بروكسل ـ سمير اليحياوي
أعلن مسؤولو حلف شمال الأطلسي أنهم يتابعون أكبر مناورات حربية روسية منذ 2013 ”بهدوء وثقة“، لكن الكثيرين منهم قلقون مما يعتبرونه "اختبار موسكو لقدرتها على شن حرب ضد الغرب". ويعتقد حلف شمالي الأطلسي "ناتو" أن المناورات، التي تبدأ رسميا يوم الخميس في روسيا البيضاء وبحر البلطيق وغرب روسيا ومنطقة كالينينغراد الروسية جارية بالفعل.
ويقول إنها أكبر مما تعلن عنه موسكو إذ يصل عدد القوات المشاركة فيها 100 ألف وتشمل إطلاق صواريخ باليستية قادرة على حمل أسلحة نووية. يقول مسؤولو حلف الأطلسي إن المناورات التي يطلق عليها اسم "زاباد" أو (الغرب) ستحاكي صراعا مع تحالف تقوده الولايات المتحدة بهدف إظهار قدرة روسيا على حشد أعداد كبيرة من القوات في فترة زمنية قصيرة للغاية إذا نشب صراع.
وكان الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ قال الأسبوع الماضي خلال زيارة لقاعدة عسكرية استونية حيث تتمركز قوات بريطانية منذ مارس/ آذار ”حلف شمال الأطلسي لا يزال هادئا ويقظا. لكن وزير الدفاع الليتواني ريمونداس كاروبليس كان أقل تفاؤلا إذ عبر عن مخاوف واسعة النطاق من أن المناورات تهدد بإشعال صراع عرضي أو قد تسمح لموسكو بترك قوات في روسيا البيضاء المجاورة. وأثار بعض المسؤولين الغربيين ومن بينهم رئيس القوات الأميركية في أوروبا الجنرال بن هودجز مخاوف من احتمال استخدام روسيا المناورات ”حصان طروادة“ للتوغل في بولندا والمناطق التي تتحدث الروسية في دول البلطيق.
ويرفض الكرملين بشدة أي خطط من هذا القبيل. وتقول روسيا إن نحو 13 ألف جندي من روسيا وروسيا البيضاء سيشاركون في المناورات التي تجرى بين 14 و20 سبتمبر أيلول وهو عدد يقل عن الحدود القصوى الدولية التي تشترط نشر عدد كبير من المراقبين الأجانب. وسيرسل حلف الأطلسي ثلاثة خبراء إلى ما تعرف (بأيام الزوار) خلال المناورات. لكن مسؤولا في الحلف قال إن هذه ليست بديلا للمعايير المتفق عليها دوليا في مناورات من هذا القبيل والتي تشمل التحدث إلى الجنود وإفادات. وتقول موسكو إن الغرب هو الذي يهدد الاستقرار في شرق أوروبا لأن حلف الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة وضع قوة متعددة الجنسيات قوامها أربعة آلاف جندي في دول البلطيق وبولندا.
ويساور الحلف الشك في الرسالة المعلنة لموسكو بشأن المناورات في ظل ما أقدمت عليه من أعمال أخذته على حين غرة مثل السيطرة على القرم في 2014 والتدخل في الحرب السورية عام 2015. وفي القرم أثبتت موسكو أنها "سيدة الحرب الهجينة" التي تجمع بين الهجمات الإلكترونية وحملات التضليل واستخدام روسيا للقوات المحلية دون شارة. وقال مسؤول أمني أوروبي كبير إن "زاباد" ستدمج المناورات في المناطق العسكرية الأربع في غرب روسيا في ”تدريبات معقدة وقوية ومتعددة الأبعاد ومناهضة لحلف شمال الأطلسي. وأضاف المسئول أن الأمر محض تضليل وخداع، مشيرا إلى أن مناورات زاباد التي تعود للحقبة السوفيتية واستؤنفت عام 1999 شملت محاكاة لضربات نووية على أوروبا. ويقول مسؤولو حلف الأطلسي أنهم يتابعون الاستعدادات الروسية منذ أشهر بما في ذلك استخدام المئات من عربات السكك الحديدية لنقل الدبابات وغيرها من قطع العتاد الثقيل إلى روسيا البيضاء.
وكإجراء احترازي أرسل الجيش الأميركي 600 مظلي إلى دول البلطيق خلال مناورة "زاباد" لتولي حراسة المجال الجوي لليتوانيا ولاتفيا واستونيا التي تفتقر إلى القوات الجوية وأنظمة الدفاع الجوي. " وعلى الرغم من مزاعم روسيا بأن التمرين يدرس سيناريو دفاعيًا محضًا، فإن الكثيرين يشعرون بالقلق إزاء ما يرون أن موسكو تختبر قدرتها على شن حرب ضد الغرب.
وجلس الرئيس الروسي بوتين القائد الاعلى للقوات المسلحة الروسية في مركز قيادة يحيط به وزير دفاعه ورئيس اركانه العامة واستخدم مناظير لمتابعة التدريبات العسكرية. وقد ظهر الرئيس الروسي في أحداث مماثلة في الماضي، وهو أحيانا يلبس الزي العسكري، ويستخدمها لتعزيز صورته بين الروس كمدافع قوي عن مصالح البلاد على الساحة العالمية. وهذه المرة، كان الرئيس البالغ من العمر 64 عاما، والذي من المتوقع على نطاق واسع أن تتم إعادة انتخابه في مارس/آذار المقبل، ارتدى بذلة داكنة، وبدا مرتاحا حين تم إطلاق مجموعة إطلاق النار أمامه، في منطقة لينينغراد، لفترة وجيزة.
وأثارت الرصاصات المتتابعة ، ودبابات المعركة المتشابكة عبر التضاريس الوعرة، وانفجرت القذائف، وأطلقت المروحيات صواريخ، وطائرات تحلق فوقها، وأسقطت مئات المظليين والمركبات المدرعة من السماء. ثم قام المظليون تحت خطوط عدوهم الخيالي، بشن حرب ضد ما أسمته وزارة الدفاع "التشكيلات المسلحة غير القانونية". وكانت روسيا اعلنت الاثنين انها نجحت في اطلاق صاروخ باليستي قادر على حمل رؤوس حربية نووية، مما ادى الى وقوع هدف في منطقة اطلاق النار في قازاخستان على بعد حوالى 480 كيلومترا.