العريش - مصر اليوم
تحدث الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار السابق، ضمن فعاليات منتدى شباب العالم في شرم الشيخ صباح أمس الإثنين، خلال كلمته أشار إلى أن "المنحوتات الفرعونية تؤكد أن الجيش المصري استهدف الجماعة الإرهابية في سيناء بالأسهم والنبال، دون أن يصيب طفلاً ولا سيدة". وقال "حواس" نصًا: "كان عندنا مشكلة في سيناء، جماعة إرهابية طلعت ودخلوا في مكان وحطوا أطفال ونساء قدام جيش مصر، والكلام ده مكتوب بالهيروغليفي وأنا لا أزايد، الجندي المصري مضربش طفلة ولا ست، فطلع بحاجات عالية وقدر بالسهام يجيب البؤرة الإرهابية".
تبدو تصريحات "حواس" غير مألوفة لبعض الجمهور، متسائلين عن حقيقة وجود جماعات إرهابية في سيناء قبل 4 آلاف و200 عام، وهو ما كشفت حقيقته الدكتورة سامية الميرغني، مدير عام التلف البيولوجي بمركز بحوث وصيانة الآثار، وتقول "سامية" إن الحدود الشرقية لمصر شهدت هجمات دائمة في عهد الفراعنة، حتى أن الهكسوس دخلوا إلى البلاد منها، مردفةً: "بوابة مصر الشرقية دايمًا كانت مصدر لدخول القبائل الجعانة، أو بتغير منها القبائل اللي في حالة قحط".
دللت "سامية" على صحة قولها بالإشارة إلى طريق حورس الموجود في سيناء، منوهةً إلى أن الفراعنة كان يسلكونه في السابق لصد الهجمات على البلاد، خاصةً المتمردين أو المغيرين على الأراضي، كذلك تواجدت القلاع الحصينة في منطقة القنطرة للدفاع عن مصر. وذكرت "سامية" أن الهجمات من الحدود الشرقية بدأت منذ عهد الملك مينا، كما صد تلك المحاولات التخريبية الملك تحتمس الثالث، ورمسيس الثالث، ورمسيس الثاني، والذي سجل انتصاراته في تلك المنطقة على جدران معبدي أبوسمبل والأقصر، وهو نفس ما لجأ إليه الفراعنة الآخرين.
ما روته "سامية" تطابق مع إعلان فاروق حسني، وزير الثقافة آنذاك، في 23 يوليو 2007، حينما تم اكتشاف "أضخم التحصينات الدفاعية المصرية على طريق حورس الحربي، بمنطقة تل حبوة بسيناء شرقي قناة السويس"، وذلك خلال أعمال الحفائر التي قامت بها بعثة المجلس الأعلى حسب المنشور بـ "المصري اليوم" وقتها. وأوضح حينها فاروق حسني أن الكشف يتضمن بقايا قلعة عسكرية ضخمة ذات أسوار مشيدة من الطوب اللبن، يبلغ سمك جدرانها ١٣ مترًا، ومزودة بمدخل جنوبي بعرض ١٢ مترًا.
في حين ذكر زاهي حواس، الذي كان يشغل وقتها منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أنه تم العثور أيضًا على مسار المجري المائي الذي يحيط بالقلعة لحمايتها من تسلل الأعداء، مشيرًا إلي أن النقوش الخاصة بالملك "تي تي الأول" من الأسرة ١٩، الموجودة بمعبد الكرنك، تصور المانع المقام حول محيط القلعة الحربية، والجسر الخشبي المتحرك الذي استخدمه الجنود كممر من وإلي أسوار القلعة.
على الجانب الآخر نوّه الدكتور محمد عبدالمقصود، رئيس بعثة الكشف، إلي أن القلعة المكتشفة حينها مزودة بـ 24 برجًا للمراقبة، يصل عرض الواحد منها ٢٠ مترًا وسمكه ٤ أمتار، قائلاً إن هذا الحصن يعتبر الواجهة الشرقية لمدينة "ثارو" المصرية القديمة، التي كانت تعتبر نقطة انطلاق للجيوش المصرية لتأمين حدود مصر الشرقية في عهد الدولة الحديثة.
أشار "عبدالمقصود" إلى أن أهمية الكشف تكمن في التعرف على مدى ضخامة التحصينات العسكرية خلال الأسرتين الـ ١٨ والـ ١٩ لتأمين شرق الدلتا ومدينة "برعمسو"، التي أقامها رمسيس الثاني بموقع مدينة قنطير الحالية بمحافظة الشرقية، مبينًا أن البعثة عثرت حول أسوار القلعة علي بقايا عظام خيول وعظام آدمية. وأكد "عبدالمقصود" أنه بعد العثور على هذه القلعة يتأكد الكشف عن ثلاث قلاع من معالم طريق حورس الحربي القديم بين مصر وفلسطين بشمال سيناء، والذي يضم ١١ قلعة حربية تمتد من القنطرة شرق حتى حدود رفح المصرية، مشيرًا إلى أن القلعة الأولي هي نقطة الانطلاق ورأس الطريق المعروفة بمدينة ثارو، وتوجد على بعد ٣ كيلومترات شرق قناة السويس.