طرابلس ـ فاطمة سعداوي
قُتل 5 أشخاص وأصيب 17 آخرون، في اشتباكات بين مجموعات مسلحة تتبع حكومة الوفاق، في منطقة "العرادة" التابعة لبلدية "سوق الجمعة"، شرقي العاصمة الليبية طرابلس. وقال مدير مستشفى الميداني في طرابلس، عبد الدائم الرابطي، إن 5 أشخاص قتلوا، بينهم عسكريون ومدنيون، وأصيب 17 آخرون جلهم من المسلحين.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن الاشتباكات اندلعت، مساءالجمعة، في منطقة العرادة بين مجموعات مسلحة تتبعان وزارة الدفاع بحكومة الوفاق، إحداها تابعة للكتيبة 42، والأخرى تابعة لكتيبة "عبد الرؤوف الجابري"، التي تتخذ من مصنع "النضائد" السابق مقرًا لها
ونقلت "قناة 218 " (خاصة)، عن مصادر لم تذكرها، بأن الاشتباكات حدثت بين كتيبتي 42 بقيادة عبدالحكيم الشيخ، والكتيبة التي يقودها عبدالرؤوف الجابري، والتي تتخذ من مقر النضائد" بمنقطة العرادة مقرا لها. وأوضح المصدر أن ذلك وقع على خلفية حدوث مشاجرة، ليلة الخميس، بين أفراد تابعين للكتيبتين في إحدى المزارع في منطقة عين زارة (تابعة لبلدية سوق الجمعة)، واشتد الخلاف بينهم، مساء الجمعة، بعد هجوم كتيبة 42 على مقر كتيبة الجابري، وسيطرت عليه.
من جهة ثانية، عثرت السلطات الليبية، الجمعة، على رفات 21 قبطياً مصرياً بث تنظيم "داعش" الإرهابي، قبل عامين، فيديو لعملية ذبحهم في مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس). وقد جائ ذلك بفضل اعترافات متهمين أرشدا عن موقعها. وقال مكتب النائب العام الليبي إن "الأجهزة المختصة عثرت على 21 جثماناً وجدت مكبلة الأيادي ومقطوعة الرأس، وبالزي البرتقالي، كما ظهرت في الإصدار (الفيديو)، الذي بثه داعش قبل عامين (في 15 فبراير/ شباط 2015)"، بحسب المركز الإعلامي لقوات عملية "البنيان المرصوص".
وكان مكتب النائب العام أعلن، في مؤتمر صحفي في العاصمة طرابلس، في 28 سبتمبر/ أيلول الماضي، إلقاء القبض علي أحد منفذي ومصور واقعة ذبح الأقباط المصريين، وتحديد مكان دفنهم خلف فندق "المهاري" في سرت. وقبل شهر بثت السلطات الليبية اعترافات لـ"قاضي الأحوال المدنية في داعش"، ويدعي فوزي بشير العياط الحسناوي، بعد إلقاء القبض عليه، إثر إصابته في عملية تحرير سرت. وقال الحسناوي، إن "المقنع، الذي ظهر في الإصدار المرئي لإعدام الأقباط وهو يقرأ رسالة باللغة الانجليزية هو أبو عامر الجزراوي، وهو سعودي الجنسية قتل في سرت".
تمكَّنَت غرفة أمنية موالية لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السرّاج، أمس، من تحرير مدينة صبراتة (70 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس) بعد قتال عنيف دام قرابة ثلاثة أسابيع مع "الكتيبة 48 مشاة" المحسوبة أيضاً على وزارة الدفاع في حكومة "الوفاق الوطني"، فيما قال رئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي، في تصريحات من إيطاليا، إن ليبيا "تخوض معركة عالمية للقضاء على الإرهاب".
وفور إعلان غرفة عمليات محاربة تنظيم داعش في صبراتة، أمس، أنها بَسَطت سيطرتها على المدينة، سارع المتحدث باسم قوات الصاعقة، العقيد مليود الزوي، التابعة للجيش الوطني الليبي، بالقول: هذا فتح خير على القوات المسلحة الليبية، ودعا إلى التحضير لما بعد صبراتة.
وعبّر السرّاج عن ارتياحه البالغ لتحرير صبراتة، ودعا إلى تحكيم العقل، بعيداً عن مثيري الفتن. وأضاف السراج في بيان نشره على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أمس، ممهور بتوقيع القائد الأعلى، أنه يعرب عن تقديره البالغ لغرفة محاربة تنظيم داعش التابعة لحكومة الوفاق التي كانت على قدر المسؤولية في إعادة الأمن للمدينة، داعياً الجميع إلى تحكيم العقل في التعامل مع الموقف الحالي وتغليب المصلحة العامة وسد الباب أمام محاولات التأجيج.
في السياق ذاته، أوضح المدير الإعلامي لغرفة عمليات محاربة "داعش" صالح قريصيعة، أن قوات الغرفة دحرت الكتيبة 48 ودفعت قائدها أحمد الدباشي المعروف بـ(العمو) للهروب غرب المدينة مع ميليشياته، ويجري البحث عنهم لتقديمهم إلى العدالة. وأضاف قريصيعة لـ"الشرق الأوسط" أن الدباشي متورط في تهريب الوقود، وتجارة البشر، وكتيبته غير شرعية. ورداً على حديث لقائد الجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، بأن الحرب الدائرة في صبراتة بين ميليشيات وضباط من الجيش الوطني، في إشارة إلى غرفة عمليات صبراتة، أجاب قريصيعة أن غرفته الأمنية تأسست بقرار من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، ولا تتبع قوات حفتر مطلقاً. وتابع: نحن لم نتلقَّ دعماً من الجيش طوال الفترة التي قاتلنا فيها ميليشيات العمو، ولا يحق لأحد استخدام انتصاراتنا لأغراض خاصة.
وبادر المتحدث باسم القوات الخاصة "الصاعقة" العقيد مليود الزوي، التابعة للجيش الوطني، مبكراً بالإعلان عن تحرير صبراتة، وهزيمة من سماهم بـ"الخوارج"، في إشارة إلى الكتيبة 48 مشاة. وقال الزوي، في بيان نشرته صفحة تحريات القوات الخاصة على "فيسبوك" أمس: الحمد الله استبشرنا هذا الصباح بتحرير صبراتة، وهناك فرحة عارمة من مواطنيها، والمعنويات عالية، مثمناً جهود المقاتلين الذين أسهموا في النصر. ودعا الزوي إلى تأمين المدينة بالكامل والتجهيز إلى ما بعد صبراتة، مختتماً: هذا فتح خير على القوات المسلحة الليبية.
وكان حفتر وصف الاشتباكات في صبراتة بأنها حرب شرعية بين ضباط من الجيش الوطني (غرفة عمليات صبراتة) من جهة، وجماعات إرهابية وتجارة البشر. وأضاف: لن تتوقف الحرب هناك قبل تسليم هذه المجموعات لسلاحها وإطلاق سراح أهالي المدينة المعتقلين لغرض الابتزاز وتسليم العناصر الأجنبية التي تقاتل معها.
في السياق، أكد رئيس المجلس الأعلى للدولة، الدكتور عبد الرحمن السويحلي، ضرورة التصدي للتنظيمات الإرهابية بحزم، وقال إن هناك تعاوناً كبيراً بين المؤسسات الليبية والإيطالية في هذا المجال. وأضاف السويحلي في مؤتمر صحافي عقده في مقر وزارة الخارجية الإيطالية أمس مع وزير الخارجية أنجيلينو ألفانو: «لقد أقدمنا على خطوات كثيرة لمواجهة الإرهاب... لكن لا أحد يستطيع أن يقول إننا بمأمن تماماً منه». واستكمل في تصريحات نقلتها وكالة "أكي": هذه معركة عالمية ضد الإرهاب، تتطلب وقتاً طويلاً، لكننا متفائلون ونحن على يقين أننا سنتمكن في النهاية من استئصال هذا السرطان من المجتمع الليبي وطرد الإرهابيين من سرت.
وترافقت الإشادات بإعلان "غرفة عمليات محاربة تنظيم داعش" طرد مسلحي كتيبة أحمد الدباشي الملقب بـ "العمو" وحلفائها من كتيبة "سرايا بنغازي" من مدينة صبراتة (غرب) الساحلية، مع دعوات إلى الجيش الليبي الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر لتحرير العاصمة طرابلس. واتهم عضو مجلس النواب علي السعيدي حكومة الوفاق بدعم ميليشيات الدباشي وحلفائها، ومنحها شرعية العمل على تهريب المهاجرين غير الشرعيين والمحروقات، خصوصاً بعدما ابرمت هذه الحكومة اتفاقاً مع كتيبة الدباشي لمنع القوارب من الانطلاق في اتجاه ايطاليا. وأضاف: بعد الانتصار في صبراتة باتت العاصمة طرابلس قاب قوسين أو ادنى من التحرير على يد الجيش الوطني، وعلى الحكومة الإيطالية ان تختار شريكاً حقيقياً لحماية مصالحها في ليبيا.
إلى ذلك نقلت صحيفة "نو زوركر زايتونغ" الألمانية عن اللواء عبد الرزاق الناظوري، رئيس أركان قوات حفتر قوله: "فزنا في بنغازي، ونذهب الآن الى طرابلس". ولم يكشف الناظوري موعد بدء مسيرة جيش حفتر الى طرابلس، مقر حكومة الوفاق الوطني بزعامة فائز السراج، لكنه ابدى قناعته بأن هذا الجيش الذي يضم 35 ألف جندي، لن يواجه صعوبات كبيرة في طرد الميليشيات الإسلامية والقبلية من معاقلها في طرابلس ومصراتة وصبراتة، معتبراً أن سكان المناطق الغربية سيستقبلون جنوده بأذرع مفتوحة.
إلى ذلك، يسعى السفير البريطاني لدي ليبيا بيتر ميليت إلى تخفيف ردود الفعل الغاضبة بعد تصريح لوزير الخارجية بوريس جونسون تناول انتشار الجثث في مدينة سرت. والتقى ميليت رئيسي المجلس الرئاسي، فائز السراج، والأعلى للدولة، عبد الرحمن السويحلي، أول من أمس، في طرابلس، شارحاً حقيقة ما قصده جونسون. وأبدى السفير البريطاني تفهمه لما أثاره حديث جونسون بين الليبيين، لكنه قال إن كلامه تم تحريفه واجتزاؤه. ورأى أن جونسون كان يعني بعباراته القتلى الأجانب من تنظيم "داعش" الذين قتلوا مئات الليبيين. وأشار ميليت إلى أن سياسة بريطانيا في ليبيا تستهدف دعم المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني، والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار، وإنجاح مسار التوافق بين جميع الفرقاء.