القاهرة – علي السيد
أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن مصر تعتنق رؤية أكثر رشادة تتعلق بكيفية إدارة التغيير الذي لا غنى عنه، ولكن بأقل ثمن ممكن، وذلك بالحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها كضمانة لاستقرار الشعوب والمجتمعات، والحيلولة دون الانزلاق إلى هوة سحيقة من عدم الاستقرار كما حدث في بعض الدول المجاورة، وقد تجسد ذلك مؤخرا في موقف الرباعي العربي من الأزمة القطرية وتمسكه بمواقفة المطالبة بتصحيح قطر لمسارها إزاء الدول العربية والتوقف عن دعم الجماعات الإرهابية، وتقديم الدعم والملاذ لقيادات تلك الجماعات .
جاء ذلك في محاضرة لشكري أمام الملتقى السنوى لسفراء رومانيا بالخارج، كأول وزير خارجية من خارج الاتحاد الأوروبي يتم دعوته لإلقاء محاضرة أمام الملتقى، حيث أبرزت كلمة شكري مصر كنموذج لهذا التغيير المحسوب بدقة الذي يحقق الموازنة بين متطلبات التغيير في إطار هياكل الدولة القائمة، استنادا إلى وعي الشعب المصري المترسخ عبر الزمن الذي أراد حكما ديمقراطيا دون زعزعة أركان الدولة، مشيرا الى ان السياسة الخارجية المصرية تعكس هذه الرؤية باستنادها إلي عدة مباديء، في مقدمتها السعي إلي السلام والتنمية والتعاون الدولي، واحترام استقلال الشعوب والدول وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخري.
وتناولت كلمة شكري عرضًا شاملا للرؤية الاستراتيجية التي تتبناها مصر في سياستها الخارجية والمباديء الحاكمة لتحركاتها ومواقفها الدولية. وأشار وزير الخارجية إلى المعضلة التي تواجه منطقة الشرق الأوسط منذ ست سنوات، والتي تتمثل في موجة التغيير التي هبت علي المنطقة، مما ادت الي انقسامها إلي معسكرين، الاول يسعي إلي التغيير بأي شكل بما في ذلك التحالف مع قوي تتبني العنف والقتل منهجا لها، والمعسكر الثاني الذي يسعي إلي إعادة عجلة الزمن إلي الوراء، حيث أكد شكري أن كلا المعسكرين تغيب عنه الرؤية الموضوعية والعقلانية ، الأمر ألذي كبد المنطقة خسائر فادحة.
كما تطرق وزير الخارجية إلى موقف مصر تجاه الأزمة السورية الذي يسعى إلى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وعدم تفكيك مؤسساتها القائمة، مع دعم حق الشعب السوري في التوصل إلي حل سياسي مرضٍ يلبي طموحاته في حياة كريمة وآمنة. واستعرض نجاح الوساطة المصرية مؤخرا في التوصل إلي اتفاق بشأن مناطق خفض التوتر في الغوطة الشرقية ووسط حمص، وذلك عن طريق اتصالات مصر المتواصلة مع مختلف الأطراف في سوريا. كما تناول مجهودات مصر إزاء الوضع في ليبيا ومحاولة التقريب بين الفرقاء الليبيين استنادا إلي اتفاق الصخيرات باعتباره المرجعية الأساسية للتوصل إلي حل سياسي للأزمة في ليبيا، كما أشار إلي تواصل المساعي المصرية لإحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي باعتبار هذا الصراع هو جوهر عدم الاستقرار في المنطقة، مؤكدا علي حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ومجددا التأكيد على دور مصر الرائد في هذا الإطار بما تحظي به من مصداقية لدي الطرفين