مطروح ـ إلهام سلمي
تعتبر الحوايا والكليم البدوي والبطاطين الصوفية، من أبرز الصناعات اليدوية الحرفية الأكثر شهرة في صحراء محافظة مطروح، إذ تُصنع من صوف الأغنام ووبر الجمال المزركشة بالألوان الزاهية المحبوكة بخطوط عرضية وطولية، فضلًا عن الأحذية المصنوعة من جلود الماعز التي تستخدم البدويات في تصنيعها أدوات بدائية تجعلها من القطع التراثية النادرة التي يحرص من يقتنيها على الحفاظ عليها كتحف نادرة.
وتعد هذه الصناعة من التراث البدوي القديم، الذي يمتد منذ مئات السنين، وتدخل ضمن جهاز العروسة ولا يخلو بيت من بيوت بدو مطروح منها، وأخذت تتطور هذه الحرفة شيئًا فشيئًا مع مرور الزمن؛ لكن مع الحفاظ على أصولها البدوية العريقة وتتقنها السيدات البدويات وخصوصًا كبار السن.
ومن أبرز هذه الصناعات الحرفية "صناعة الحوايا"، الأكثر شهرة في القرى والنجوع المنتشرة في صحراء محافظة مطروح، إذ تصنعها البدويات من صوف الأغنام، التي يتم الحصول عليها في أوقات معينة من العام أو ما يسمى يوم "الجلامة"، إذ يخصص ملاك قطعان الغنم يومًا مع بداية فصل الصيف، وارتفاع درجة الحرارة لجز صوف الخراف، تمهيدًا لاستخدامها في صناعة المنسوجات الصُوفية البدوية.
ويعد صوف الأغنام "البرقي" من أفضل وأجود أنواع الأصواف في الصحراء الغربية للطلب الكبير عليه، إذ يدخل في كثير من الصناعات رغم المنافسة الشرسة من الصوف الصناعي، ولكنه لم يتم استغلاله أو الاستفادة منه في الوقت الحالي.
ويشتغل بهذه الحرفة النساء فقط واللاتي يعتمدن عليها كحرفة تدر دخلًا للمساهمة في أعباء الحياة، ويبلغ عدد المشتغلات بها نحو ألف سيدة بمختلف قرى ونجوع المحافظة، خصوصًا مركز مدينة سيدي براني نحو 160 كيلو متر غرب مدينة مرسى مطروح العاصمة، حيث يعد هذا المركز أبرز المناطق المنتجة للحوايا والصناعات اليدوية الحرفية، وليس في إنتاج الحوايا فقط.
وعن مساحات "الحوايا" فهي تبدأ من مترين ونصف إلى أربع أمتار، وتحتاج إلى قرابة 6 أشهر لإنجازها ويعمل بها 3 أو 4 سيدات، وتحتاج إلى استخدام كل غرزة على حدة في تناسق لوني بديع، يشمل 6 ألوان هي الأحمر والأبيض والأخضر الغامق والفاتح والبني والأزرق، وتبلغ سعر تكلفة المتر الواحد 150 جنيهًا، والتكلفة ضعيفة جدًا لا تتناسب مع الجهد المبذول في إتمام هذا العمل.
و كانت المرأة البدوية قديمًا تستخدم وسائل بسيطة في غزل الصوف الخام، أهمها المغزل، وبعد تحويل الصوف الخام إلى خيوط يتم صبغه بالألوان، وتبدأ مرحلة نسج الصوف باستخدام النول اليدوي البسيط، الذي كانت المرأة البدوية تقوم بتصميمه بأدوات بدائية قديمة على متسع من الأرض، أو باستخدام أنوال بسيطة، ويتم حاليًا تصنيع وإنتاج منسوجات الصوف من خلال مصانع وورش كبيرة، مثل مصنع الصوف بالقرب من قرية القصر شرق مرسى مطروح.
إضافة إلى بعض الأسر التي تنتج وتعرض إنتاجها بالأسواق أو من خلال معارض الأسر المنتجة، التي ينتشر معظمها في مناطق وادي الرمل وأم الرخم، كما تنتجها مصانع وورش في مراكز عدة في البحيرة وأطراف الإسكندرية.
وهناك خطة لتشجيع الصناعات اليدوية تنفذها محافظة مطروح من خلال إدارة تنمية القرية، إذ تمنح قروضًا ميسرة دون فوائد للبدويات، لشراء الصوف والأصباغ، ولكن عمليات التسويق تحول دون إقبال البدويات على التصنيع، التي تتعرض لخطر الانقراض فضلًا عن ارتفاع أسعار خامات صوف الضأن ووبر الجمال، وجشع التجار الذين يشترون هذه المنتجات من البدويات بأسعار بخسة، ويعرضونها للبيع بأسعار تصل إلى 5 أمثال ما دفعوه فيها.
ويقبل السياح الأجانب على "الحوايا" التي يتم عرضها بالفنادق الكبرى والمنتجعات السياحة والتي تستقبل وفودًا كثيرة من السياح الأوربيين، لاسيما الإيطاليين عن طريق سياحة الشارتر، ولكن تحتاج هذه الصناعة إلى دعم من الدولة من تنظيم معارض لإبراز هذا التراث القديم للحفاظ على بقائه على قيد الحياة.