دمشق - نور خوام
أفادت مصادر أمنية بقرب عقد صفقة بين أنقرة وطهران برعاية موسكو تتضمن مقايضة وجود عسكري في إدلب، مقابل سيطرة إيرانية على جنوب دمشق وتوسيع منطقة "السيدة زينب"، مما يعني توفير كتلة تأثير دائم على القرار السياسي في دمشق. وأشارت المصادر ذاتها حسب صحيفة "الشرق الأوسط" إلى أن الاتفاق سيُقَر في اجتماع آستانة يومي الخميس والجمعة المقبلين، مضيفة أن موسكو ضغطت على دمشق لقبول الوجود العسكري التركي شمال سورية بطريقة أعمق من دور الجيش التركي ضمن عملية "درع الفرات" في شمال حلب، بحيث تبدأ فصائل المعارضة عملية برية ضد "هيئة تحرير الشام" تحت غطاء جوي روسي وتركي نهاية الشهر.
إلى ذلك، يعقد من 25 الى 27 من الشهر الحالي في عمَّان اجتماع روسي أميركي أردني لبحث فتح "معبر نصيب" وإعادة تشغيل طريق درعا دمشق بيروت نهاية الشهر. وكانت عمان مهدت لهذا الاتفاق بالطلب من فصائل "الجيش الحر" وقف قتال القوات النظامية في البادية السورية إلى حد أن واشنطن هددت بقصف فصائل "الحر" التي لا تلتزم الطلب. وتسعى موسكو إلى توسيع "هدنة درعا"، بحيث تعطى فصائل "الحر" حماية جوية مقابل قتالها "داعش" و"النصرة" في البادية.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت أمس الاثنين عن مقتل 40 عنصرا من "داعش" بينهم 4 من القادة البارزين في التنظيم في غارة للطيران الروسي بدير الزور شرق سوريا، وذلك بعد ساعات معدودة من إعلان مسؤول عسكري أميركي قتل 85 عنصرا من التنظيم نفسه كانوا ضمن القافلة التي تركت منطقة القلمون على الحدود مع لبنان ولا تزال عالقة في الصحراء السورية. وكشفت مصادر، عن أن عناصر من "الحرس الثوري الإيراني" المتواجدة في منطقة حميمة جنوب شرقي دير الزور تتحضر للتوجه للمشاركة في معركة دير الزور.
ولم يسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان أيا من العمليتين اللتين أشار إليهما الروس والأميركيون، وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن، أنهم يوثقون بشكل يومي مقتل عناصر من التنظيم بغارات جوية في دير الزور، إلا أننا لم نسجل مقتل كل هؤلاء بعمليات محددة وتساءل لـ"الشرق الأوسط" عما إذا كانت هذه العمليات حصلت فعلا فلماذا لا يتم نشر صور لها؟ وأضاف: لا شك أن الغارات كما الطلعات الجوية في دير الزور منسقة بين الطرفين الأميركي والروسي اللذين يتناوبان على ضرب "داعش".
وذكر بيان لوزارة الدفاع الروسية، أمس، أن 4 من قيادات التنظيم المتطرف، من بينهم أبو محمد الشيمالي، أمير دير الزور، قتلوا في ضربة جوية نفذتها طائرات حربية روسية في الخامس من الشهر الحالي، موضحا أن الغارة أصابت غولمرود حليموف، الذي كان يشغل منصب وزير الحرب في التنظيم إصابة قاتلة. وبحسب المسؤولين الروس، كان حليموف، وأصله من طاجيكستان، عنصرا في القوات الخاصة قبل انضمامه إلى تنظيم داعش عام 2015. وقال الجيش الروسي، إن طائراته قصفت مسلحي التنظيم خلال اجتماعهم لبحث خطة التصدي للقوات السورية التي حققت انتصارات في دير الزور.
وكان مسؤول عسكري أميركي استبق الإعلان الروسي بتأكيده أن التحالف الدولي ضد "داعش" قتل 85 عنصرا من التنظيم المتطرف كانوا في القافلة المحاصرة في الصحراء السورية وتضم في 17 حافلة، عالقة في محافظة دير الزور منذ 29 أغسطس/آب الماضي.
ويقول مسؤولون أميركيون، إن نحو 300 من عناصر "داعش" وعدد مماثل من المدنيين من أفراد أسرهم، هم في الحافلات التي انطلقت من الحدود اللبنانية السورية باتجاه الحدود العراقية بموجب اتفاق مع "حزب الله". لكن التحالف الدولي بقيادة واشنطن عرقل سير الحافلات بشنه ضربتين جويتين استهدفتا طريقاً كان من المفترض أن تسلكها القافلة خلال توجهها إلى مدينة البوكمال الحدودية مع العراق؛ ما دفعها إلى تغيير وجهتها نحو مدينة الميادين الواقعة على بعد 45 كلم جنوب شرقي دير الزور، من دون أن تتمكن من التقدم.
وأوضح الناطق باسم الجيش الأميركي ريان ديلون، أن التحالف لم يستهدف القافلة نفسها، وسمح بوصول الطعام لركاب الحافلات، لكنه أشار إلى قتل نحو 85 من عناصر داعش، إما كانوا ضمن القافلة وإما حاولوا مغادرتها في سيارات. وقال ديلون، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، عبر الهاتف للصحافيين من بغداد لقد استهدفنا مقاتلين للتنظيم في شكل منفرد ومقاتلين غادروها في مجموعات صغيرة. وأضاف: بمجرد ابتعاد مقاتلي التنظيم بقدر كاف من الحافلات، استهدفناهم وسنواصل استهدافهم... حيث يمكننا إصابتهم من دون إلحاق الضرر بالمدنيين في القافلة. وكانت القافلة التي تضم عناصر التنظيم انقسمت إلى مجموعتين يوم الأحد الماضي؛ إذ بقيت بعض الحافلات في الصحراء في شمال غربي البوكمال، في حين توجهت البقية نحو مدينة تدمر في وسط حمص، وهي منطقة تسيطر عليها الحكومة السورية.
وقال ديلون، إن التحالف قرر وقف رصد الحافلات التي توجهت غربا في الداخل السوري. وقدم التحالف إلى روسيا اقتراحا يسمح بخروج المدنيين من القافلة. لكن ديلون أوضح، أن الاقتراح لم يلق تجاوبا من موسكو، ما يبقي مصير مقاتلي التنظيم وعائلاتهم غامضا.
في هذا الوقت، استعرت مجددا المعركة داخل مدينة دير الزور التي تمكنت القوات الحكومية السورية مؤخرا من الوصول إليها وفك جزء من الحصار الذي يفرضه "داعش" على قوات أخرى تابعة لها موجودة فيها. وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان بأن طائرات الروسية وأخرى تابعة لدمشق واستهدفت يوم أمس وبشكل مكثف مناطق في محيط اللواء 137. وفي منطقة جبل الثردة ومحيط المطار العسكري، وفي المنطقة الفاصلة بين كتلة مطار دير الزور العسكري وكتلة الجورة والقصور واللواء 137، وسط اشتباكات عنيفة في منطقة المقابر بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وعناصر تنظيم "داعش" من جهة أخرى.
كذلك قال المرصد، إن بلدة الشولا تشهد اشتباكات عنيفة بالتزامن مع قيام داعش على إضرام النيران في آبار نفطية بجنوب طريق دير الزور السخنة دمشق، الذي يعد الشريان الرئيسي لمدينة دير الزور. وأشار رامي عبد الرحمن مدير المرصد في تصريح إلى أن معركة مدينة دير الزور تنحصر بسعي النظام للسيطرة على الطريق السابق ذكرها؛ لأنه بذلك يتحول من محاصر داخل المدينة إلى الطرف الذي سيحاصر عناصر داعش الذين يسيطرون على 60 في المائة منها. وأضاف: بعد السيطرة على الشولا، سيتجه النظام للسيطرة على الحقول النفطية وصولا لدوار البانوراما، وبذلك تكون معركة المدينة حسمت لدمشق.
في هذا الوقت، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر مقرب من القوات السورية وصول مساعدات عسكرية روسية إلى دير الزور لدعم القوات المتقدمة في المنطقة. وقال المصدر: أرسلت القوات الروسية في قاعدة حميميم العسكرية في محافظة اللاذقية، مساعدات عسكرية للقوات الحكومية مؤلفة من 300 جندي روسي وراجمات صواريخ وجسور متنقلة وصلت براً إلى مقر اللواء 137 جنوب غربي مدينة دير الزور؛ وذلك لدعم القوات الحكومية في معركة استعادة السيطرة على طريق دير الزور - تدمر، وفك الحصار عن مطار دير الزور العسكري الذي يحاصره عناصر داعش. وأضاف المصدر، أن القوات الحكومية تواصل تقدمها باتجاه مدينة دير الزور، ووصلت إلى مسافة 10 كيلومترات من بلدة الشولا، كما تتقدم في اللواء 137 باتجاه جبل الثردة لفك الحصار عن مطار دير الزور ومحاصرة المدينة من جهة الشرق. وكشف المصدر أن قوات الحرس الثوري الإيراني المتواجدة في منطقة حميمة جنوب شرقي دير الزور تتحضر للتوجه للمشاركة في معركة دير الزور.