إجراءات أمنية خارج السجن الذي يحتجز فيه عبد السلام في شمال فرنسا

 أبلغ صلاح عبدالسلام المحكمة في بروكسل بأنه لن يمثل أمامها أثناء جلسة الخميس الموافق الثامن من فبراير/ شباط، وهذا ما قاله رئيس المحكمة، لوك هينارت، في بيان لوسائل الإعلام الثلاثاء، إذ قالت إن عدم حضور عبدالسلام، الخميس، لم يكن مفاجئًا، وأصبح على محاميه ماري سفين، أن يقوم بالرد على أسئلة المحكمة بدلًا من موكله خلال الجلسة، وذلك بعد أن قررت المحكمة عدم إجراء جلسة، كانت مقررة، وبعد أن استمعت إلى أحد الشخصين المراد محاكمتهما في قضية إطلاق النار على الشرطة البلجيكية في بروكسل، قبل ما يقرب من عامين، وهو سفيان العياري يوم الإثنين الماضي، الذي أجاب على بعض الأسئلة ورفض البعض الآخر، بينما رفض صلاح التعاون مع المحكمة، والإجابة على الأسئلة والتزم الصمت.

وكان الادعاء العام قد طالب بالعقوبة 20 عامًا لكل منهما، وطالب الادعاء العام البلجيكي بعدم إتاحة أي فرصة للإفراج المبكر تحت أي شروط، لكل من عبدالسلام والعياري، وفي الوقت ذاته كان التزام عبدالسلام الصمت مصدر إحباط واستياء للمتابعين لانطلاق الجلسات في بروكسل، كما كان السبب الرئيسي لاختصار عدد الجلسات حسب ما ذكرت شخصيات حقوقية وقانونية من المدافعين عن حقوق الضحايا والمطالبين بالحق المدني في هذا الملف.

وقال فيليب ديبرو، رئيس جمعية حقوق ضحايا تفجيرات باريس، في تصريحات صحافية: «موقف عبدالسلام خلال الجلسة كان مستفزًا للغاية، فقد رفض الإجابة على الأسئلة، ورفض التعاون مع العدالة البلجيكية التي تتطابق تقريبًا مع العدالة الفرنسية، وكنا نريد أن يظهر عبد السلام بعض الحقائق، ويعطي لنا بارقة أمل بالنسبة للمستقبل لأهل الضحايا، وكل هذا يحدث، ولم تنطلق بعد محاكمات ملف تفجيرات باريس».

وأكد المحامي جيوم لايس، أحد المشاركين في الدفاع عن حقوق المطالبين بالحق المدني: «أعتقد أنها لحظة صعبة بالنسبة لعائلات الضحايا الذي جاءوا للحصول على العديد من الأجوبة بشأن تساؤلات كثير، وهم مصممون على مطالبهم ويأملون من الطرف الآخر وهو عبدالسلام أن يتعامل بالحد الأدنى من الشرف ويقول الحقيقة».

وقررت محكمة بروكسل، استئناف جلساتها الخميس، ضمن جلسات الاستماع في قضية إطلاق الرصاص على عناصر الشرطة في حي فورية ببروكسل، والتي يحاكم فيها المغربي الأصل عبد السلام، والتونسي العياري، وهي الجلسات التي انطلقت الإثنين، وكان من المفترض أن تستأنف الثلاثاء، ثم تتوقف اليوم على أن تعود من جديد لتنعقد يومي الخميس والجمعة، بحسب ما جرى الإعلان عنه من قبل، ولكن المحكمة بعد أن استمعت إلى دفاع المطالبين بالحق المدني في جلسة ما بعد الظهر الإثنين، قررت استئناف الجلسات يوم الخميس بالاستماع إلى المطالبين بالحق المدني، ثم المحامي البلجيكي سفين ماري المكلف بالدفاع عن صلاح عبدالسلام.

وخلال جلسة الإثنين، طالب الادعاء العام بعقوبة السجن لكل من عبدالسلام والعياري. وقالت المدعية كاتلين كروسجان إنها ترى أن كلاهما يجب أن يحاكم على جريمة محاولة القتل في إطار إرهابي، وأضافت أن عناصر الشرطة كان لديهم حظًا كبيرًا في عدم سقوط أي قتيل بينهم، متابعة «يكفي ما شهدته بلجيكا من مرحلة صعبة وتهديدات إرهابية عاش فيها المواطن في أعقاب تفجيرات باريس وتصرفات أخرى قام بها عناصر الشبكة الإرهابية، وطالبت النيابة العام بضرورة ألا يتم منح صلاح أو سفيان في الأعوام الـ13 الأولى من العقوبة، أي فرصة للإفراج المبكر عنهم تحت أي شروط».

ثم تحدث بعد ذلك المحامي جيوم لايس، محامي المطالبين بالحق المدني من عناصر الشرطة الخمس الذين تضرروا من جراء إطلاق النار، وفند ما قاله سفيان العياري بأن وصول رجال الشرطة إلى السكن الذي كان يختبئ فيه مع عبدالسلام كان مفاجأة، وقال إن اعترافات سابقة لـ«العياري»، وشخص آخر يدعى أسامة كريم جاء فيها أنهم كانوا يتوقعون وصول الشرطة في أي وقت، مشيرًا إلى أن من كان في داخل السكن أطلق النار على الشرطة فور سماع صوت رجال الشرطة وأن إطلاق النار كان بغرض القتل.

وكان أفراد من الشرطة البلجيكية والفرنسية يقومون بأعمال مداهمة وتفتيش لتعقب آثار الفريق الانتحاري الذي نفذ هجمات باريس، في إحدى الشقق في العاصمة بروكسل، عندما تعرضوا لإطلاق نار. وأسفر الاشتباك عن مقتل أحد الأشخاص، وفرار عبدالسلام والعياري، ولكن بعد أيام قليلة جرى اعتقالهما في حي مولنبيك الذي تعيش فيه أسرة عبد السلام، وبعدها بثلاثة أيام وقعت تفجيرات بروكسل التي استهدفت مطار ومحطة للقطارات الداخلية بالقرب من مقار مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وأودت بحياة 32 شخصًا وإصابة 300 آخرين.

ويذكر أنه تمهيدًا لمحاكمته في بلجيكا، فقد تم نقل صلاح عبدالسلام من سجنه في فرنسا قرب الحدود البلجيكية إلى العاصمة بروكسل بسرية تامة في أول أيام الجلسات، وجرى نقل عبد السلام إلى السجن القريب من الحدود البلجيكية، وهو يبعد عن السجن شديد الحراسة الذي كان يقيم فيه صلاح بالقرب من باريس بمسافة تزيد على 300 كم، أما السجن المؤقت القريب من الحدود البلجيكية يبعد عن مقر محكمة بروكسل بما يقرب من 150 كيلومترًا.

هذا ولم تتطرق جلسات محاكمة عبدالسلام في ملف إطلاق النار على الشرطة إلى ملف تفجيرات باريس في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وسوف يتم تحديد موعد المحاكمة في وقت لاحق أمام القضاء الفرنسي الذي يعتبر عبدالسلام الناجي الوحيد من بين منفذي الهجمات التي أودت بحياة أكثر من 130 شخصًا.