احتفال إسرائيليون كرديون قبل استفتاء الاستقلال يوم الاثنين

تحققت أسوأ مخاوف إيران، حلم أكرادها بإقامة "كردستان الشرقية"، قبل انقضاء أسبوع على إجراء أكراد العراق استفتاء على استقلال الإقليم عن السلطة المركزية في بغداد؛  وسعت إيران بقوة لوأد الاستفتاء في إقليم كردستان العراق، كما بدأت في اتخاذ إجراءات عقابية ضده، لكن زخم الاستفتاء الذي مر بموافقة نحو 93% حفز الأكراد داخل حدودها الإقليمية للمطالبة بخطوة مماثلة. وتظاهر الأكراد الإيرانيون في مدن بانه، وسنداج، وماهاباد، بوتيرة غير مسبوقة خلال الأيام الماضية.

أن استفتاء أكراد العراق حول الانفصال عن بغداد، ساعد في تحريك الأقليات في الداخل الإيراني لتكرار ذات التجربة، مما حدا بسلطات طهران إلى التهديد بالتصدي لأي تحرك مشابه، وذلك في ضوء تشعب الأقليات في إيران واضطهادها لعقود. 

وقالت الصحيفة البريطانية، إن أكراد إيران بدأوا المطالبة بالاستقلال بنفس الطريقة التي طالب بها الأكراد العراقيون بالاستقلال، وربما بشكل أقوى. وأشارت إلى أنه في الوقت الذي بقي فيه الوضع متوترًا في المدن الكردية العراقية بعد الاستفتاء على الاستقلال الإثنين الماضي، بسبب القلق من ردود الفعل من دول الجوار، انطلقت احتفالات جنونية واسعة في المناطق الكردية الإيرانية، في خطوة قد تربك السلطات الإيرانية في حال توسعت المطالب الاجتماعية.

وقام الأكراد داخل إيران بترديد نشيد "جمهورية ماهباد" وهي الدولة الكردية التي أقيمت على الأراضي الإيرانية عام 1946، إلا أن الكثير من الأكراد الإيرانيين يتحدثون عن رغبتهم في إقامة دولة يطلق عليها "روجهلات" أو "كردستان الشرقية". ويقول لقمان سوتوده، أحد قادة أكراد إيران في حوار مع مجلة "ذا إيكونيميست" البريطانية، وقا لما نشره جورزاليم بوست،  إن هناك حالة من الثقة بين الأكراد الآن، ورغم محاولات العديد من الدول حول العالم الوقوف أمام الاستفتاء الكردي في العراق إلا أن الأكراد هناك أقاموا الاستفتاء بشكل ناجح، وأضاف أن أكثر من 90% من المصوتين في الاستفتاء دعموا الاستقلال. واستيقظ المسؤولون الإيرانيون على الكابوس الكردي، ما دفعهم لإطلاق تهديدات "بسحق الأكراد وتجربة استقلالهم في العراق"، وقال المستشار الخاص بالمرشد الإيراني علي أكبر ولايتي إن الأكراد هم "بقعة العار في المنطقة ولا بد من إزالتها" في دليل جديد على تطرف نظام الملالي ضد الأقليات بشكل عام والأكراد بشكل خاص.

وتلك ليست المرة الأولى التي طالب بها الأكراد طهران بالاستقلال، حيث قامت مظاهرات الأكراد الإيرانيين قبل شهر من الاستفتاء الكردي في العراق، مطالبين فيها بحكم ذاتي، لكن حكومة طهران قمعت تلك المظاهرات بالعصي والقنابل المسيلة للدموع. ويتعدى خوف نظام الملالي حدود الوطن الكردي المفترض، حيث يدور النقاش في أروقة الحكم في طهران حول إمكانية تشكيل تنظيمات مسلحة على حدودها مع كردستان العراق، وإثارة نزعات الانفصال لدى الأقليات الأخرى وعلى رأسهم العرب والأزيريين.

ورغم انتشار الأكراد في العراق وتركيا وسوريا إلا أنه من بين الجميع يوجد لدى إيران الكثير لتخسره، خاصة في ضوء المهارات القتالية التي اكتسبها الأكراد خلال صراعهم مع السلطات الإيرانية، وعوامل الجغرافيا التي تمنحهم أفضلية في أي صراع محتمل. لكن الذاكرة الكردية لا تزال تحتفظ بمشاهد قمع نظام الملالي الذين قتل بلا رحمة أكثر من 100 ألف قتيل من الأكراد الإيرانيين خلال ثورتهم عام 1979.

وأفادت وكالة "هرانا" الحقوقية ومواقع كردية أن قوات الأمن فرضت أجواء مشددة وسيّرت دوريات تجوب الشوارع واعتقلت العشرات من المواطنين الأكراد بمختلف المدن على خلفية المشاركة في تظاهرات احتفالية وارتداء الثياب الكردية تعبيرًا عن فرحهم بنتيجة التصويت على استفتاء إقليم كردستان العراق". هذا وأعلنت كل من وحدات بالجيش الإيراني والحرس الثوري عن انتشارها قرب الحدود مع العراق وإرسال تعزيزات إلى تلك المنطقة تحسباً لأية اضطرابات محتملة. كما أظهرت صور ومقاطع فيديو نشرها ناشطون عبر مواقع التواصل، شاحنات تنقل معدات عسكرية وتعزيزات للمناطق الكردية، بالإضافة لعربات وآليات عسكرية تابعة لقوات الجيش الإيراني ووحدات خاصة بالأمن الداخلي تقوم بدوريات في شوارع محافظة كردستان، تحسبا لاندلاع مظاهرات مرتقبة.

وقطعت وزارة الاتصالات الإيرانية، خدمات الإنترنت عن محافظة كردستان، بحسب ناشطين أكراد، أكدوا بأن قطع شبكة الإنترنت، تم في خضم حملة القمع التي تشنها السطات ضد المتظاهرين الأكراد. وتخشى طهران من تداعيات استفتاء كردستان العراق على الانفصال أن تمتد إلى أقاليمها التي يقطنها أكراد، وسائر القوميات كعرب الأهواز والأتراك الآذريين والبلوش والتركمان وغيرهم. ويشكل أكراد إيران نسبته 10% من سكان إيران تقريبا، أي بواقع حوالي 8 ملايين من إجمالي عدد سكان إيران البالغ 80 مليونا، وذلك بحسب إحصائيات غير رسمية. ويعيش معظم الأكراد في محافظتي كردستان وكرمنشاه، لكنهم ينتشرون أيضا في محافظاتي آذربيجان الغربية وعيلام أيضا. وكان نائب رئيس البرلمان الإيراني علي مطهري، قد دعا نظام بلاده إلى ضرورة طمأنة المواطنين الأكراد في البلاد وتوفير ظروف العيش المناسب لهم، وعدم إثارة حساسيتهم". كما انتقد التهديدات التي وجهها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ضد مسعود بارزاني لوقف إجراء استفتاء الاستقلال في كردستان العراق، معتبرا بأن التصعيد سيعقد الأوضاع كثيرا ويثير حفيظة أكراد إيران أيضا.