القاهرة - محمود حساني
ابتلي المجتمع المصري بالعديد من الظواهر السلبية خلال الأعوام الستة الأخيرة، والمتمثلّة في انتشار عمليات النصب والخداع وزيادة حالات الانتحار والسرقة والخطف، غير أن ظاهرة "خطف الأطفال"، تقع على رأس تلك الظواهر، لما تُمثلّه من خطورة كبيرة تُهدد كيان الأسرة وتماسك المجتمع.
وظاهرة " خطف الأطفال " يمّكن اعتبارها، وليدة الوقت الراهن، وهذا لا يمنع أنها كانت متواجدة في الماضي، ولكنها كانت تُعد بمثابة "حالات فردية"، خلاف الوقت الراهن، إذ استفحلّت الجريمة وأصبحت "ظاهرة "، بعد أن وجدت المناخ الملائم لها، في ظل الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، وما صاحبها من إنفلات أمني، ساعد كثيرًا في ارتكاب العشرات من جرائم خطف الأطفال، إما بقصد التسّول أو الإتجار بهم أو طلب فدية من أهلهم.
فيما سجّل المجلس القومي للأمومة والطفولة، خلال الربع الأول من عام 2017، 132 حالة لخطف أطفال، وهو ما دفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، و"تويتر"، تدشّين عدد من الصفحات لمساعدة الأسر على العثور على أبنائها، أبرزها "صفحة ولادنا خط أحم"، وأخرى "أطفالنا متغيبين "، و"أطفال مفقودة" .
بعيون تملئها الدموع، قالت والدة الطفل أحمد عزوز: "أن ابنها تعّرض لعملية خطف خلال رجوعه من النادي، منذ 5 أشهر، ومنذ ذالك الوقت لم يتم العثور عليه، بعد معاناة طويلة من عمليات بحث متواصلة، مضيفة: "لم أفقد الأمل يومًا واحدًا، ولن يُخيب المولى –عزوجل- دعائي، وسنعثر على ابننا".
بينما أوضحت شقيقة الطفل، حسين محمد ناجي، أنها شقيقها متغيب من المنزل منذ خمسة أشهر، وطوال تلك الفترة، "نبحث عنه من وقتٍ إلى آخر، حتى أصبحنا على تواصل مع بعض الوسطاء الذين يتعاونون مع عصابات خطف الأطفال، لكن بلا جدوى ".
فيما هاّجم شقيق الطفل سمير أبوالمعاطي، الأجهزة الأمنية، قائلًا: "هناك حالة إهمال وتقصير في فحص البلاغ الذي تقدمت به أسرتنا، عقب تغيب شقيقي سمير، عن المنزل، منذ 16 يومًا، ولم يتحرك أحد لمساعدتنا"، داعيًا المجلس القومي للأمومة والطفولة، سرعة التحرك، رحمة بوالدته التي أصابها الوهّن والعجز، منذ تغيب شقيقه عن المنزل".
من جانبهم، أكد خبراء علم الاجتماع ، في لقاءات مع "مصر اليوم "، أن خطف الأطفال، مسؤولية تقع في المقام الأول والأخيرة على عاتق الأسرة، حيث أنها مُطالبة ببذل قدر كبير من العناية والاهتمام والحرص بأبنائها، في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها مصر، من انتشار الجرائم، وإنفلات أمني واضح في مناطق معينة، لا يتواجد فيها رجال الشرطة، مثل مدينة بدر والشروق في القاهرة .
وأضاف الخبراء: "أنه من الصعب إيجاد حلول فورية لمواجهة ظاهرة خطف الأطفال، لأنها ظاهرة متشابكة، تستند إلى أسباب اقتصاية واجتماعية وأمنية، عند معالجة هذه الأسباب، من المُمكن أن نقضي عليها"، فيما أكد أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإسكندرية، عبدالعزيز رفاعي، أنه "إذا كانت الأسرة هي المسؤولة رقم واحد، فهذا لا يعني أن نعفي الدولة من تلك المسؤولية، إذ أنه يقع على عاتقها مسؤولية، بسط الأمن لمواجهة عصابات خطف الأطفال، وأن تبذل الأجهزة الأمنية، قصارى جهدها للعثور على الأطفال المختطفين، وإعادتهم مُجددًا إلى حضن أسرهم".
وشّددت أستاذة علم الاجتماع في جامعة القاهرة، الدكتورة بسنت صبحي، على أهمية دور الأسرة في مواجهة تلك الظاهرة، في ظل حالة الإهمال التي تنتاب قطاعًا عريضًا من الأسر، وتسمح لأبنائها بالسير بمفردهم، سواء أثناء الذهاب إلى المدرسة أو النادي، ما يجعلهم فريسةً سهلة لعصابات خطف الأطفال.
وأشارت أستاذة علم الاجتماع، إلى أن القوانين الحالية كافية لردع هؤلاء المجرمين، وهناك عقوبات مُشددة يتم توقيعّها عليهم، لكن المشكلة تكّمن في صعوبة كشف هؤلاء المجرمين أو تتبعهم .