الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر

 يستعد البرلمان المصري لتلقي مشروع قانون أعدته مشيخة الأزهر بعد موافقة هيئة كبار العلماء فيها لتجريم "الحض على الكراهية"، في محاولة لمواجهة "فكر متطرف" عكر الأجواء في مصر أخيراً، خصوصاً لجهة تناول مسائل عقائدية لأصحاب الديانات. ووضع الأزهر مشروع القانون ضمن مساعيه الى تطوير الخطاب الديني، وهو مطلب طالما ألح الرئيس عبد الفتاح السيسي على المضيّ قدماً فيه، لكن في الشهور الأخيرة أطل شيوخ معروفون على وسائل إعلام وانبروا في الحديث عن أمور عقائدية تخص المسيحيين اعتُبرت بمثابة حض على الكراهية، ما استوجب إقرار جزاءات إدارية من وزارة الأوقاف أو من إدارات الفضائيات التي يعملون فيها ضد هؤلاء الشيوخ. وردّ قس على هذا الحديث بخطاب خرج عن ثوابت الحفاظ على العلاقات بين المسيحيين والمسلمين، عوقب أيضاً من الكنيسة القبطية.

وأعلن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أخيراً أنه تقدم للرئيس السيسي بمشروع قانون لـ "مكافحة الكراهية والعنف باسم الدين"، من أجل تقديمه الى مجلس النواب.

ومن أهداف مشروع القانون الذي اطلعت "الحياة" على نسخة منه، مواجهة من يدعي العلم بالدين لإثارة الكراهية بين أبناء المجتمع والجدل في أصول الأديان لإثارة العنف باسمها، أو الحض على السخرية من المنتمين إليها، وأيضا منع التطاول على الذات الإلهية والأنبياء والرسل أو الطعن في أزواجهم وآلهم وأصحابهم، تعريضاً أو تجريحاً أو مساً أو سخرية، ومنع التعدي على الكتب السماوية بالتغيير أو التدنيس أو الإساءة أو التعدي على دور العبادة بأي صورة من الصور. كما يهدف مشروع القانون إلى احترام الاختلاف بين العقائد واحترام المؤمنين بها وعدم جواز اتخاذها مادة للتمييز أو الإساءة أو السخرية.

وإن كان مشروع القانون أكد أنه لا يخل بحقيقة اختلاف العقائد أو تعارضها أو حرية البحث العلمي فيها، أو حرية البحث العلمي في الأديان، لكنه شدد على عدم جواز طرح المسائل العقائدية محل الخلاف أو التعارض للنقاش العلني في وسائل الإعلام على نحو يدفع المؤمنين بها للتصادم أو العنف. كما أقر إلغاء تراخيص المؤسسات الإعلامية التي تخل ببنوده، وقرر معاقبة أي فرد لا يلتزم تلك البنود ومواد أخرى، لكنه ترك مسألة تحديد طبيعة العقوبة (الحبس أو الغرامة)، وأيضاً مدة العقوبة، إلى المشرع أو ربما الحكومة التي ستتقدم بمشروع القانون للبرلمان.

لكن مشروع القانون أثار مخاوف بعض الحقوقيين لنصه على أنه لا يجوز الاحتجاج بحرية الرأي والتعبير أو النقد أو حرية الإعلام أو النشر أو الإبداع، للإتيان بأي قول أو عمل ينطوي على ما يخالف أحكام القانون.
وقال رئيس لجنة الشؤون الدينية في مجلس النواب النائب أسامة العبد لـ "الحياة" إن تلك المخاوف لا أساس صحيحاً لها، مشدداً على أن مشروع القانون لا يحد من الحريات على الإطلاق، لكنه في الحقيقة يحظر الاعتداء على عقائد الآخر. وأوضح أن القانون يسعى إلى ترسيخ التعايش السلمي بين أتباع الديانات، وأنه يمثل خطوة ضرورية لتجديد الخطاب الديني.