القاهرة - محمد التوني
لحقت خدمات الجامعات المصرية للآلاف من الطلاب في شتى المحافظات بركب ارتفاع أسعار السلع والخدمات المنطلق بلا هوادة منذ أشهر في جميع القطاعات مع بدء العام الدراسي الجامعي الجديد، وكأن الأسرة المصرية على موعد مع "قهر الأسعار" باستمرار، حيث قفزت مصروفات إقامة الطلاب المغتربين داخل المدن الجامعية من 165 إلى 350 جُنيهًا للشهر الواحد، وهو المبلغ الذي وصفته وزارة التعليم العالي بحد أقصى للمصروفات تتولى كل جامعة تخفيضه حسبما يتراءى لها.
جاءت الزيادة مُحبطة للعديد من الطلاب الملتزمين بالارتحال سنويًا للمدن الجامعية من شتى المحافظات، حيث لم تبد في نظر البعض سوى ثقل جديد يُنهك ميزانيات ذويهم ولا يتناسب وجودة ما تقدمه المدن الجامعية من خدمات معيشية أو أطعمة وتغذية، الأمر الذي دفع بعض الطلاب لترتيب أولوياتهم والبحث عن بدائل اقتصادية تغني عن الإقامة داخل الحرم الجامعي ولو حملتهم مزيدا من الأعباء اليومية.
تم عمل استطلاع أحوال عدد من الطلاب المغتربين في محافظة القاهرة، والمُنتسبين لجامعات القاهرة وعين شمس والأزهر وحلوان ورصدت اعتراضاتهم على الزيادة وتحفظاتهم على ما توفره المدن الجامعية من خدمات، بجانب زيادة أسعار الشقق بجوار الجامعات بشكل مبالغ فيه.
بالقرب من قبة جامعة القاهرة حيث العراقة والأصالة، تحديدًا في منطقة "بين السرايات" أمام باب كلية التجارة، تجد المدينة الجامعية للطلاب، وعند دخولك غرفة الطلبة تجد جدرانها شاهدة على العديد من القصص والأفراح والمعاناة أيضًا، ففي الغرفة التي لا تتعدى مساحتها الـ10 أمتار التي تسع طالبين فقط، تجد سرير الطلبة مكونا من طابقين لضيق مساحة الغرفة، أمامه مكتبان من حديد لا تتعدى مساحة المكتب الواحد متر× متر، وفي الغرفة دولاب واحد فقط للملابس يتقاسمه الطالبان المقيمان في الغرفة، فمنذ قيام الملك فاروق بوضع حجر الأساس للمدينة الجامعية بجامعة القاهرة في 12 فبراير 1949، أصبحت المدينة الجامعية ملاذًا للطلبة المغتربين الذين يسعون جاهدين لطلب العلم، وكانت المدينة شاهدة على ذكريات الطلاب، أما الآن ومع زيادة مصاريفها الشهرية إلى 350 جنيها، باتت شاهدة على ثقل كاهل الطلبة وذويهم، وبعيدا عن المدينة الجامعية، نجد السكن الخاص الذي قفز سعره هذا العام إلى 3 آلاف جنيه، ويتراوح حسب المساحة وعدد الطلاب المشاركين في الغرفة، ليصبح الطلبة بين الأمرين "عذاب المدينة والسكن الخاص" مما جعلهم يبحثون عن عمل بجانب الدراسة لتلبية مطالبهم لحين التخرج.
متفردة عن أغلب الجامعات في مُحيط القاهرة الكبرى، تقع مباني مدن الطلاب والطالبات التابعة لجامعة حلوان داخل نطاق الحرم الجامعي مترامي الأطراف، تحديدًا على بعد أمتار عديدة من البوابات الرئيسية جهة اليمين، ما يتيح للمغتربين من طلاب الجامعة فرصة اختصار ساعات التنقل بين المواصلات العامة وصولًا لحرم الجامعة، إضافة إلى التكاليف الاقتصادية المتغيرة بسبب ارتفاع أسعار الوقود.. تقع مباني مدينة الطلاب والطالبات على بعد أمتار من بوابات الجامعة الرئيسية، وبحسب موقع الجامعة يصل إجمالي عدد مبانيها إلى 17 مبنى يقدم خدماته لـ4300 طالب وطالبة سنويا، رغم ذلك وقبل بدء الدراسة تبدو المدينة الطلابية ساكنة شديدة الهدوء، منعزلة عن محيط الجامعة حيث يجوب الطلاب المستجدون وأولياء أمورهم المنطقة لتقديم الأوراق اللازمة للالتحاق بالكليات المختلفة، من وجهة نظر أخرى، لن تعود المدينة كما كانت في موسم التسكين للفصل الدراسي المقبل، حيث لن يدفع الطالب الواحد 165 جُنيها مقابل إقامته، بل 350 جُنيها على أقصى تقدير.
"أحمد ضيف" طالب بجامعة الأزهر كلية علوم، يعمل على تجهيز وترتيب أموره للانتقال إلى القاهرة مع بداية الفصل الدراسي الجديد كما يفعل كل عام حيث ينتقل من مسقط رأسه بمحافظة الغربية إلى المدينة الجامعية الخاصة بجامعة الأزهر في مدينة نصر. يقول طالب الفرقة الثالثة: "أنا لسه بدرس، طبيعي أكون باخد مصاريفي من البيت، وإحنا عائلة ريفية على قد حالها، السنة اللي فاتت كنت بتدبر أموري بصعوبة بالغة، مش عارف بعد الزيادات الجديدة اللي الوزارة أقرتها دي هكون قادر عليها ولا لا".
في رده على قرار زيادة رسوم المدن الجامعية قال الدكتور يوسف راشد، رئيس المجلس الأعلى للجامعات، إن الزيادة لا تعادل التكلفة الحقيقية التي يحتاجها الطالب للسكن والتغذية في المدينة، مشيرا إلى أن التكلفة الحقيقية للطالب الواحد 1125 جنيها شهريا، وقال: «ما يتحمله الطالب لا يساوي فقط قيمة البيض أو كوب شاي في اليوم».
حالة من الاستياء سادت بين طلاب الجامعات في المحافظات قبل بدء العام الدراسي بسبب ارتفاع أسعار الإقامة في المدن الجامعية، حيث أكدوا أن الرسوم اقتربت من السكن الخارجي وهو ما يحمل الطلاب وأولياء الأمور فوق طاقتهم.
في الأقصر، اشتكى عدد كبير من الطلاب من ارتفاع أسعار الإقامة بالمدن إلى الضعف، مما أثار غضبهم لعدم قدرة الكثير منهم على تحمل الزيادة، مطالبين بمراعاة البعد الاجتماعي والاقتصادي لطلاب الصعيد، مؤكدين أن تطبيق الزيادة الجديدة التي تم الإعلان عنها لتصل التكاليف إلى 350 جنيها سوف تؤدي إلى عدم قدرة عدد كبير من الطلاب على التواجد فيها. وقال علاء باشا، طالب، إن ارتفاع أسعار المدن الجامعية اقترب من السكن الخاص الذى يتميز بوجود كماليات بالشقة من تكييف وأجهزة كهربائية متنوعة.