وزارة المالية المصرية

أثار إصدار الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة المالية، إلى سندات دولية بقيمة 2 مليار يورو، العديد من التساؤلات بشأن جدوى هذه الخطوة، والنتائج المرجوة منها، خاصةً في ظل الارتفاع غير المسبوق على طلبات الشراء، والتي تخطت سبعة ونصف مليار يورو خلال الساعات الأولى من الإعلان عن الطرح، وذلك على الرغم من أنه الإصدار الأول من نوعه لسندات مصرية مقومة بعملة اليورو.

وعزز من عملية الطرح، حصول مصر على تصنيف ائتماني B3 "مستقر"، وهو ما يعكس قدرة الدولة على إصدار السندات السيادية في أسواق الدين العالمية، فكلما ارتفعت درجة التصنيف الائتماني السيادي للدولة زادت الفرصة في الحصول على الأموال من الأسواق المالية العالمية بطرح السندات.

وقال الدكتور عمر الجارحي وزير المالية "إن هناك إقبال كبير للمشاركة فى اكتتاب السندات الدولية باليورو التى طرحتها مصر بقيمة اثنين مليار يورو وبلغت التغطيه 8.3 مرات، حيث بلغ إجمالى قيمة الطلبات 5.7 مليار يورو بمشاركة عدد تجاوز 350 مستثمر موزعة على 35 دولة من خمس قارات مختلفة فى تغطيه الطرح وهو ما يعكس زيادة درجة ثقة المؤسسات المالية العالمية فى قدرة وإمكانيات الاقتصاد المصرى خاصة مع قيام الحكومة والسلطات المصرية مؤخرا بتنفيذ حزمة متكاملة من الإصلاحات الهيكلية الهامة، كما يعكس ثقة المجتمع الدولى فى جهود الإصلاح التى تتم والمدعومة بشكل كامل ومستمر من القيادة السياسية".

ولفت وزير المالية في بيان صحافي إلى الوزارة حصل موقع "مصر اليوم" على نسخة منه، إلى أن الحصيلة ستوجه للبنك المركزى لدعم الاحتياطى الأجنبى، أما المقابل النقدى بالجنيه المصرى فسيوجه لتمويل أنشطة الموازنة العامة، لافتًا إلى أن هذه السندات الدولية تعد بمثابة آلية من آليات التمويل تمتاز بأنها تساعد على تنويع كلا من مصادر التمويل وسلة العملات لدى البنك المركزى، خاصة أن أسعار العائد السائدة فى السوق الأوربية تعد أقل تكلفة من أسعار الفائدة فى السوق المحلية والسوق الأمريكية أيضًا وأخيرا بناء نقاط استرشادية على منحى العائد للإصدارات الدولية من تلك الآجال.

وكانت بنوك "دويتش بنك، وبي إن بي باريبا، والإسكندرية سان باولو، وستاندارد شارترد" بدأوا الجولات الترويجية إلى إصدار السندات الدولية باليورو، الأسبوع الماضي.

وناقش موقع "مصر اليوم" الأمر مع عدد من خبراء القطاع المصرفي، للوقوف على مدى أهمية هذه الخطوة، والتي أكد عدد كبير من الخبراء أنها خطوة هامة، حيث ستساعد في ارتفاع نسبة دعم الاحتياطي الأجنبي إلى البنك المركزي، كما أنها ستشجع بقوة الاستثمار الأجنبي خاصةً الأوروبي.

خطوة هامة وثلاثة فوائد

ويقول عمر الشيخ الخبير المصرفي ورئيس قطاع الإئتمان السابق في احد البنوك المصرية إلى "مصر اليوم" "إن الحكومة المصرية، تسعى بشكل كبير إلى تقليل العبء المالي على الموازنة العامة للدولة، وهو مادفعها إلى طرح سندات اليورو، نظرًا إلى انخفاض تكلفة الاقتراض الخارجي عن نظيره الداخلي بشكل كبير".

ويثمن الشيخ فوائد هذه الخطوة، مؤكدًا أن هناك ثلاثة أهداف رئيسية للطرح باليورو تحديدًا وليس الدولار، أولها دعم الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي بسلة عملات متنوعة، ثانيها جذب المستثمرين الأوربيون إلى الاستثمار في مصر، وثالثها تنويع مصادر الاقتراض الخارجي.

ويفسر الخبير المصرفي سر تخطي طلبات الشراء لسبعة ونصف مليار يورو خلال الساعات الأولى من الإعلان عن الطرح، بأن زيادة درجة ثقة المؤسسات المالية العالمية في قدرة وإمكانيات الاقتصاد المصري، هو نتيجة حزمة الإصلاحات المتكاملة التي نفذتها الحكومة مؤخرًا.

زيادة الاستثمار وانخفاض المخاطر

ورأت سهر الدمياطي نائب رئيس بنك مصر السابق والخبيرة المصرفية، أن طرح هذه السندات في بورصة لوكسمبرج، يشجع بقوة الاستثمار الأجنبي خاصًة الأوروبي، نظراً لانخفاض المخاطر، في ظل تغطية عملية الطرح بشكل غير مسبوق.

وتوضح الدماطي أن الهدف الأساسي من "سندات اليورو" هو تغطية احتياجات الحكومة التمويلية من العملة الأجنبية، وتفادي المخاطر التي تلحق بالدولار نتيجة للحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

وتؤكد الدماطي أن العائد على السندات المطروحة، يعد أقل عائد على سندات دولية تم طرحها في تاريخ مصر.

تنويع أدوات الدين

واعتبر الدكتور عمرو عصام الخبير المصرفي واستاذ الاقتصاد في جامعة mci، أن عملية الطرح تأتي ضمن خطة وزارة المالية لتنويع أدوات الدين المستخدمة لسد عجز الموازنة.

ويشير الدكتور عصام إلى أن الدولة قامت بطرح سندات دولارية تقدر بـ 1.5 مليار دولار في عام 2015، بينما قامت بطرح سندات دولارية أيضًا تقدر بـ7 مليارات دولار في 2017، لكنها في هذه المرة طرحت سندات اليورو لتمويل عجز الموازنة العامة، وتنويع أدوات الدين.

مصر لن نحتاج إلى إصدارات جديدة

وأكد خالد عبد الرحمن مساعد وزير المالية لعمليات أسواق المال أن بعدما باعت مصر بنجاح يوم الاثنين الماضي، سندات دولية بعملة اليورو بقيمة ملياري يورو على شريحتين لأجل ثمان سنوات و12 سنة بعائد 4.75% و5.625% على الترتيب، أن مصر لن تحتاج إلى إصدار سندات دولية جديدة حتى نهاية 2018 على الأقل.

وقال عبد الرحمن: "أكثر من 70% من الطلبات كانت من أوروبا و10% من أمريكا وبين 5% و6% من الخليج"، وكان الإصدار الذي بلغ معدل تغطيته 3.8 مثل المعروض، قد جذب طلبات بلغ إجماليها 7.5 مليار يورو من 350 مستثمرا من 35 دولة، وجاء بعد أن طرحت الحكومة سندات دولية دولارية بقيمة 4 مليارات دولار في شهر فبراير.

وكان وفد من وزارة المالية برئاسة الوزير عمرو الجارحى، قام بعمل جولة ترويجية على مدار 3 أيام خلال الفترة من 3-6 إبريل 2018 وبمشاركة كل من أحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية والتطوير المؤسسى، وخالد عبد الرحمن مساعد وزير المالية لشئون عمليات أسواق المال، وقد قام الوفد بزيارة المملكة المتحدة ألمانيا، إيطاليا وفرنسا لعقد اجتماعات مكثفة ومقابلة العديد من المستثمرين الأوربيين ذو الثقل لعرض أهم نواحى الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الناجحة التى تحققت مؤخر ا وانعكست مؤشراتها على تحسن الأداء الاقتصادى ومعدلات النمو بشكل عام.

والتقى وفد "المالية" خلال هذه الجولة مع 70 مستثمرا من أكبر المستثمرين فى أدوات الدخل الثابت فى أوروبا من خلال عقد 8 اجتماعات واحد لواحد و8 اجتماعات لمجموعات، بالإضافة إلى عدة اجتماعات هاتفية calls Conference مع مجموعة من المستثمرين الأوروبيين و 10 من أكبر المستثمرين فى الولايات المتحدة الامريكية من ذوى الملائة المالية الكبيرة والمتخصصين فى الاستثمار فى أسواق المال.

ويذكر أن السندات هي أوراق مالية تقترض الحكومة مقابلها أموالا من السوق الدولية، وتكون مستحقة السداد بعد أجل معين بفائدة محددة سلفا، وكلما قل سعر الفائدة فإن ذلك يعكس مستوى أقل من المخاطر بالنسبة للمستثمر، وتكلفة أقل على الحكومة عند السداد.