عبد المجيد أن "حافة الكوثر" هي الرواية الأولى لعلي عطا والمؤكد أن خبرته كشاعر، أصدر من قبل ثلاثة دواوين قد أفادته في خلق شاعرية خاصة به تجعل القارىء مشدودا للعمل الروائي لدقة اللفظ وانتظام الإيقاع السردي من خلال تقاسيم الرواية في فصولها.. "حافة الكوثر" هي رواية في غاية الأهمية في عالم علي عطا الإبداعي وأيضا في الرواية المعاصرة بشكل عام.
وخلال الندوة نفسها ، تحدث الروائي وأستاذ علم الآثار الدكتور حسين عبدالبصير عن اللغة الشعرية في رواية "حافة الكوثر"، مشيرا إلى أنها لغة رهيفة شفيفة عذبة تنتقي ألفاظها بدقة بالغة وهي مكثفة وشديدة الاختزال وتمازج بين الفصحى والعامية المصرية المفصحة كلغة ثالثة.
وأضاف عبد البصير أن الرواية تقدم أحداثها بخطوط شفيفة، وتلقي عليها الظلال، ولا تقدم للقاريء بشكل عام كل التفاصيل، وإنما تترك الأمر لمخيلته لاستكمال ما غمض عليه أو ما تعمد الكاتب إغفاله بقصدية ماكرة تهدف إلى إجهاد القاريء لإكمال البازل الروائي الذي برع الكاتب في توزيعه على جسد الرواية بمنتهى المهارة ومكونا روايته من قطع عديدة من الفسيفساء التي تشكل لوحته الروائية التي على القاريء إعادة تجميعها وفقا لمخيلته وثقافته وأساليب الاستقبال المعرفية لديه.
وأضاف: إذن هي رواية شديدة التركيز والكثافة وتريد من القاريء تركيزا شديدا لدى قراءتها ولا تتركها إلا عند آخر صفحة من صفحاتها، وتجعلنا نلهث وراءها ونقف على أطراف أصابعنا من شدة سرعة أحداثها وتعدد وتنوع شخصياتها.
واختتم بالقول: تشكل الرواية، أغلب الظن، جزءا من بداية مشروع روائي خصب وممتد للكاتب في روايات قادمة توجد بذورها في ثنايا هذه الرواية مما يرشحها كي تكون المنجم الذي سوف يستلهم منه روايات أخرى تجعل من ثقافة المدينة الدلتاوية الصغيرة، المنصورة، بؤرة لأحداث في سياق أكثر فرادة واختلافا وكثافة وتركيزا وفي إطار معرفي يراوح بين الماضي والحاضر وبين الإدراك الكامل والوعي المسلوب.