القاهرة – علي السيد
ناقش الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، خلال زيارته العراق، مع عدد من المسؤولين أبعاد الاستفتاء المزمع عقده في إقليم كردستان، في 25 سبتمبر / أيلول الجاري، وتداعياته المُحتملة سواء على المستوى الوطني في العراق أو على مستوى الإقليم العربي ككل، وذلك في ضوء ما يرتبط بعقده من تعقيدات وما يثيره من مخاوف بشأن إمكانية تمهيده لانفصال الإقليم من طرف واحد عن الدولة العراقية، والتي تمثل محورًا مهمًا من محاور الأمن القومي العربي، مع الأخذ في الاعتبار التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق خلال المرحلة الحالية، وعلى رأسها خطر التطرف الذي يجسده تنظيم "داعش"، إضافة إلى التدخلات الخارجية في الشأن العراقي. وقال المتحدث باسم الأمين العام للجامعة، محمود عفيفي، أن المسؤولين أعربوا عن ترحيبهم بزيارة الأمين العام وبحرصه على التواصل معهم في هذا الموضوع، في اطار اضطلاعه بدوره المنوط به وفقًا لمسؤولياته. واستمع الأمين العام لتقديرات المسؤولين بشأن التطورات المختلفة التي شهدتها الساحة العراقية على مدار الفترة الماضية.
وأضاف أن الأمين العام أشار إلى هذه الزيارة تهدف إلى تكاتف كل الأطراف للعمل من اجل احتواء الموقف، بما من شأنه الحفاظ على وحدة الدولة العراقية وتأمين مصالح كل أبناء الشعب العراقي، من خلال إعلاء مبدأ المواطنة على المصالح الضيقة لأي طائفة أو جماعة أو فئة بعينها، مع تنويهه بخطورة المأزق الحالي في ظل ما يمكن أن يقود إليه من تداعيات ونتائج سلبية، يتخطى أثرها الإقليم العراقي ليهدد أمن واستقرار المنطقة. ولفت المتحدث إلى أن الأمين العام لمس خلال اللقاءات التي أجراها اتساع هوة قلة الثقة في العلاقة بين الإقليم والحكومة المركزية، وعبر عن قلقه للجانبين حيال هذا الوضع بالرغم من العلاقات الشخصية الإيجابية التي تربط بين القيادات من الجانبين، والتعاون المشترك الذي أفضى إلى تحقيق الانتصارات الكبيرة على التطرف.
ودعا الامين العام إلى احتواء الخلافات القائمة عبر الحوار، واستنادًا إلى ما ينص عليه الدستور العراقي فيما يتعلق بالعلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم، مطالبًا الطرفين بمراجعة شاملة لموضوعات الخلاف وصولاً إلى أرضية مشتركة وتفاهمات مضمونة تحفظ للعراق وحدته، وبالتالي استقراره وسلامته الإقليمية. كما دعا إلى قراءة الأوضاع الإقليمية والدولية بدقة، محذرًا من خطورة الانزلاق إلى أي وضع قد يضر بمصلحة العراقيين عمومًا، ويهدد السلم الاجتماعي في حالة تفاقم الأزمة القائمة واتخاذ مزيد من الإجراءات التي تقود العراق والمنطقة إلى تداعيات خطيرة. وأضاف المتحدث أن الأمين العام طرح على المسؤولين ضرورة فتح حوار عاجل ومباشر وصريح بين الجانبين، بما يسمح باستعادة الثقة المفقودة، على أن ينطلق هذا الحوار من ثوابت يأتي على رأسها أن المصلحة العليا لكل مكونات الشعب العراقي هي الحفاظ على وحدة الدولة، وأن يكون هناك عملاً جادًا ومخلصًا من أجل ترسيخ مفهوم دولة فيدرالية ديمقراطية قوية ومستقرة في العراق، تكفل حماية وتعزيز حقوق كل أبناء الشعب العراقي بشكل متساوٍ، وفي ظل إعلاء مبدأ سيادة القانون والإقرار بأن الأكراد هم مكون أصيل من مكونات هذه الدولة، لا يجب تهميشه أو تنحية دوره في إطار الحديث عن مستقبل الدولة العراقية، أو أي صيغة للعملية السياسية في العراق.
وأكد الأمين العام ضرورة أن يتضمن هذا الحوار مناقشة القضايا العالقة بين الجانبين والإشكاليات المختلفة التي تشهدها العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان، مشيرًا إلى أهمية البناء على التعاون القوي الذي قام بين الطرفين وأثمر عن تحرير أجزاء غالية من الأرض العراقية، من قبضة تنظيم "داعش"، في ظل تضحيات كبيرة من جانب العراقيين، كما أكد للطرفين حرص الجامعة العربية على مصلحة العراق بكل مكوناته واستعدادها للقيام بالدور المنوط بها تجاه العراق وشعبه، مشددًا على أهمية بدء حوار شامل بين كل المكونات الطائفية والعرقية والأحزاب السياسية، من أجل تهيئة الأجواء قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وتوسيع قاعدة المشاركة في العملية السياسية، وترسيخ مفهوم المساواة في المواطنة.