البابا فرنسيس بابا الفاتيكان خلال زيارته الأخيرة لمصر

 كشف البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، خلال زيارته الأخيرة لمصر،  عما في دواخله تجاه "أرض الأديان والأنبياء"، بكلمات مثل "السلام عليكم"، "مصر أم الدنيا"، " الدين لله والوطن للجميع"، "تحيا مصر"، وكانت مقدمة طبيعية لموافقته على مسار رحلة العائلة المقدسة، لاعتمادها ضمن رحلات الحج المسيحي؛ الأمر الذي سيحقق للدولة المصرية مكاسب حقيقية تعود بمليارات الدولارات حال استغلالها جيدا من قبل الحكومة.
 
وتأتي خطوة حج المسيحيين إليها، ليفتح الباب على مصراعيه لعودة السياحة، وبقوة، بعد 6 أعوام من الركود والتراجع نتيجة الأحداث التي مرت بالبلاد من 2011 وتبعاتها على السياسة والاقتصاد، وهو الأمر الذي يفرض على الدولة المزيد من التحديات لإثبات قدرتها على الترويج لهذا الحدث التاريخي، الذي إذا ما استغلته الحكومة المصرية جيدا وكانت قادرة على ترجمته على أرض الواقع، فإنه "سيعوّض ما فات"، بخاصة أن الجمهور المستهدف يقارب الـ 1.2 مليار مسيحي كاثوليكي.

ويتكون برنامج رحلة العائلة المقدسة من 25 محطة تبدأ ببداية المسار من الفرما إلى تل بسطة حتى مسطرد ويستكمل المسار ليصل إلى سخا منها إلى وادي النطرون، و يضم وادي النطرون 4 أديرة مهمة، وهي دير الأنبا بيشوي ودير السيدة العذراء "السريان"، ودير البراموس، ودير القديس أبو مقار، ويضم دير الأنبا بيشوي مزار (مدفن) البابا شنودة ومائدة الرهبان وحصن الخباز.

ويستكمل المسار طريقه ليصل إلى المطرية في القاهرة، حيث توجد هناك شجرة مريم، وكنيسة السيدة العذراء في الزيتون، وكنيسة أبو سرجة وهي أقدم كنيسة في القاهرة، ومكثت العائلة المقدسة في موقعها في رحلتي الذهاب والعودة، حيث يوجد موقع التعميد بالكنيسة والبئر الذي شربت منه العائلة المقدسة.

وتتجه الرحلة إلى مجمع الأديان بالقاهرة الذي يشمل الكنيسة المعلقة ومسجد عمرو بن العاص، وهو أقدم مسجد في أفريقيا، والمعبد اليهودي "بن عزرا"، لتتجه بعد ذلك إلى كنيسة العذراء في المعادي، التي يوجد بها المذبح، ثم إلى البهنسا وصولاً إلى كنيسة جبل الطير الأثرية والتي يوجد بها المغارة المقدسة.

ويتجه المسار بعد ذلك إلى جبل الطير في المنيا ومنه إلى دير المحرق بأسيوط وبه أول كنيسة شيدت في مصر تحقيقاً للنبوءة الواردة في سفر أشعياء، حيث أقامت بهذا الموقع العائلة المقدسة فترة وصلت إلى 6 أشهر و10 أيام، وهي أطول مدة ظلت فيها العائلة المقدسة بموقع واحد أثناء تنقلها لتتجه بعد ذلك إلى دير جبل درنكة في أسيوط أيضًا، حيث أقامت به العائلة المقدسة في طريق العودة، وبها مغارة بالجبل تضم مجموعة من الأيقونات.

وقال القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبو سرجة في مصر القديمة، إن كنيسته  شهدت أعمال ترميم شامل على كل المستويات، بخاصة وهي الموقع المقدس الوحيد في مصر الذي زاره المسيح مرتين، الأولى حين وقف قاربه قادمًا من رفح على المرسى النيلي المواجه للكنيسة والمرة الثانية في طريق عودته. وقال إن المغارة الأثرية التي سكنتها العائلة المقدسة كانت تعاني الرطوبة ورشح المياه، فرممتها الكنيسة بالتنسيق مع وزارة الآثار المصرية وذلك للإبقاء على صورتها الأثرية مضيفًا: أجرينا دراسات على الكنيسة واستكشفنا هيئتها الأثرية وقت بنائها في القرن الرابع الميلادي، حتى ظهرت لنا الأرضية التي داسها السيد المسيح، فغطيناها بغطاء زجاجي لكى يراها الزوار.

واستكمل: زودنا الكنيسة بخريطة ضخمة لرحلة العائلة المقدسة مجسمة لكي يرى منها السياح مسار الرحلة بكل وضوح معربًا عن سعادته باعتماد الأيقونة فى الفاتيكان. وقال يحيي راشد، وزير السياحة، إن اعتماد رحلة الحج له أهمية سياسية واقتصادية كبيرة جدا، بخاصة أننا نخاطب عددًا كبيرًا من راغبي الحج الذي قدم له السيد المسيح.

وأضاف "راشد"، أن مصر تلعب دورًا مهمًا بشأن السياحة الدينية وستستغل الحركة أفضل استغلال على المجال الدولي، وستتواجد علي قوائم الحج الصادرة عن بابا الفاتيكان. وأوضح وزير السياحة، أن اعتماد مسار رحلة العائلة المقدسة يؤكد دور مصر عموما وأن الحراك السياسي له نواحٍ إيجابية للاقتصاد ودعم السياحة واستعادة مصر لمكانتها في قطاع السياحة.

وأشار إلى أن الإيراد السياحي يحقق طفرة مهمة جدا، ومستوى الإنفاق في زيادة وهو أعلي من عام 2010 ، مؤكدا أن مستوى ونوعية السائح مختلفة وهذا نوع جديد. وأكد نادر جرجس، عضو لجنة إحياء مسار العائلة المقدسة المشكلة بقرار من وزير السياحة، إن اعتماد بابا الفاتيكان لمسار العائلة المقدسة كأحد برامج الحج الفاتيكاني يعتبر نقلة نوعية في تاريخ مصر سياسيا وسياحيا واقتصاديا.

وأضاف أن بدء رحلات المسار ستكون خلال شهر مايو/ آيار 2018، مشيرًا إلى أن تلك الرحلات ستساهم في حدوث انتعاشة سياحية كبرى للمواقع التي مرت بها العائلة داخل مصر. وتابع: "ملايين الأقباط حول العالم التي تعتبر الفاتيكان قبلة لهم سيزورون مسار العائلة المقدسة ما يُزيد أعداد السياح الوافدين لمصر سنويا ويعظم من الإيرادات المحققة من صناعة السياحة".

بدوره، قال السفير جلال الرشيدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن تلك الزيارة لها تبعاتها الإيجابية منها أنها تشجع السياحة إلى مصر في ظل ظروف اقتصادية خاصة بعد نقص السياح القادمين إلى القاهرة خلال السنوات الماضية بعد حادث سقوط الطائرة الروسية في شرم الشيخ، وتحذير الولايات المتحدة لرعاياها في مصر وكذلك الأزمة مع إيطاليا بعد مقتل الطالب جوليو ريجيني قبل عامين".

وأضاف أن اعتماد الفاتيكان للمسار بمثابة إعلان للسياحة إلى مصر في أوروبا ودول أميركا اللاتينية، مشيرًا إلى أن البابا فرانسيس بابا الفاتيكان له قداسة وتأثير روحاني على الكثير من الأقباط الكاثوليك، والاعتماد يعتبر دعوة للسياح من مختلف بلاد العالم لزيارة مسار العائلة المقدسة في مصر.