الرئيس التركي رجب طيب إردوغان

بعد أشهر من جهود التقارب، يبدو أن العلاقات المصرية - التركية ما زالت تراوح مكانها، إذ وصفها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأنها «ليست في مكانها المطلوب»، وهي المرة الثانية خلال أقل من شهر التي تشكو فيها تركيا من «بطء» تطور العلاقات.
وقال إردوغان، في تصريحات صحافية، نقلتها وكالة أنباء «الأناضول» التركية الرسمية إن «العلاقات على المستوى الرفيع ليست في مكانها المطلوب حالياً». وأشار إلى «استمرار العمل على المستوى الوزاري»، معرباً عن أمله في أن «تتخذ البلدان خطوة أخرى بأفضل الطرق نحو المستويات الأعلى».

تأتي هذه التصريحات بعد أشهر عدة من إجراء جولتين من المحادثات «الاستكشافية» العام الماضي، برئاسة مساعدي وزيري الخارجية في البلدين، الأولى احتضنتها القاهرة، والثانية كانت في أنقرة. وقال ممثلو البلدين حينها إن «المباحثات كانت صريحة ومعمقة وتناولت القضايا الثنائية والقضايا الإقليمية». معلنين الاتفاق على «مواصلة المشاورات».

وأوضح الرئيس التركي أنه «لا خصومة في السياسة، وينبغي أن نكون دائماً في بيئة سلام، وأن تتوافر دائماً فرصة للحوار»، واصفاً الشعب المصري بأنه «شعب شقيق ولا يمكن أن تكون إسطنبول في حالة خصام معه، لذا علينا ضمان الوفاق معه بأسرع وقت».

وفي هذا الإطار، يقول الباحث المصري المتخصص في الشؤون التركية كرم سعيد، إن مساحات التهدئة بين البلدين تشهد «تصاعداً» في الفترة الأخيرة، ويشير في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى تصريحات وزير الخارجية التركي في أبريل (نيسان) الماضي، التي تحدث فيها عن «اتخاذ بلاده خطوات لتقليل حدة التوترات السياسية، مع مصر والمستمرة منذ 9 أعوام، ورفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين».

ويوضح سعيد أن «هذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها عن تركيا تصريحات مماثلة»، مشيراً إلى أن «هناك تطوراً واضحاً في مسار العلاقات، وإسطنبول تأخذ بعين الاعتبار ما فعلته القاهرة عندما استجابت للمطالب التركية عن توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع اليونان عام 2020».

وفي نهاية يوليو (تموز) الماضي، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لقناة «تي آر تي خبر» التركية، أن «تطور العلاقات مع مصر يسير ببطء نسبياً»، وكان أوغلو قد قال في مايو (أيار) الماضي، إن «بلاده ستعمل على اتخاذ (خطوات إضافية مع مصر)»، وقبلها في منتصف مارس (آذار) الماضي، قال وزير الخارجية التركي إن «بلاده ستقدم على خطوات جديدة لتطبيع العلاقات مع مصر».

ويرى سعيد أن هناك جملة من الاعتبارات تقف وراء التحرك التركي، وهي «الرغبة في موازنة المصالح الاستراتيجية، خصوصاً بعد انخراط إسطنبول في ليبيا، وهو الأمر الذي تعارضه القاهرة، إضافة إلى المتغيرات الإقليمية التي تجعل استمرار الاحتقان بين الجانبين لا يتوافق مع حسابات المصلحة»، مشيراً إلى «تزايد التبادل التجاري بين البلدين»، موضحاً أن «كل ما سبق يدفع في اتجاه (ترطيب) العلاقات إن لم يكن تطبيعها».

ويضع سعيد عدة مسارات لتطور العلاقات بين الجانبين، الأول التطبيع الشامل، والذي يرى أنه «بعيد في ظل استمرار القضايا الخلافية بين البلدين، وعلى رأسها التوغل التركي في ليبيا، وملف تنظيم (الإخوان)»، أما المسار الثاني فهو «بقاء الحال على ما هو عليه، مع صدور تصريحات موسمية بين الحين والآخر». السيناريو الثالث وهو «الأقرب» بحسب سعيد، يتضمن «تحسناً محدوداً للعلاقات بالتركيز على النطاق التجاري، مع تهدئة سياسية، وتنسيق في بعض القضايا الإقليمية، تمهيداً لتطبيع كامل في المدى المتوسط».

وفي مارس 2021 أعلنت أنقرة استئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر. وطالبت السلطات التركية حينها القنوات الثلاث الموالية لتنظيم «الإخوان» (مكملين، وطن، والشرق) بوقف برامجها «التحريضية ضد مصر، أو التوقف نهائياً عن البث من الأراضي التركية، حال عدم الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي المطبق في تركيا». ونهاية أبريل الماضي أعلنت قناة «مكملين» وقف بثها نهائياً من تركيا.

  قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

أردوغان يؤكد أن بلادة لا تهدف إلى هزيمة الأسد ويجب اتخاذ «خطوات متقدمة» مع نظامه

اجتماع مرتقب بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والأميركي جو بايدن