تونس-أسماء خليفة
يعيش عدنان المنصر الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ومدير الديوان الرئاسي هذه الأيام موقفا لا يحسد عليه ما بعد اتهامه بالتهجّم على الشهيد محمد البوعزيزي رمز الثورة التونسية.
وكان المنصر صرّح في حوار أدلى به لجريدة "الدستور" الأردنية بأن الشهيد محمد البوعزيزي كان ظالما ولم يكن مظلوما قائلا "ما يسمّى بحادثة
البوعزيزي وما إلى ذلك بنيت كأسطورة وكل الثورات تحتاج إلى أساطير، لم يعد أحد يتحدث عن البوعزيزي في تونس بل بالعكس أصبحت عائلة البوعزيزي مكروهة نوعا ما فبعض أفراد هذه العائلة استفادوا من الصورة أو من هذه الدعاية، أبناء البلدة يعرفون بأنها دعاية كاذبة ولكن العائلة استفادت من أجل تحقيق مكاسب شخصية".
هذا التصريح أثار غضب أهالي محافظة سيدي بوزيد مسقط رأس الشهيد البوعزيزي لتتعالى الأصوات المنادية بعزل المنصر من منصبه والتلويح بإضراب عام في الجهة والتصعيد بالدخول في احتجاجات في المحافظة رفضا للاعتداء على رمز الثورة.
ومثلت محافظة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية حيث انطلقت موجة الاحتجاجات الاجتماعية العفوية التي أطاحت بنظام بن علي ودفعته إلى لهروب نحو منفاه في السعودية. ويُعدّ تصريح منصر، الذي هو عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية أو ما يُعْرَفْ في تونس بحزب الرئيس باعتبار أن مؤسسه هو رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي، سابقة إذ هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤولا رفيع المستوى بهذا الشكل عن رمز الثورة التونسية.
وللإشارة نذكر أن الرئيس المرزوقي تعرّضت منصته للاعتداء بالرشق بالطماطم في احتفالات عيد الثورة في محافظة سيدي بوزيد خلال كانون الأول/ديسمبر من العام 2012 كما منعته حالة الاحتقان التي تعيشها المحافظة من حضور احتفالات العام الماضي. وكانت "العرب اليوم" علمت من مصادر مطلعة أن الأمن الرئاسي أعلم الرئيس المرزوقي بأنه غير مرحب به في المحافظة وأنه سيعجز عن حمايته في حال أصر على الحضور في الاحتفالات. فهل كان المنصر يودّ الانتقام لزعيم حزبه من خلال نزع صفة الرمزيّة عن شهيد المحافظة في تصريحه ل"الدستور" ؟ والإجابة هي "ربّما" وفقا لعدد من المتابعين لهذا الملف دليلهم في هذا التحليل هو تصاعد الأصوات المنادية باستقالة المرزوقي من منصبه في حال نيّته الترشح للسباق الرئاسي نهاية العام الجاري.
في المقابل علمت "مصر اليوم" أن عائلة الشهيد البوعزيزي قررت مقاضاة عدنان المنصر على خلفية تصريحاته.
وكان الدكتور المنصر لفت في حوار مع «الدستور» الأردنية أن عائلة الطرابلسية أنسباء الرئيس المخلوع أنهكوا الاقتصاد التونسي وحرموه من ملايين الدولارات ووقفوا عقبة أمام تطوره وانتعاشه، مشيرا إلى أن ترهل الأنظمة يفقدها حق إنشاء النظم الديمقراطية في إشارة إلى حالة القبضة الأمنية التي كانت تُمارس بحق الشعب التونسي.
وأكد المنصر أن قصة البوعزيزي ليست صحيحة، مشيرا إلى أنه كان ظالما وليس مظلوما ولكن شباب الثورة صنعوا منه أسطورة، موضحا أن الصورة التي وزعت وهو محترق لا تعود له وأنها مزوّرة تماما كما الصورة التي وزعت للرئيس المخلوع بن علي وهو يعوده في المستشفى.
وقال الدكتور المنصر، إن العقيدة القتالية للجيس التونسي تغيّرت وأصبحت الآن تقوم على مقاومة الإرهاب، لافتا إلى أن القبيلة التونسية تلاشت ولم يعد مفهوم العشائرية موجودا إلا في منطقة واحدة في البلاد.
وأضاف أن تونس كانت أول دولة عربية تقاطع سورية وسبقت بذلك دولا عربية كثيرة وأن القرار اتخذته الرئاسة التونسية دون أن تتعرّض لأي ضغوط بهذا الشأن بدليل أنها سبقت الجميع بهذه المقاطعة.
وأوضح أن ما نسميه في تونس بالمفردات الحزبية، الصراع بين القديم والجديد هو في نهاية الأمر صراع بين نخبة قديمة لا تريد أن تمضي ونخبة جديدة لم يفسح المجال لها حتى تمسك بمقاليد الأمور، فالصراع بين القديم والجديد أو ما بين النظام القديم والجديد هو في أحد وجوهه هو هذا الصراع بين نخبتين، نخبة كانت تحكم وأزاحتها الثورة وتريد العودة الآن إلى الحكم باستعمال الأدوات الديمقراطية التي فرضتها الثورة، والتي كان فضل النخبة المقصاة كبيراً في إرسائها، وهذه النخبة الجديدة التي لا تجد الظروف مهيأة بالكامل أمامها لاستلام الأمور، فيجب أن تصارع النخبة القديمة من أجل استلام الأمور، لذلك تجدون الآن في تونس هناك من كبار رجال النظام السابق في التسعين من العمر ويرغبون في التقدم للانتخابات، في النظام الديمقراطي العادي هذا أمر معقول ومن حق كل تونسي أن يترشح للانتخابات الرئاسية، ولكن بعيداً عن المناكفة الحزبية والمناكفة السياسية الضيقة، الأمر يهدد فعلاً باستعادة النظام القديم لمواقعه، لأن الأمر لا يتعلق بكبار السن فقط، يتعلق بخيارات جربتها النخبة طيلة 50-60 عاماً، ولو كانت هذه الخيارات ناجحة لما قامت الثورة في البلاد، فالبعض من هؤلاء الأحزاب التي تتبع النظام القديم يتحدث الآن عن ضرورة أن يستمع الناس إلى برنامجها، في حين أنها كانت تنفذ برامجها طيلة خمسين عاماً، وأسفر الأمر عن ما أسفر عليه من تطرف ومن سوء توزيع الثروات ومن اختلال التوازن الجهوي، ومن بطالة الشباب ..الخ، لا يجب أن ننكر أن نخبة الاستقلال بصفة خاصة قامت بدور كبير في تونس، وأنشأت الدولة العصرية، وساهمت في إحداث الإرهاصات الأولى للدولة المدنية في تونس، نتحدث عن نخبة الاستقلال، النخبة التي قادها الزعيم بورقيبة رحمه الله، وهي نخبة حققت لتونس في ظرف قرابة 15 عاماً من الاستقلال حتى نهاية الستينات، أهم المكاسب التي بنينا عليها فيما بعد.
وعما إذا كان نظام بن علي يتحمل مسؤولية المشاكل كلها التي أدت إلى الثورة، قال على الأقل يتحمل جزءا كبيرا من هذه المشاكل، وإن كان بحسب مقدرات البلاد لم يكن ممكناً حل مشكلة البطالة بطريقة كاملة، ولو حاول نظام بن علي، ولكن هناك نسبة كبيرة من المسؤولية تتمثل في مساعدة النظام على استشراء الفساد، لو كان الناس يرون بأن السلطة تحاول والسلطة نظيفة اليد لربما صبروا أكثر وكانوا متفهمين أكثر، ولكن المشاكل الاجتماعية مع ارتفاع نسبة الأموال التي تذهب في المعاملات الفاسدة، إلى درجة أن ما يسمى بالطرابلسية في تونس وهم عائلة زوجة الرئيس، هم الفئة المسيطرة على الاقتصاد والذين يفرضون شراكتهم الإجبارية على المستثمرين بما في ذلك الأجانب، فيفرضون شراكة 50% دون أن يدفعوا شيئاً، ودون أن يقوموا بأي جهد، ويفرضون هذه الشراكة في كل القطاعات حتى أنهم وصلوا إلى بذور الطماطم، وفي القطاعات كلها أيضاً، في مسألة التوريد والتصدير، خصوصا شركة التوريد والتصدير في تونس هي شركة توريد أكثر منها تصدير، في شركات التوريد كان هناك تقسيم للموانئ، كل عصابة تستفيد من ميناء، فأكبر الموانئ التجارية في تونس هو ميناء رادس قرب العاصمة، ومثال على ذلك، حيث إنني من بلدة فيها نشاط بيع قطع الغيار المستعملة الآتية من أوروبا من السيارات المفككة، وكانت تأتي قطع الغيار هذه في صناديق عبر البحر، وتنزل في ميناء رادس، لا يدفع صاحب البضاعة للدولة التونسية مبلغا إلا مبلغ ألفي دينار تونسي، أي ما يقارب ألف دينار أردني تقريباً، في حين يدفع لـ»صاحب الفضل عليه» وهو من العائلة الحاكمة 70-80 ألف دينار، أي أن مداخيل الدولة من الجمارك نفسها كانت تذهب في جيوب الفاسدين، فكل هذه الأمور مع مجتمع مثقف تصله المعلومة بسرعة، وأحياناً حتى لو وصلت بتشويه فهو تشويه مقصود، الغرض منه هو زيادة النقمة وزيادة الغضب، لكن واقع أن الفساد سيطر على كل الفضاءات فهذا واقع لا شك فيه في تونس.
وأضاف "يكفي أن أقول لكم، إنه عندما توفي بورقيبة لم يكن يملك شيئاً ولا حتى بيتا، وكان عندما يشعر بسوء تصرف حتى من ابنه يقوم بعزله، حيث قام بعزل ابنه أكثر من مرة، مع العلم بأن ابنه كفاءة، حيث كان وزيراً للخارجية، واستلم حقيبة اقتصادية في فترة من الفترات، وكان يسمى الحبيب بورقيبة الابن، وهو من زوجته الفرنسية، والرجل لم يكن في وارد الاستفادة من موقعه لنفسه أو لعائلته، وأكثر الفترات صعوبة على التونسيين كانت الفترة الأخيرة من حكم بورقيبة لأنه لم يعد قادراً على مراقبة الجميع، ولم تعد له القدرة على معرفة مقياس العملة، ففي فترة من الفترات أراد أن يعطي هدية لابنة أخته فأعطاها عشرة دنانير حيث كانت تريد السفر إلى باريس، وأعطاها العشرة دنانير لتشتري هدايا للعائلة، في حين أن العشرة دنانير كانت ثمن سيارة أجرة من وسط العاصمة إلى قرطاج، فكان الرجل في غيبوبة شبه كاملة، ولكن كان هناك حوله مجموعة تستفيد من هذه الغيبوبة وتحاول إعادة التصرف منها بن علي نفسه، وقامت بإحداث حالة فزع من الإسلام السياسي، وربطه بالإرهاب من أجل تبرير استعمال الأدوات القوية، ومن أجل أن يبدو بن علي بأنه رجل المرحلة والمنقذ، والكثير من المؤامرات افتعلت افتعالاً واصطنعت اصطناعاً في مقرات الداخلية ومقرات المخابرات بإشراف بن علي نفسه حتى أصبح بورقيبة تقريباً لا يثق إلا في بن علي إلى أن جاء الانقلاب الطبي أو الانقلاب الصحي في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1987، ودخلت البلاد خلال هذه الفترة في عامين من الأمل إلى أن جاءت الانتخابات ودلست بالكامل، فعرف التونسيون بأنهم خرجوا من نفق ودخلوا نفقا آخر أكثر ظلمة وأكثر عمقاً.
- "الدستور"، حادثة بوعزيزي فجّرت الثورة وكانت الشرارة، السؤال الآن من الذي صنع الثورة ومن ركب موجتها؟ السؤال الثاني مستقبلي، الصورة الآن التي أوردتها بأن الوضع لا يزال غير مستقر في تونس سياسياً، وما يستتبع ذلك من آثار على الاقتصاد والذي بالأساس هو همّ المواطن التونسي، برأيكم كم سيستغرق من وقت ليشعر المواطن التونسي بالاستقرار وأن تقلّ البطالة وتزيد فرص العمل؟.
ورد المنصر قائلا "ما يسمى بحادثة البوعزيزي وما إلى ذلك، بنيت كأسطورة، والثورات كلها تحتاج إلى أساطير، والثورة دون أسطورة كأنها لم تكن، فالحادثة التي انطلقت بدءاً منها الاحتجاجات حصلت بضع مرات في السابق، ولم تؤدِ إلى شيء قبل 6 أو 7 أشهر، حيث حصلت في مونستير، أحد المواطنين الذي منع من وضع كشك لبيع السكاكر وما إلى ذلك من طرف السلطة المحلية أحرق نفسه ولم يحدث أي شيء، أيضاً أحداث الحوض المنجمي التي سقط فيها ضحايا بالرصاص لم يحدث فيها أي شيء، لكن ما حصل أنه عندما حدثت حادثة البوعزيزي كان هناك بعض الشباب المتعلم الثوري الذي صنع منها الأسطورة، وتم الحديث على أنه من حملة الشهادات العليا، وهذا لم يكن صحيحاً، فالبوعزيزي لم يكن يحمل حتى شهادة البكالوريا، وهو لم يكن مظلوماً فيما حصل بل كان ظالماً، هو الذي اعتدى على عون التراتيب البلدية، وأهانها بالكلام وبالعنف، لكن الشباب الذين بنوا هذه الأسطورة خاصة عن طريق الفيس بوك والومضات المسجلة بالهاتف والتي كانت تبثها قناة الجزيرة أحدثوا حالة معينة، فعندما حدثت حادثة البوعزيزي كان يوم خميس أو جمعة، فكنت بعد يوم من الحادثة في مناسبة اجتماعية وحصل حديث بشأن هذا الموضوع، وطلب رأيي في هذا الأمر، فقلت من المستحيل أن تتطور إلى أي شيء، لأنه حصل سابقا العديد مثل هذه الحادثة، لكنها تطورت بالفعل بحركة احتجاجية استفادت هذه الحركة الاحتجاجية من اللحمة العشائرية في المنطقة، منطقة البوزيدي، فيها الانتماء العشائري لا يزال له قيمة، وشباب ثوري جامعي مثقف ومتعلم يستعمل الأدوات العصرية في تحقيق التواصل والدعاية لهذه الحادثة، وحتى الصورة التي انتشرت للبوعزيزي ليست صورته، فلا أحد صوره وهو محترق، ثم تعامل السلطة مع هذا الموضوع، حيث إن السلطة لم تدرِ ماذا تفعل، إلى درجة أن هناك صورة لابن علي وهو يعود البوعزيزي في المستشفى ولكن اتضح فيما بعد أنه يعود شخصا آخر لأن البوعزيزي توفي، لكن بنيت أسطورة، والشعوب تحتاج إلى أساطير. بعد ستة أشهر أو سبعة أشهر من الثورة لم يعد أحد يتحدث عن البوعزيزي في تونس، بل بالعكس أصبحت عائلة البوعزيزي مكروهة نوعاً ما، فبعض أفراد هذه العائلة استفادوا من الصورة أو من هذه الدعاية، أبناء البلدة يعرفون بأنها دعاية كاذبة ولكن العائلة استفادت من أجل تحقيق مكاسب شخصية، وبعض الأمراء كانوا يستدعون والدة البوعزيزي ويستضيفونها ويعطونها أموالا، فالمرأة تركت قريتها واشترت مسكنا في ضواحي العاصمة الراقية، فحادثة البوعزيزي ما يسمى بالقادح في التاريخ، أي الشرارة الأولى. التحوّل الذي حصل في الثورة لم يحدث في سيدي بوزيد بل حصل في القصرين باستخدام مفرط في القوة، حيث في يوم واحد قتل ستة إلى سبعة شباب في عمليات تشبه الإعدامات الميدانية، عمليات إطلاق رصاص مباشر نحو الرأس ونحو الأعضاء الحيوية، ثم انسحاب الشرطة حيث لم تعد قادرة على السيطرة على الوضع، ودخول الجيش، فالجيش طرد الشرطة من المدينة، وعندما سيطر الجيش على الوضع في المدينة هدأت الأحداث لأن الصراع كان مع الشرطة وليس مع الجيش، ثم تتالت الأحداث بالطريقة التي تعرفونها.
ولدى سؤاله عن كم من الوقت يستغرق الاستقرار في تونس، أعرب عن اعتقاده أن تحقيق الاستقرار إذا ما نجحت الحكومات القادمة في تحقيقه سيستغرق على الأقل عشرة أعوام، لأنك لا يمكن أن تصنع استقرارا سياسيا دون استقرار سياسي واجتماعي، البنية الاقتصادية الوطنية في تونس هي بنية منهكة، اقتصاد محلي ضعيف القدرة التنافسية، تضرر الكثير من النسيح الصناعي والنسيج الاستثماري نتيجة الأحداث في تونس نتيجة المطالبات والاحتجاجات الاجتماعية الكثير من المستثمرين غادروا البلاد، والكثير من المستثمرين التونسيين أصبحوا يستثمرون خارج تونس، لأنهم غير آمنين على استثماراتهم، الاستثمار العربي نفس الشيء، وهناك أجهزة مخابرات اشتغلت في تونس على المستوى الاقتصادي لأخذ الاستثمارات من تونس ونقلها لبلدان أخرى وإعطاء امتيازات وما إلى ذلك، القطاعات الاقتصادية الحيوية تعطّلت جزئياً أو كلياً، القطاعات التي كانت تحقق أرباحا للدولة أصبحت خاسرة الآن، فإصلاح كل هذا لا يمكن أن يتم بوقت قصير، مع معدل زيادة أجور في القطاعات بين 50-60%، ليس هناك دولة في إمكانيات تونس تستطيع تقديم هذه الزيادات دون أن تورط نفسها في الديون والقروض، وعندما تنظرون إلى حجم الديون التي حصلت في تونس منذ سنتين هي ديون جزء كبير منها ليس ديونا استثمارية، بل هي ديون للسماح بزيادة الرواتب والمحافظة على نسبة محدودة من التضخم، لكن آلياً زيادة الرواتب بهذه النسبة وبالمقابل عدم زيادة الثروة بنسبة مقابلة أو قريبة يؤدي إلى التضخم، وإلى ارتفاع أسعار، وهذا يزيد من الاحتجاجات الاجتماعية، فلو أن الحكومات القادمة سلكت سياسات سليمة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي سيتطلب منها تحقيق الاستقرار عقدا من الزمن، لأن كل البنية الاقتصادية تشوّهت وتضرّرت، وإصلاحها يتطلب قرارات صعبة، ولا أعتقد أن 6-7 أشهر في يد هذه الحكومة كافية لاتخاذ كل هذه القرارات الصعبة.
ولدى سؤاله عن الدروس التي استفادتها النخبة الجديدة في تونس خصوصاً، والنهضة عموماً، من التحولات التي حدثت في مصر، بالإضافة إلى أن هناك حديثا عن دور للجيش في تحولات الثورة في تونس، وما هي الصورة الحقيقية لهذا الأمر، وسؤال آخر، إذا اتفقنا أن ما حدث في تونس هو ثورة فإن الثورة أسقطت بعداً مهماً وهو العدالة الاجتماعية، ومفهوم العدالة الانتقالية الذي كان يجب أن يكون موجوداً بعد رحيل نظام وقدوم نظام، لماذا أسقطت تونس بثقافتها الفرانكفونية وهذا المعنى الثقافي مفهوم العدالة الانتقالية وانتقلنا للحديث عن ثائر وغير ثائر.. الخ، كما أن هناك مؤسس قوي في اللعبة التونسية السياسية وهو اتحاد الشغل، وإذا لاحظنا في الفترة الأخيرة كان لاعباً رئيساً لضبط التوازن في تونس، وهو لاعب رئيس، أين أصبح اتحاد الشغل؟ وما الشكل المستقبلي في ظل الحديث على أن حزب النهضة ما زال هو الذي يستأثر بالمشهد؟ ، قال المنصر "بالنسبة للعدالة الانتقالية فهي تأخرت ولكن هناك عدالة انتقالية في تونس الآن، نحن في مرحلة انتخاب أعضاء هيئة الحقيقة والكرامة التي ستكون هي محكمة هيئة العدالة الانتقالية، وهيئة العدالة الانتقالية قانونها تأخر لأنه كانت هناك رغبة في الاستفادة من جميع تجارب العدالة الانتقالية في العالم، وكانت هناك وزارة كاملة مخصصة للعدالة الانتقالية، وهذه الوزارة أنتجت قانوناً صادق عليه المجلس الآن، يقع تركيز وانتخاب أعضاء هيئة الحقيقة والكرامة وهو ما يمكن أن نسميه محكمة القضاء الانتقالي او العدالة الانتقالية".
وبالنسبة لمسألة الترويكا في سورية، أريد التذكير بشيء، وأنا كنت في صلب هذا الموقف، لأنني أنا الذي أعلنت عنه بصفتي ناطقاً رسمياً لرئاسة الجمهورية، وكان ذلك يوم المولد النبوي الشريف، وفي ذلك اليوم حصلت مجزرة ارتكبتها قوات النظام في إحدى المناطق السورية، وفي تلك الفترة كانت المظاهرات في سوريا سلمية، ولم يطلق فيها المتظاهرون رصاصة واحدة.. لو عدنا إلى تاريخ صدور القرار التونسي كانت الثورة السورية لا تزال في مسألة التعبئة المدنية ولم يكن هناك رصاصة واحدة أطلقت من المدنيين السوريين تجاه قوات النظام، هذا أمر ثابت. عندما وقع إعلان هذا القرار اتصل بي الرئيس مباشرة حول هذا الموضوع وأنا الذي قمت بالتنسيق مع الحكومة، حيث قمت بالتنسيق مع وزير الخارجية، الأزمة مع رئاسة الحكومة أن يعلن رئيس الجمهورية عن قرار بمثل هذا الحجم دون علم رئيس الحكومة فتحدث أزمة، فحرصت على أن أكسب وقتا، حيث كسبت ساعة أو ساعتين بعد أن طلب مني الرئيس إصدار البيان في هذا الموضوع، وقمت بالتنسيق مع وزير الخارجية الذي قام بالتنسيق مع رئيس الحكومة والذي بعد ساعة أخبرني بعدم اعتراض رئيس الحكومة على هذا القرار.
وأكد على ضرورة ألا ننسى أن معظم صداقات الدكتور المرزوقي سورية ومن الطيف العلماني الحقوقي السوري، وسأخبركم بأمور لم تظهر في الإعلام، منها على سبيل المثال أن قرار تونس بقطع علاقاتها مع سورية تم قبل قرار دول الخليج، فكنا الدولة الوحيدة، وبالتالي ربط الأمر وكأننا تحت عباءة دولة أخرى، باتخاذ هذا القرار يفترض أن صاحب العباءة هو الذي يقوم بقراره ثم يضغط من أجل أن يكون القرار مثله، وهذا ما لم يحصل، أنا أؤكد لكم أن الدول الأخرى فوجئت بالقرار، ولم نقم باستشارة أحد، وهذا الموضوع كان بين أربعة أشخاص، بين رئيس الجمهورية وبيني أنا ووزير الخارجية ورئيس الحكومة، أتقدم قليلاً لأصل إلى مؤتمر أصدقاء الشعب السوري، حصل اجتماع مجلس الجامعة العربية في القاهرة، وعلمنا من وسائل الإعلام أن مؤتمر أصدقاء الشعب السوري سينعقد في تونس، في تلك الفترة كان وزير الخارجية السيد رفيق عبدالسلام، فشعرنا أن هناك نوعا من الاتفاق بين وزير الخارجية وبعض الدول المؤثرة في الجامعة العربية آنذاك على أن يعقد هذا المؤتمر في تونس، ليس لدينا أي مشكلة في أن يعقد بتونس، ولكن أن يخرج هذا المؤتمر بقرار تسليح المعارضة والتدخل الأجنبي على الفصل السابع، لا يمكن في تلك الفترة أن نقول أننا لا نرغب باستضافة هذا المؤتمر، يصبح كل العمل على مضامين هذا المؤتمر، لا أخفيكم أن طيلة اليوم الذي عقد فيه المؤتمر واليوم الذي سبقه الوفود والدول كلها ذات الموقف المؤثر زارتنا في قصر قرطاج، ولا أخفيكم أن الضغوط التي كانت مسلطة علينا في رئاسة الجمهورية كانت رهيبة جداً من دول شقيقة وصديقة ودول لا هي شقيقة ولا صديقة، من أجل أن يخرج المؤتمر بقرار التسليح والتدخل الأجنبي.
وأضاف "أنا حضرت اللقاءات التي قام بها رئيس الجمهورية، وكنت أرى وأحمد الله أننا في نظرهم كنا ساذجين، وهذا ما حمانا من كثير من العقوبات، كان يعتبروننا ساذجين ولا نفهم ماذا يحدث، وكان رئيس الجمهورية يؤكد أن الخطر الآن هو تقسيم سورية والوقوع في حرب أهلية، وتسليح المعارضة لن يحل المشكلة بل سيفاقمها، فتسليحها يعني دخول الإيرانيين والروس وحزب الله إلى جانب النظام، وتصبح الحرب حربا طائفية، فالقناعة الشخصية لرئيس الجمهورية بأن الموقف الأخلاقي يعني قطع العلاقة مع هذا النظام، الموقف الوطني والأخلاقي والسياسي يفترض أن نفعل كل ما في وسعنا من أجل أن لا يكون هناك قرار تسليح وقرار تدخل أجنبي، هل يمكن أن تفسروا لي لماذا استبعدت تونس من كل مؤتمرات أصدقاء الشعب السوري فيما بعد؟! لأن خطاب رئيس الجمهورية آنذاك كان واضحاً، لا للتدخل الأجنبي ولا لتقسيم سورية ولا لتسليح المعارضة، فأغضب ذلك المعارضة السورية آنذاك غضباً شديداً علينا، وتعرضنا إلى هجومات علنية كثيرة منها.
وتابع "بالنسبة لاتحاد العمل، فإن دوره الوطني قديم وأنا كتبت كتابا عن تاريخ هذا الاتحاد، وحول الخلافات بين السلطة واتحاد الشغل في فترة الزعيم بورقيبة، وكنت قبل الانتخابات عندما قام بعض النقابيين بتأسيس حزب العمل توقعت أن يكون للحزب مستقبل في تونس لأن وراءه المنظمة النقابية وفعلاً كانت وراءه، لأن هذا الحزب تأسس من خبراء اتحاد الشغل في مكتب الدراسات التابع للاتحاد، ولكن لم يكن له تأثير فيما بعد وتفكك ولم يعد له وجود فعلي الآن.
أعتقد أن هناك شيئا في العمق يحصل الآن، أكثر من هذا الدور، دور اتحاد العمل وما إلى ذلك وتصريحات قادة اتحاد العمل، هناك أمور تحدث في العمق، وهي في انتخابات النقابات الأساسية، والاتحادات المحلية، واليساريون يفقدون مواقع كثيرة جداً في هذه الانتخابات، نتيجة هذه الانتخابات ونتيجة فقدان هذه المواقع سيؤدي إلى تكوّن مركزية نقابية، اتحاد الشغل قام بدور كبير ولكن لا يمكن أن ننسى بأن هناك جانبا كبيرا من قياداته يتحدث باسم المعارضة، لأن أحزاب المعارضة لها حضور قوي في الاتحاد، أيضاً كان هناك استهداف واضح من اتحاد الشغل للترويكا، لدرجة أنه لأول مرة في التاريخ يقوم الاتحاد بثلاثة إضرابات عمل في عام واحد، لكن عندما ننظر إلى نجاح هذه الإضرابات نجد أن آخر إضراب عام قام به الاتحاد كان فاشلاً، وهذه كانت أقوى ضربة له، الانخراط في السياسة أكثر مما ينبغي، والتورط في مستنقع الخلافات والصراعات السياسية أدى إلى فقدان الاتحاد الكثير من شرعيته أمام الناس، فالكثير من الناس أصبحوا يعتقدون بأن اتحاد الشغل هو سبب المصائب الاقتصادية والاجتماعية، غلق المصانع والإضرابات وما إلى ذلك، هناك عتب كبير على دور الاتحاد، ولكن هذا الاتحاد هو اتحاد شريك في الاستقلال، شريك في بناء دولة الاستقلال، شريك في التنمية، وهو الآن شريك أساسي في إيجاد حلول للخلافات السياسية.. إلى أي مدى سيتواصل ذلك خاصة مع فقدان الكثير من المواقع في الاتحادات الجهوية، هذا أمر ممكن أن ننتظر لنعرف ماذا سيسفر عنه.
وبالنسبة للأحداث في مصر، قال "أتذكر أن رئيس الجمهورية بعد ما حصل في مصر، قال لي، إن ما يحصل في مصر إذا نجح الانقلاب سيفيدنا، وإذا فشل الانقلاب سيفيدنا، فقال إذا نجح الانقلاب ستكون هناك مجازر، وإذا كانت هناك مجازر التوانسة سيتوقفون ويقولون ليس هذا ما نريد، وهذا ما حصل أن الأطراف السياسية وقفت أمام ما حدث في ميدان رابعة وتساءلت هل هذا ما نريد بالفعل؟! وهل نحن حمل هذا الثمن؟ ولكن في نهاية الأمر وصلت إلى حل لأنه لا أحد يفكر في الحل الدموي، فلو سالت دماء وحصلت ومواجهات فصاحب الأغلبية سيكون الخاسر، في الحروب الأهلية والصراعات لا يكفي أن تكون أغلبية لتنتصر، الأغلبية تستفيد منها عبر الهياكل الديمقراطية والانتخابية وليس في صراع شوارع، بالإضافة إلى ذلك النفسية التونسية هي نفسية تنبذ العنف، وهي نفسية لا تميل إلى استخدام الوسائل العنيفة والسلاح، قلت، إن ليبيا مخزن سلاح قربنا لكن لا أحد يفكر باقتناء السلاح، فوصل الكلاشنكوف في السوق السوداء في تونس إلى 200 -250 دولارا، وأحياناً الشرطي معه فقط مسدس، ولا أحد فكر باقتنائها، لأن التونسيين لا يميلون لاستعمال السلاح أصلاً، وبالتالي ما حصل في مصر كان درسا للجميع، للذين هم في السلطة والذين هم في المعارضة، ولو أن المعارضة وبعض أطراف المعارضة دعت الجيش للانقلاب ودعت افتكاك السلطة وأن يكون هناك شيء شبيه بما حصل في مصر، ولكن لم تكن لهذه الفئات من المعارضة القوة لفرض ذلك، ولم تحصل استجابة لها من طرف قيادة الجيش والقيادات الأمنية، وهذا هو الأساس".
بالنسبة للجيش والتحولات في تونس، أعرب عن اعتقاده أن التحولات مقصود بها هنا حسب ما أرى هو مزيد من النجاعة للجيش في مواجهة الإرهاب وحماية الحدود والتغيير في العقيدة القتالية للجيش، العقيدة القتالية للجيش التونسي كانت تقوم على استعداء الجزائر وليبيا بصفة واضحة، لأن الخطر لا يمكن أن يأتي إلا من هذين البلدين، فهذه كانت عقيدة الجيش التونسي، الآن مع تعيين قيادات جديدة وتعيين متفقد عام جديد للقوات المسلحة طلبنا منه أن يضع خطة لإصلاح المؤسسة العسكرية، وتطوير العقيدة القتالية، فالعقيدة القتالية للجيش التونسي الآن تقوم بالأساس على دور الجيش في محاربة الإرهاب، ودور الجيش في استباق التهديدات الإرهابية، وعدم اعتبار جيراننا كأعداء محتملين، لأنه لا شيء يبرر أن تكون الجزائر وليبيا أعداء محتملين لنا، ولكن قد تأتينا الأخطار من حدودهما ولكن على يد الإرهابيين وليس على يد الدولة. هناك عمل كثير على مستوى تسليح الجيش وتجهيزه بالعتاد، وعلى مستوى تطوير معنويات الجيش. ملف وزارة الدفاع أو ملف الجيش والقوات المسلحة هو من الملفات الخصوصية لرئيس الجمهورية، تصوروا أننا وجدنا مئات الضباط قضوا عشرين سنة بنفس الرتبة، والترقيات تتم بعدد ضئيل جداً وبحسابات تراعى فيها التوازنات الجهوية، وكان هناك عندما تفكر بعزل آمر لواء (جنرال) كان يجب أن تقوم قبل ذلك بترقيات لأن بين آمر اللواء والعقيد والتي هي رتبة عميد غير موجودة، فلا يوجد عمداء، فهناك عمل وهذا رفع من معنويات الجيش والقوات المسلحة، بالإضافة إلى زيادة أجورها، حيث كانت أجورهم منخفضة إلى درجة أن لا أحد يتطوع في العمل بالقوات المسلحة، لذلك في أحداث الشعانبي عندما حصل تفجير لغم، قتل عقيد ورتب عالية أيضاً، لأنه ليس هناك رتب تقوم هي بهذا العمل، الجيش تعرّض لعملية إفراغ، وبالمقابل المؤسسة الأمنية هي التي سيطرت على كل شيء، لذلك الجيش كان يحظى بتعاطف الناس.
وبالنسبة للجيش في تونس أكد المنصر أن دور الجيش التونسي مختلف عن بقية الدول العربية، لأنه حصلت مقاومة مسلحة في آخر الفترة الاستعمارية وشارك فيها بعض الرتباء في الجيش الفرنسي من التونسيين، وبعضهم حارب في فلسطين، ولكن هناك عدد محدود، شارك في الحرب العالمية الثانية، في معارك جنوب إيطاليا، معظم الذين شاركوا في تكوين المجموعات المسلحة في إطار الكفاح المسلح كانوا من شباب القبائل الذين كانوا يستخدمون السلاح للصيد في الأنشطة التي يقوم بها أبناء القبائل، وحصلت موجة من المقاومة بالإرهاب في المدن قام بها بعض شباب الأحياء وشباب المدن في مسألة التفجيرات ووضع قنابل وما إلى ذلك، كان هناك رافد أول ورافد ثانٍ.
تأسس الجيش التونسي في عام 1956، أي بعد تقريباً ثلاثة أشهر من استقلال البلاد، بأدوات محدودة جداً وبعدد محدود جداً من الناس، جزء من الذين انخرطوا فيه كانوا في المقاومة المسلحة، لكنّ هناك درسا وهو درس بلدان الشرق، سورية أساساً، كان يحدث بشكل سهل جدا فأحياناً عريف يقوم بانقلاب، يكفي أن يسيطر على وزارة الدفاع بمسدس أو رشاش ليقوم بالانقلاب، وبورقيبة عايش ذلك، فكان الخطر الأساس بالنسبة للدولة في تونس في نظره هو الذي يمكن أن يأتي من الذين يحملون السلاح، فتم تكوين قوات الحرس الوطني بتدريب عسكري ولكن تحت إشراف وزارة الداخلية، هذه القوة الضاربة، هي قوات الحرس الوطني، بالنسبة للجيش لم يطلب منه القيام بأعمال كبيرة ولكن فيما بعد عندما حصل نوع من الاستقرار السياسي، ودخلت الدولة مرحلة البناء، قام الجيش بعمل كبير جداً في الجانب الإنمائي، كثير من الطرقات في المناطق الوعرة أنجزها الجيش، كثير من المباني أنجزها الجيش، وعلى سبيل المثال أهم وأنجع مقاولات في البلاد الآن هي مقاولات الجيش، هناك تجربة كبيرة قام بها أو راكمها سلاح الهندسة في الجيش التونسي، وفي بعثات لحفظ السلام شارك الجيش التونسي كثيراً بها، ثم في الإغاثة، الفيضانات والأمطار وما إلى ذلك، فصورة الجيش لدى التونسيين هي هذه الصورة المدنية، كان يكفي أن يأتي بعض الجنود وبعض الرتباء في وضعية اضطرابات حتى تهدأ الاضطرابات، لأن هناك ثقة بأن الجيش لم يتورط في السابق بأعمال عنف تجاه المدنيين، وفي كثير من الحالات يأتي لحماية المدنيين، وأعتقد أن هناك تشابها كبيرا بين التجربتين الأردنية والتونسية في هذا الجانب.
مسألة القبيلة كانت أمرا أساسيا وذات أولوية بالنسبة للزعيم بورقيبة، وكان يرى انه يجب تفكيك هذه الرابطة القبلية حتى يستجيب المواطنون لقرارات الدولة كأفراد وليس كمجموعات، وبالفعل هذا ما حصل، من خلال جملة من الإجراءات، عن طريق دفع الناس للاستقرار. فالدولة كمستثمر اهتمّت بهذه المناطق الداخلية؛ حتى تقول لأبناء القبائل بأنها هي التي يمكن أن توفّر لهم العمل، وتمهّد لهم الطريق وتوفّر لهم المدارس.. الخ، إلى أن حصل هذا التلاشي للرابطة القبلية والتي تكاد اليوم تكون زائلة، إلا في منطقة واحدة وهي منطقة المناجم، لأن التشغيل تقليدياً في هذه المنطقة يقوم على الكوتا القبلية، والحادثة الوحيدة التي حصلت في تونس وفيها عنف على أساس عشائري حصلت في المنطقة التي ينبغي أن يكون فيها وعي طبقي عمالي، وهي منطقة المناجم.