القاهرة - مصر اليوم
اعتاد المسلمون في مصر وغيرها من دول العالم على ختم القرآن الكريم على مدار شهر رمضان المبارك، ولكن هل تعلم أنه في مصر كان يتم إحياء شهر رمضان كذلك بختم صحيح البخاري منذ بداية الشهر الكريم وحتى نهايته بالتزامن مع ختم القرآن ليلة 27 رمضان والتي توافق على رأي الجمهور ليلة القدر. تبدأ حكاية ختم صحيح البخاري في رمضان في عهد الدولة المملوكية، وتحديدًا في شهر رمضان سنة 775هـ/ 1373م عندما دعا السلطان الأشرف شعبان (764-778هـ / 1362-1376م) قاضي القضاة الشافعي وعدداً من المشايخ الى حضور سماع الحديث في قصر القلعة، وكانت قراءته تبدأ في أول رمضان وتختم في السابع والعشرين منه. واستمرت عادة ختم البخاري بداية من شهر رمضان حتى تولى السلطان المؤيد شيخ (815-824هـ / 1412-1421م)، فكان حريصًا على أن يبدأ ختمة البخاري من أول شعبان إلى السابع والعشرين من رمضان. وكان حكام وسلاطين المماليك في مصر حريصين على هذه العادة وكانوا يحتفلون بختم البخاري في الثلث الأخير من رمضان ويوزيعون الهدايا والهبات والخِلع في نهاية الاحتفال. وعن قراءة صحيح البخاري كاملًا في قلعة الجبل – مقر حكم المماليك في مصر – في شهر رمضان يقول ابن تغري بردي في «النجوم الزاهرة»: «كانت العادة من أيّام الأشرف شعبان بن حسين (ت 778هـ) أن تبدأ قراءة البخاري في أول يوم من شهر رمضان، ويحضر قاضي القضاة الشافعي، والشيخ سراج الدين عمر البلقينىّ وطائفة قليلة العدد لسماع البُخاري، ويختم في سابع عشرينه، ويُخلع على قاضي القضاة، ويركب بغلة بزنّاري (غطاء من الصوف للبغلة أو الفرس) تُخرج له من الإسطبل السلطاني، ولم يزل الأمر على هذا حتى تسلطن المؤيَّد شيخ (ت 824هـ) فابتدأ بالقراءة من أول شعبان إلى سابع عشرين شهر رمضان، وطلب قضاة القضاة الأربعة ومشايخ العلم وقرّر عدّة من الطلبة يحضرون أيضا». وأصبح ختم صحيح البخاري عادة مصرية مملوكية يحرص على إحيائها وحضورها السلاطين والقضاء وكبار رجال الدولة في العلماء، ويتزامن ذلك مع ختم القرآن الكريم، ويكون حفل الاختتام كذلك مشهودًا فتُقرأ القصائد، ويجتمع المؤذنون ليُكبِّروا جماعة في موضع الختم، ثم يُؤتى بفرس أو بغلة تخرج من الاسطبل السلطاني ليركبها القارئ الذي تولّى قراءة الختمة ويزفّوه إلى بيته في موكب هائل وأمامه القُرَّاء يقرأون والمؤذنون يكبرون والفقراء يذكرون، وربما أضاف بعضهم إلى ذلك ضرب الطبل والدف والأبواق.