لندن ـ كاتيا حداد
يتفرد تنظيم "داعش" بوحشية ما اقترفت يداه في العراق وسورية من أعمال بدءا من المذابح التي ارتكبها بحق المدنيين، والتفجيرات الانتحارية، وإلقاء القنابل الارتجالية على الآلاف من منازل المدنيين، ووصف تقرير استغرق اعداده 3 سنوات أنّ أعضاء التنظيم يتميزون بالمهارة في التخطيط سواء في عمليات التصنيع أو الإمداد بعد نجاحهم في نقل الأسلحة والذخيرة وصناعة المواد المتفجرة في مناطق الحرب بوتيرة لم يشهدها العالم في التنظيمات المتطرّفة من قبل.
ووثق “مركز أبحاث الصراعات المسلحة” ومقره بريطانيا، المعني بتتبع سير واستخدام السلاح في العالم، وجود أكثر من 40.000 قطعة سلاح وذخيرة في العراق وسورية، واعتمد المركز في عمله على مجموعة من المحققين قام بإرسالهم إلى مناطق القتال في العراق وسورية، بدءا من مدينة كوباني في شمال سورية إلى جنوب العاصمة العراقية بغداد، لتتبع الطريق الذي سلكه التنظيم المتطرّف لاحتلال مناطق شاسعة سعيا لتأسيس دولة الخلافة.
ووصف التقرير الذي نشر الخميس الماضي بالأكثر شمولية حتى الآن في كشفه لطرق حصول “تنظيم داعش” على الأسلحة الغربية وكيفية إرسالها إلى جبهات القتال، وبات ينظر إليه كأداة هامة لفك لغز الكفاءة المدمرة التي تمتع بها التنظيم المتطرّف، واستخدم التنظيم صواريخ وفرتها الولايات المتحدة ربما بطريقة تخالف الاتفاقيات الموقعة مع الجهات المصنعة لهذه الصواريخ. وبحسب ما أوردته صحيفة “واشنطن بوست” في يوليو (تموز) الماضي، فقد أوقفت إدارة الرئيس ترمب عملية سرية لوكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) لتسليح المعارضة المعتدلة في مواجهة الرئيس بشار الأسد. بيد أنه لم يجرى الإعلان عن نوعية الأسلحة التي قامت الإدارة الأميركية بتقديمها للمعارضة السورية، لكن الباحثين اكتشفوا أسلحة متنوعة في العراق اتضح أن الولايات المتحدة قامت بشرائها وإرسالها إلى الجماعات المعارضة في سورية، وكمثال على ذلك، اكتشف مجموعة الباحثون وجود صواريخ “بي جي 9 - 99 ملي” باعتها مصانع سلاح رومانية للجيش الأميركي عام 2013 و2014، وقد انتشرت في الأراضي السورية والعراقية. كذلك اكتشف الباحثون حاويات مدونا عليها أرقام مسلسلة ضمن نفس الصفقة في شرق سورية بعد استعادتها من قافلة تابعة لتنظيم “داعش” بمدينة الفلوجة.
وتمكن التنظيم المتطرّف من تعديل تلك الصواريخ لاستخدامها ضمن قاذفاتها، وهو ما أدى إلى زيادة قدرات التنظيم المتطرّف في مواجهة الدبابات والعربات المدرعة التي قدمتها الولايات المتحدة أيضا، كذلك تضمنت تقارير حصل عليها “مركز أبحاث الصراعات المسلحة” من الشركة الرومانية وجود اتفاقيات تشير إلى تعهد الولايات المتحدة بعدم إعادة تصدير تلك الأسلحة وغيرها، وذلك بهدف منع تهريب الأسلحة، وأفاد التقرير بأن الحكومة الأميركية لم تستجب لطلبات بشأن تتبع مسار تلك الأسلحة التي قام فريق الباحثين بتوثيقها.
ولم ينف المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية التقارير بشأن الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة والتي وقعت في نهاية المطاف بين أيدي مسلحي “داعش”، مستطردًا ”سيقوم مستشارونا برصد استخدام الأسلحة والإمدادات التي قدمناها إلى قوات سورية الديمقراطية لنضمن أنها استخدمت في مواجهة تنظيم “داعش” فقط، وأي استخدام غير ذلك أو تغيير لمسار المساعدات الأميركية سوف يؤخذ على محمل الجد، وذلك من شأنه أن يقلص من الدعم الأميركي”، النقطة الأخرى هي أن الأمر لم يستغرق سوى أسابيع ليتمكن تنظيم “داعش” من الاستيلاء على الصواريخ المضادة للدبابات. ففي يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) 2015، قدمت بلغاريا أنابيب قاذفات صواريخ مضادة للدبابات إلى الجيش الأميركي من خلال شركة بالهند تدعى “كيسلر بوليس سابلاي”، وبعد 59 يوما عثرت الشرطة الفيدرالية العراقية على ما تبقى من تلك الأنابيب بعد معركة في مدينة الرمادي العراقية. وفي مثال آخر، التقطت عدة صور لتنظيم عراقي متمرد في سوريا بينما يستخدم عناصره أنابيب قاذفات مدون عليها أرقام مسلسلة تشير إلى أنها قد وردت ضمن نفس الصفقة.
وأوضحت التقارير كيف أن الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة سرعان ما تحولت للاستخدام ضد حلفائها، لتغير بذلك شكل ومسار المعركة وتشكل خطرا حقيقيا على فرق العمليات الخاصة الأميركية صغيرة الحجم التي عادة ما تتحرك في عربات غير مجهزة لمقاومة الأسلحة المضادة للدبابات.