مؤتمر المعارضة القطرية في لندن

أكدت المعارضة القطرية في ختام مؤتمرها الأول في لندن تحت عنوان "قطر في منظور الأمن والاستقرار الدولي" أمس الخميس، على بدء تشكيل نواة لحكومة انتقالية في المنفى، متوقعة أن يشهد العام المقبل 2018 نهاية لحكم نظام تميم بن حمد. وشدد منظم المؤتمر، المعارض القطري خالد الهيل في تصريحات لـ"الاتحاد" على أنه يجب على النظام القطري الالتزام بكل المطالب المطروحة عليه من الدول الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب (الإمارات والسعودية والبحرين ومصر)، ثم يلي ذلك الجلوس إلى مائدة الحوار من أجل إيجاد حل للأزمة. ورأى الهيل أن نظام الدوحة لن يستجيب للمطالب لأن المراهقة السياسية التي يتبناها لن توصل إلى أي حل إيجابي. وأشار إلى اعتزام المعارضة عقد العديد من المؤتمرات في الفترة المقبلة، أولها سيختص ببحث ملف كأس العالم لكرة القدم في قطر 2022.

كما كشف المعارض القطري البارز على آل دهنيم لـ"الاتحاد" أن مؤتمر لندن، الذي حظي بمشاركة لافتة لعدد من الساسة والأكاديميين الغربيين بجانب معارضين قطريين في المنفى، ناقش دعم حكومة انتقالية في المنفى يرأسها الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني في المستقبل. وأضاف إن مؤتمر لندن وضع الأساس الصحيح والولادة الطبيعية للمعارضة القطرية بطريقة رسمية. وكشف عن أن من بين الخطوات المقبلة المحتملة لمعارضة المنفى تنظيم مؤتمر لتقديم نظام الحكم الرشيد في قطر، عبر وضع دستور كامل مكتمل الأركان من الناحية القانونية والسياسية، وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تصاعداً في المعارضة داخل قطر نظراً لنجاح المؤتمر.

فمن جانبه ، أوضح الهيل أن المؤتمر الذي يحظى بحضور عربي وغربي واسع لا يشكل فقط فرصة لعرض وجهة النظر الأخرى في قطر، بل ووجهة النظر الأجنبية الأخرى أيضاً التي تناصر الأفكار المعارضة. وقال رداً على سؤال حول إمكانية دعم المعارضة في المنفى للشيخ عبدالله بن علي آل ثاني الذي قام بوساطة ناجحة مع السعودية بشأن الحجاج، ليكون بديلاً للنظام الحاكم حالياً إنه لا يستبعد ذلك، وإنه ما من سبب يحول دون حدوث هذا الأمر.

ونفى الهيل وجود الشيخ عبدالله بن علي بين الحاضرين في المؤتمر، دون أن يقدم تفسيراً واضحاً لذلك، وقال في هذا السياق، إنه طلب من المشاركين القطريين البقاء في مكان معين في فندق إنتركونتننتال شرقي لندن  الذي يُعقد فيه المؤتمر خشية أي محاولات لاستهدافهم على ما يبدو.

وكان الهيل أكد في كلمته الافتتاحية أمام المؤتمر، أنه يجب العمل على تغيير النظام القطري الذي يدعم التطرف والإرهاب، وشدد على أن المؤتمر يشكل تحركاً مناوئاً للدولة البوليسية القمعية في قطر. وقال إن الإطاحة بنظام الدوحة سيسهم بشكل إيجابي في ضمان أمن واستقرار العالم العربي، مشيراً إلى أن هذا النظام الديكتاتوري سعى إلى منع عقد المؤتمر في لندن عبر دفع رشاوى وإعداد التقارير الإعلامية المختلقة، والدفع بمنظمات وهمية لمحاولة إثناء بعض المتحدثين والحضور عن المشاركة، بل ووصل الأمر إلى حد إصدار الوعود والتهديدات.

وفي تصريحاته على هامش أعمال المؤتمر، الذي تناول عدة محاور من بينها قطر والإسلام السياسي ودعم الإرهاب والعلاقة بين قطر وإيران والدور الذي تلعبه قناة "الجزيرة" التي توصف على نطاق واسع بأنها بوق للإرهاب، أوضح الهيل أن محاولات تخريب هذا التجمع شهدت تسجيل أسماء عدد كبير من الأشخاص القادمين من قطر، ممن قال إنهم كانوا سيحاولون الإخلال بالأمن على الأرجح. ولفت في مؤشر على أهمية مؤتمر لندن، إلى أنه خطوة نحو تشكيل حكومة انتقالية في قطر، وأكد أن اضطرار المعارضين القطريين للاجتماع في الخارج جاء لعدم منح نظام تميم لهم أي مساحة في الداخل.

 واعتبر السياسي البريطاني البارز اللورد بادي أشدون في تصريحات لـ"الاتحاد" خلال مشاركته في فعاليات المؤتمر، أن السياسات التي ينتهجها النظام الحاكم حالياً في قطر خطيرة إلى أقصى حد. وقال رداً على سؤال حول رؤيته لمدى التأثير الخطير الذي تخلفه سياسات الدوحة على الصعيدين الإقليمي والدولي، أن كل شيء في الشرق الأوسط خطير للغاية.

وأشار أشدون وهو زعيمٌ سابق لحزب الديمقراطيين الأحرار أحد الأحزاب الثلاثة الكبرى في بريطانيا إلى أن المطلوب الآن من الحكومة البريطانية فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمة القطرية، هو فهم هذه الأزمة شكل أكبر، وهو ما حدا به للمشاركة في أعمال المؤتمر. وشدد على ضرورة بذل كل الجهود الممكنة للحيلولة دون أن تتحول الأزمة الحالية إلى صراع أوسع نطاقاً، وكذلك بناء تحالف يضمن تحقيق النصر في المواجهة مع التنظيمات المتشددة.

وأعرب دانييل كوزينسكي النائب في البرلمان البريطاني منذ عام 2005 عن استغرابه إزاء الدور الذي تلعبه قطر في منطقة الخليج. وقال خلال مشاركته في إحدى جلسات المؤتمر إنه من الضروري فهم الكيفية التي تمكنت بها دولة صغيرة مثل قطر من شق الصف في هذه المنطقة. فيما أكد المندوب الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة بيل ريتشاردسون خلال مشاركته في فعاليات المؤتمر أن المشكلة تكمن حالياً في كيف يتعامل القطريون ويمولون حركتي حماس والإخوان، وكيفية ارتباطهم بإيران. وأشار إلى أن قطر تحاول اللعب على كل الحبال، وأبرز محاولات السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى ممارسة ضغوط عليها. وشدد على أن الدوحة لابد وأنها ستدفع ثمن سياستها الحالية.

وفرض استخدام النظام الحاكم في قطر قناة "الجزيرة" كبوقٍ للتطرف والإرهاب نفسه على جدول أعمال المؤتمر، الذي تضمن تخصيص جلسة كاملة لهذا الملف، شارك فيها محمد فهمي الصحفي المصري، الذي كان يعمل سابقاً لدى القناة وتولى رئاسة مكتب قناتها الناطقة باللغة الإنجليزية في القاهرة قبل سنوات. وقال فهمي في تصريحاته لـ"الاتحاد" إنه يعلم بحكم عمله السابق في "الجزيرة" إنها تجاوزت دورها الإعلامي، وأصبحت جزءاً من الصراع، وذلك استناداً إلى كل الأدلة الموجودة على أشرطة مسجلة وعلى محاضر حصلت عليها من مصر، وكذلك بناء على اعترافات العديد من طلاب جماعة الإخوان الإرهابية.

وشدد فهمي في تصريحاته على أن القناة التي تزعم الدوحة أنها منبرٌ للرأي والرأي الآخر أمدت الإرهابيين والنشطاء في سورية والعراق واليمن ومصر بمعدات تصوير وأجهزة بث واستخدمت المقاطع المصورة التي حصلت عليها منهم لبثها دون الإفصاح عن مصدرها. وقال الصحفي السابق في الجزيرة إن ذلك استفز بالطبع الأجهزة الأمنية في المنطقة بأسرها ودمر سمعة الجزيرة وأضر بأمن صحفييها. وأضاف إذا كان بعض الناس يتهمون الحكومات بأنها ضد الصحافة فالمسؤولية أيضاً تقع على قناة الجزيرة في مقتل بعض صحفييها وحبسهم.

ورداً على سؤال من "الاتحاد" حول ما إذا كان يمكن لـ"الجزيرة" أن تغير من نهجها الحالي المُحرض على العنف والتطرف والكراهية في إطار أي تسوية محتملة للأزمة القطرية، استبعد فهمي ذلك قائلاً: لا أعتقد أن الجزيرة ستغير من نهجها لأنها ليست إلا ذراعاً وبوقاً لجهاز المخابرات القطري. وضرب مثالاً على ذلك بما ورد في اتصال هاتفي مُسرب بثه التلفزيون البحريني مؤخراً، وكان يجمع بين حمد العطية المستشار الخاص لأمير قطر ومعارض بحريني يُدعى حسن سلطان، وهو الاتصال الذي أثبت تآمر الدوحة على السلطات البحرينية وسعيها لنشر الفوضى في المملكة.

وقال فهمي إن بوسع المرء أن يرى العلاقة بين "الجزيرة" والمخابرات القطرية من خلال ما جاء في الاتصال عندما يتحدث حمد العطية مستشار الأمير مع المعارض المصنف كإرهابي في البحرين، ويقول له سنضع وسننشر هذه المظاهرات فوراً على قناة الجزيرة. وأشار إلى أن ذلك يعني أن المعد الرئيسي لهذه القناة يسكن في القصر الأميري، وأن لا فارق بين الجزيرة والحكومة القطرية.

وشدد فهمي على أنه لا يبدو أن هناك إمكانية للمصالحة بين النظام القطري الحالي والدول العربية المُقاطعة للدوحة والداعمة للحرب على الإرهاب، وذلك بعد هذه الحرب الكلامية والإعلامية، خاصة بعد عناد قطر واستمرارها في استفزاز الشعوب العربية، وعودتها مؤخراً إلى حضن إيران واعتبارها دولة شريفة (في إشارة إلى ما جاهر به وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري سلطان بن سعد المريخي قبل أيام أمام اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة). وقال فهمي إن مؤتمر لندن يجسد وجود المعارضة القطرية الحقيقي بأصواتها المعتدلة. وأشار إلى أن أعداداً كبيرة من المعارضين القطريين يقيمون داخل قطر، ولكنهم لا يستطيعون التواصل أو الحديث بحرية.

ومن ناحيته، أكد دوف إس. زاهايم المسؤول البارز سابقاً في وزارة الدفاع الأميركية في ظل إدارتيّ جورج بوش الابن ورونالد ريجان أن هناك إمكانية لأن تقرر الولايات المتحدة في نهاية المطاف إغلاق قاعدة العديد التي تستخدمها في قطر، إذا ما خرجت من مجلس التعاون الخليجي بفعل مواصلتها تمويل التنظيمات الإرهابية. وقال في تصريحات لـ"الاتحاد"، إن السياسات القطرية تسبب مشكلة هائلة، وما يحدث هو أن مجلس التعاون الخليجي يتقوض وهذه مشكلة ضخمة.

وكشف المسؤول الدفاعي الأميركي السابق عن أنه أطلّع على تقارير تفيد بأن الأموال القطرية تتدفق على المنظمات الإرهابية، قائلاً إن دعم الدوحة للإرهاب هو مبعث التخوف الأكبر للرباعي العربي وهو تخوف مشروع. وأضاف أن هناك تخوفاً آخر لدى الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب وهو ذاك الذي يساورها حيال العلاقات القطرية الإيرانية. وأكد أن إقدام قطر على إحياء علاقاتها في هذا الوقت بالذات مع إيران يشكل رسالةً لجيرانها مفادها أننا لا نكترث بكم. كما اتهم المسؤول الأميركي السابق النظام القطري بإبداء عدم اكتراثه بجهود الوساطة الكويتية المدعومة أميركياً عبر تكراره القول إن بوسعه البقاء في وضعه الحالي إلى الأبد.

"إيه بي سي" الأميركية: المعارضة القطرية صوت العقل في أزمة قطر

 بثت شبكة "إيه بي سي" الأميركية تقريرا اعتبرت فيه المعارضة القطرية صوت العقل فيما يخص أزمة الدوحة مع جيرانها في المنطقة. وأشار التقرير الى جهود معارضين مثل خالد الهيل المتحدث باسم المعارضة الذي قام بجهود جبارة في كشف طريقة عمل القيادة القطرية، بالإضافة إلى رصد مستمر لأحوال الشعب القطري التي تتدهور بسبب تعنت حكومتهم في حل الأزمة.
ولفت تقرير الشبكة الأميركية إلى أن فكرة الانقلاب السلمي لتغيير السلطة في قطر برزت بعد حنث حاكم قطر، تميم بن حمد آل ثاني، بالاتفاقيات التي وقعت مع جيرانه لوقف تمويل ودعم الإرهاب. وقال التقرير إن هناك أعضاء بارزين في العائلة الحاكمة القطرية تم نفيهم بسبب موقفهم الرافض للسياسات المؤذية داخليا وإقليميا، أبرزهم الشيخ عبد الله آل ثاني، والذي أسهمت وساطته في توفيق أوضاع الحجاج القطريين بعد مقابلة ناجحة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود. وترى الشبكة الأميركية أن أصوات العقل داخل قطر هي ورقة الضغط المثالية لدفع الحكومة لعمل مراجعة كاملة لسياساتها، أو لمواجهة عواقب أفعالها.