طوكيو ـ علي صيام
اقترح سياسي ياباني بارز، على حكومة بلاده القيام بما كان يُعتبر من المحرمات، بأن تحصل على أسلحة نووية. علمًا بأن اليابان هي الدولة الوحيدة التي عانت من ويلات القنابل الذرية خلال الحرب العالمية الثانية. وقال شيغيرو ايشيبا، وهو وزير دفاع سابق واحد أبرز القادة اليابانيين، إنّ اليابان يجب أن تناقش إلغاء ما يعرف بـ "المباديء الثلاثة غير النووية" التي كانت في صميم السياسة الأمنية اليابانية منذ نصف عقد، والتي تنص على عدم انتاج او امتلاك أسلحة نووية، أو السماح لها بالتواجد على الأراضي اليابانية".
وباعتبارها الدولة التى تعرضت لإلقاء القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي، فإن المعارضة للأسلحة النووية قوية في اليابان، وحتى وقت قريب كان اقتراح إدخال أسلحة نووية، ناهيك عن رادع ياباني مستقل، من المحرمات. غير أن التهديد المستمر الذي تمثله كوريا الشمالية من امتلاك أسلحة نووية والتي لا يمكن التنبؤ بها قد غيّر المشهد الاستراتيجي، وفي هذا القرن، نوقشت إمكانية النظر بحذر بين السياسيين والأكاديميين والبيروقراطيين اليابانيين في هذه المسألة.
وفي الأسبوع الماضي، بلغ التهديد ذروته مرة أخرى عندما قامت كوريا الشمالية باطلاق صاروخ باليستي فوق اليابان، بعد خمسة أيام من تجربتها النووية السادسة. سأل إشيبا على التلفزيون الياباني أمس : "هل حقا من حقنا أن نقول أننا سوف نسعى للحماية بالأسلحة النووية الأمريكية، ولكننا لا نريده داخل بلادنا؟"
يذكر أن ما يسمى بـ"المظلة النووية" الأميركية، قادرة على ان تحمي اليابان وكوريا الجنوبية خلال الحرب الباردة. وبموجب المعاهدات التي تقيمها واشنطن مع البلدين، تضمن الولايات المتحدة دفاعها، وتمدد القوة الرادعة لترساناتها النووية عبر أراضيها، على الرغم من عدم وجود أسلحة نووية هناك.
وإذا اكتسب كيم جونغ أون القدرة على شن هجوم نووي على الولايات المتحدة، إلا أن الحلفاء الأميركيين سيبدأون في التساؤل - هل ستخاطر الولايات المتحدة بإمكانية فقدان إحدى مدنها في هجوم كوري شمالي للدفاع عنها؟ وكما قال إشيبا: "من المهم أن نعرف متى ستفتح الولايات المتحدة المظلة النووية لنا".
وكان إشيبا يُشير إلى إلغاء واحد فقط من المبادئ غير النووية للسماح للأسلحة النووية الأميركية بالتمركز في اليابان - ويبدو أنه يُعارض أن تحصل اليابان على رادع خاص بها. وقال "إذا كانت اليابان، الدولة الوحيدة التي عانت من هجوم نووي، امتلكت أسلحة نووية، فإنها سترسل رسالة مفادها أنه من الجيد أن يملك الجميع هذه الأسلحة".
ولكن بعض المعلقين الأميركيين، بمن فيهم عضو مجلس الشيوخ الجمهوري جون ماكين، حثوا حكومتهم على تشجيع قدرة نووية يابانية. وعلى الصعيد العملي، تمتلك اليابان مخزونات كبيرة من البلوتونيوم الانشطاري، بما يكفي لتصنيع آلاف الرؤوس الحربية. كما أن لديها إتقانًا لتكنولوجيا الصواريخ من برنامج الفضاء المدني.
وفي عام 2011، قال السيد إيشيبا، وهو عضو بارز في الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، وخبير دفاع معروف: "لا أعتقد أنّ اليابان يجب أن تمتلك أسلحة نووية. ومع ذلك، في الوقت نفسه، يُمكن لليابان امتلاكها إذا قررنا - في غضون عام. وهذا في حد ذاته قد يكون رادعا". وقال يوشيهيد سوجا سكرتير مجلس الوزراء الياباني ان هذا الاقتراح يقلل من شأن هذا الاقتراح اليوم. واضاف "حتى الان لم نناقش هذه المبادئ الثلاثة، ونحن لا نخطط للقيام بذلك".
والعقبات الرئيسية هي قانونية وسياسية. وتُجدر الإشارة إلى انّ القوات العسكرية اليابانية محظورة بموجب دستور البلاد من أي عمل سوى الدفاع، وهي مهمة يصعب التوفيق بينها وبين امتلاك أسلحة نووية. ولكن ما يسمى "قوات الدفاع الذاتي" أصبحت نشطة على نحو متزايد، مع قوانين تمريرها لتمكينها من العمل في دعم حلفاء خارج الأراضي اليابانية.
ومن المحتمل أن تخسر اليابان الكثير من خلال الحصول على أسلحة الدمار الشامل. منذ هزيمتها واحتلالها في عام 1945، أعادت البلاد بناء نفسها وازدهرت تحت المظلة النووية. وطالما ظل هذا البرنامج قائما، فإن هذا البرنامج سيكلف نفقات هائلة من شأنها أن تخلق العديد من المشاكل السياسية في الداخل والخارج. وفي الوقت نفسه، قامت كوريا الجنوبية أمس الخميس بتركيب أربع قاذفات لنظام الدفاع الصاروخي ردا على التجربة النووية التي جرت يوم الأحد