القاهرة:سهام أبوزينة
تُعد أزمة الليرة التركية، حديث الساحة الاقتصادية، ليس على المستوى العربي فحسب، بل على المستوى الدولي، حيث فقدت الأسهم في الأسواق الناشئة المكاسب التي كانت حققتها خلال ارتفاعها في شهر يوليو/تموز، ووصلت إلى أدنى مستويات سعرية لها منذ مطلع 2016، عندما حققت الأسهم مكاسب بنسبة 60% على مدار فترة العامين التي تلت ذلك.
وخسر مؤشر مورجان ستانلي للأسهم في الأسواق الناشئة 1.7% ليهبط إلى مستوى قياسي جديد، فيما انخفض مؤشر فوتسي للأسهم في الأسواق الناشئة بمقدار 2%، ليسجل أكبر خسائر يومية له منذ مطلع شهر فبراير/شباط الماضي، وليقترب من أدنى مستوى له في اثني عشر شهرًا،وبخلاف الليرة التركية والبيزو الأرجنتينية، كان الراند الجنوب أفريقي الأكثر تضررًا بين عملات الأسواق الناشئة.
ويخشى المستثمرون حاليًا من بيع عملات الأسواق الناشئة ومنها الليرة التركية، لأن ما تحتاجه تركيا والدول المجاورة الآن إجراءات اقتصادية وليس تحركات دبلوماسية، لأن الفشل في حل المشكلات سيكون مكلّفًا للغاية خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأكدت صحيفة الشرق الأوسط السعودية في تحليلها، أن الليرة التركية كانت الأسوأ أداءً بين العملات هذا العام، حيث انخفضت بنسبة 50 في المائة تقريبًا مقابل الدولار في الأشهر الـ12 الماضية، كما تأثرت العملة التركية بالقضايا التي يواجهها اقتصاد البلاد، كالعجز في الحساب الجاري مقترنًا بمستويات عالية من الديون في القطاع الخاص وتمويل أجنبي كبير في النظام المصرفي، بالإضافة إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 15.9 في المائة في يوليو/تموز الماضي، وهو أكثر من خمسة أضعاف متوسط المعدل للدول الغنية، وارتفع الاقتراض الحكومي بالعملات الأجنبية لمستويات خطيرة خلال الشهور الأولى من العام الجاري، غير أن هناك مخاوف من حدوث انهيار في قطاعات التشييد والبناء بعد سنوات من النمو المحموم، تاركة للبنوك ديونًا متزايدة.
وتركت المشكلة المحلية آثارًا على الأسواق العالمية، لتشهد الأسواق الأوروبية انخفاضًا حادًا، حيث يخشى المستثمرون تأثيرات العدوى خاصة البنوك التي تتعامل في الليرة بدءً من الجمعة الماضي، ومن جهته، يعتقد صندوق النقد الدولي أن تركيا لديها مستوى قليل من الاحتياطيات الكافية مما يجعلها عرضة لهجمات المضاربة.
و أفادت الوحدة الاقتصادية لصحيفة "الإيكونوميست" البريطانية أن البنوك الغربية ستعاني من خسائر تراجع الليرة التركية قريبًا، بسبب تداخل العلاقات المصرفية بين البنوك الأوروبية والأميركية مع نظيرتها التركية، غير أن الشركات التركية ستكافح لسداد الديون بالعملات الأجنبية، بخاصة أن الانخفاض الحاد لليرة التركية أدى إلى تضاعف قيمة العملة المحلية المطلوبة لتسديد الديون الخارجية منذ بداية العام..
و قال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن الليرة التركية تستمر في الانهيار، لأسبوع التداول الثاني على التوالي في أسواق، وهو ما جاء نتيجة لاجتماع عدد من العوامل السلبية التي أثرت على العملة المحلية، كما يزيد من تفاقم الهبوط الذي تعانيه الليرة أن المؤثرات التي تدفع بها في الاتجاه الهابط تأتي من مصادر متنوعة منها ما هو ذو صلة بالوضع الاقتصادي والسياسي الداخلي وبعض العوامل الخارجية مثل العقوبات الأمريكية ووضع تركيا بين الاقتصادات الناشئة.
وأضاف النحاس أن تركيا تعاني في الأشهر القليلة الماضية من ارتفاع مستمر في معدل التضخم الذي اقترب من ملامسة مستوى 16.00% مستقرًا في يوليو/تموز الماضي عند 15.8% مقابل قراءة الشهر السابق التي سجلت 15.4%.، موضحًا أن الاتجاه الهابط الحالي لليرة التركية جزء من اتجاه هابط أوسع نطاقا لعملات الاقتصادات الناشئة، التي يُربط أغلبها بالدولار الأمريكي، والتي بدأت في التدهور بارتفاع مستمر للعملة الأمريكية بدأ في إبريل الماضي.
وأوضح الخير الاقتصادي، أنه يُضاف إلى ذلك التوترات في العلاقات في الولايات المتحدة التي فرضت عقوبات على أبرز وزراء حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
يذكر أن الليرة التركية استردت جزءً من الخسائر التي منيت بها مؤخرًا لتصل إلى 6.827 مقابل الدولار بفعل بعض الإجراءات التي أعلن عنها البنك المركزي، إلأ أن تكلفة التأمين على الديون التركية ارتفعت إلى أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2008.
وقفزت عقود مبادلة الائتمان التركية لأجل خمس سنوات بأكثر من 100 نقطة أساس إلى 537 نقطة أساس، وفًقا لبلومبرغ أيضًا، وألغت وزارة المال التركية مزاد لسندات ذات عائد ثابت لأجل 10 سنوات كان من المقرر طرحها الثلاثاء، وستقوم فقط بطرح سندات بعائد متغير.
واستمرت أسواق الخليج في التراجع، ووصل المؤشر الرئيسي للسوق السعودي إلى أدنى مستوياته فيما يزيد على 3 أشهر يوم الإثنين، بفعل إحجام المستثمرين عن أسهم بنوك التي تربطها صلات بالاضطراب الاقتصادي المتفاقم في تركيا