القاهرة-مصر اليوم
وتقع الرواية في 272 صفحة من القطع المتوسط، وتقدم أنساقًا بشرية متنوعة يمكن أن تلتقي بهم في الحياة اليومية على نحوٍ متكرر، لكنك لن تتوقع مطلقًا أنهم يحملون كل هذه الحيوات التي تنبض بالغرائبية.
وتدور أحداث الرواية في مدينة شبين الكوم، على بعد 70 كيلو شمال العاصمة المصرية القاهرة، وهي بلدة صغيرة تقع على تخوم الريف والحضر، حيث تستعرض الحياة السفلية لكائنات آدمية سحرية، بحكي يسيطر عليه ضمير الأنا المتكلم دون أن يخطئ مرة واحدة ويعلن عن اسمه؛ إنه صعلوك، فقير، فاشل في كتابة الشعر وفي الإخراج المسرحي، وحتى في الحفاظ على الصداقة، خائن، ومخبر، وحشاش، ومتصوف وكذاب، ومبتذل يغوي امرأة ويتفق معها على الطلاق من زوجها ليتزوجها هرباً من سوء سمعته".
ويرسم الراوي شبين الكوم بجغرافيتها الدقيقة التي يعلن من السطور الأولى في روايته عن تمام معرفته بكل شوارعها، بإشرافاتها في الصباحات، ووهجها أو قتامتها في الأماسي. ويتبلور ما تطرحه الرواية عن هذه البلدة في متوازيات مع شخوصها وعالمها السفلي؛ هذا العالم الذي يمتد من حياة الثقافة بما فيها من مسرح وأدب وعمل سياسي إلى العالم السفلي. وعبر هذا كله تدخلنا الأحداث إلى حيوات مليئة بالانكسارات والإحباطات والأفراح والمرارات.
ويعتمد البناء الفني في رواية "قميص سماوي"، تقنية الكولاج السردي، حيث ينتقي الكاتب من وجهة نظره ما يظن أنه يهم القارئ، على نحوٍ يسمح له باستكمال ما يشاع الاصطلاح عليه بالمسكوت عنه. إنه كولاج يشبه المدينة التي تدور فيها الأحداث، حيث تتجاور بائعة الهوى والأرملة المنكوبة، والغجرية العاشقة مع العجائز، والجبان مع الشجاع، والثوري والمهادن.