القاهرة - محمود حساني
تجرّدت أم مصرية، من كافة مشاعر الأمومة والإنسانية، عندما أقدّمت بدمٍ بارد على تعذيب طفلها، البالغ من العمر 5 أعوام. وتعود تفاصيل الواقعة البشعة، عندما تلقّت الأجهزة الأمنية، إخطارًا، يُفيد وصول، الطفل "محمود. ح. ر" 5 أعوام، مُقيم في إحدى قرى مركز الخانكة التابع لمحافظة القليوبية، إلى مستشفى جامعة عين شمس، مصابًا بجروح وحروق في مناطق حساسة من الجسد، وآثار تعذيب بالسجائر المشتعلة في الوجه والصدر، وكدمات في جميع أنحاء الجسد، وخلع في الأظافر.
وبسؤال جد الطفل لوالده، اتهم والدة الطفل "نعمة. ع. م" 29 عامًا - ربة منزل، وزوجها "أحمد. م. إ" 28 عامًا- نجار مسلح، مقيمين في الخانكة، مضيفًا أنهما قصدا الشروع في قتل الصغير. وعقب تقنين الإجراءات، تمّكنت قوات الأمن من توقيف المتهمين، وأنكرت الأم الاتهامات الموجهة إليها، متهمةً زوجها بالتعدي بالضرب على ابنها، بينما اعترف الزوج بارتكاب الواقعة واشتراك الأم بقصد تأديب الطفل. ولا تعد هذه الواقعة هي الأولى من نوعها، ولن تكون بطبيعة الحال، هي الأخيرة، بل أن هناك حالات أخرى لأطفال يتعرضون يومياً لحالات تعذيب مُماثلة، لم يأت بعد موعد اكتشافها.
وتعذيب الأطفال جريمة إنسانية قبل أن تكون جريمة وفقاً لأحكام القانون ، ونظرًا لخطورة هذه الجريمة ، لما تمثله من انتهاكاً صريحاً للحقوق الأطفال ، تبذل الحكومة المصرية ، جهوداً واسعة للقضاء على هذه الظاهرة التي زادت حدتها خلال الفترة الأخيرة، وحرصت على تشديد العقوبات المُقررة على هذه الجريمة لتصل إلى السجن المُشدد 15 عاماً، وفقاً لآخر التعديلات التي طرأت على قانون العقوبات المصري في عام 2016. وتُشير دراسة حديثة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية، إلى أن انتهاك حقوق الطفل يتم بنسبة كبيرة في الدول النامية، وخاصة دول العالم العربي، والتي تزيد فيها نسبة عمالة الأطفال وحرمانهم من حقهم في التعليم والحياة الكريمة التي يستحقها كل طفل.
وتوجد العديد من مظاهر انتهاك حقوق الطفل وتتمثل في الانتهاك الجسدي، وهو أي تعدي علي الطفل جسديًا، سواء بالضرب أو بالتعذيب البدني أو التعدي الجنسي، وتعريضه للجروح أو الإصابات. ومن مظاهر الانتهاك الأخرى الانتهاك النفسي، وهو توجيه الشتائم والألفاظ التي تؤثر بالسلب على نفسية الطفل وتجعله يشعر بالإهانة، والانتهاك العقلي ويتمثل في حرمان الطفل من حقه في التعليم أو مصادر الثقافة المختلفة مما يؤخره دراسياً وثقافياً عن أقرانه. ولانتهاك حقوق الطفل الكثير من الآثار السلبية، وأنه يؤثر علي شخصيته ويجعله شخصاً عدوانياً متسلطاً ويكون انطوائياً في كثير من الأحيان، كما تدفعه إلي التدخين أو إدمان المخدرات، وتجعله يميل إلي الكذب والسرقة والأفعال الإجرامية.
وأكد خبراء معنيون بحقوق الطفل، في لقاءات مع " مصر اليوم "، على ضرورة قيام منظمات المجتمع المدني بدورها على أكمل وجه والتعاون مع الحكومة، للقضاء على هذه الظاهرة، التي تُمثل خطورة كبيرة على مستقبل الأطفال الذين يتعرضون إلى تعذيب. وطالب أستاذ علم الاجتماع في جامعة أسيوط، فوزي عبدالعزيم، بتكثيف حملات التوعية، وتوضيح مخاطر هذه الظاهر وآثارها، وتنظيم وعقد ندوات، وكذلك التنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي، لشّن حملات مفاجئة على مؤسسات رعاية الأطفال، والتي تُكثر فيها حالات تعذيب الأطفال.
ويرى أستاذ القانون الجنائي وعميد كلية الحقوق الأسبق الدكتور محمود كبيش، أن تعذيب الأطفال، جريمة لا تسقط بالتقادم، وهو ما نصت عليه صراحةً المادة 52 من الدستور المصري المُعدل في عام 2014 بقولها "أن التعذيب عقوبة لا تسقط بالتقادم"، وتتراوح عقوبة تعذيب الأطفال ما بين السجن المُشدد 15 عامًا وقد تصل إلى حد الإعدام، إذا أدى التعذيب إلى وفاة الطفل وكان ذالك مع سبق الإصرار، وذالك وفقاً لظروف وملابسات كل واقعة.