جدل حول رفع سعر المحروقات

 سادت حالة من الجدل بين الأحزاب المصرية بشأن قرار الحكومة برفع أسعار المحروقات والمواد البترولية، ففي الوقت الذي رحبت فيه أحزاب بالقرار واعتبرته استمرارًا لخطة الإصلاح الاقتصادي، وقرار لابد منه لمواجهة الظروف الصعبة للدولة، رأت أخرى أن القرار متسرع وعشوائي، ويزيد من معاناة المواطنين. وأكد حزب "مستقبل وطن" أن الوطن يمر بمرحلة لا تحتمل المزايدات أو المتاجرة بآلام المواطن، وإنما يحتاج من الجميع التكاتف من أجل إنقاذ الوطن من خطر داهم يتهدده. وأضاف وقال الحزب، في بيان له: "القرارات الخاصة بالإصلاح الاقتصادي، والتي تتمثل في زيادة قيمة المواد البترولية والمحروقات على المواطنين، تؤثر بشكل مباشر على المواطن، مؤكدًا أنه يدرك صعوبة تلك القرارات وتأثيرها عليه، ولكن، في الوقت نفسه، وإعمالاً لمنطلق المسؤولية الاجتماعية السياسية التي يتحملها الحزب، فإنه يرى من الأهمية أن نقف مع أنفسنا وقفة مصارحة من أجل الوطن، الذي بات يواجه صعوبات جمة وتحديات خطيرة تحتاج لحسن التعامل معها".

وأوضح الحزب أن القرارات الاقتصادية الأخيرة الخاصة بزيادة أسعار المحروقات ليست رفاهية، أو رغبة في تحقيق مكاسب حكومية على حساب المواطن، وإنما هي قرارات فرضتها الضرورة التي لم يكن هناك من سبيل لمواجهتها إلا بهذا الطريق، الذي يمثل الدواء المر لأمراض طالت جسد الوطن بسبب سياسات خاطئة وحكومات متعاقبة، كانت تفضل التأجيل بدلاً من المواجهة، وهو ما كان يدفع ثمنه الوطن. وأضاف: "الوطن لن يستعيد قوته إلا بقرارات جريئة قد نراها صعبة لكنها فى النهاية هي العلاج الذي نحتاجه، ولابد أن نساند دولتنا من أجل أن نعبر هذه المرحلة، ومجلس النواب كان ولا يزال ممثلاً للشعب المصرى، ويعلم جيدًا بتلك الإجراءات الصعبة من خلال برنامج الحكومة الذي تمت الموافقة عليه، وكان بين أمرين صعبين، فاختار أيسرهما، فإنما السير بغير إصلاحات، والطريق نهايته معروفة، وأما إصلاحات نتحملها جميعا لكى يقف هذا الوطن على قدميه".

وطالب الحزب الحكومة بإجراءات جادة تضمن تجنيب المواطن البسيط الآثار السلبية لهذه القرارات، والتي تتمثل في زيادة إجراءات الحماية للفئات الأقل دخلاً أو المعدومين وسكان المناطق العشوائية والفقيرة، ومواجهة حاسمة لكل محاولات الخروج عن القانون في الأسواق، سواء تمثل هذا في التلاعب بالأسعار أو احتكار السلع أو أي استغلال سيء لزيادة أسعار الوقود، لرفع أسعار السلع والخدمات على المواطنين، ومحاسبة كل مسؤول يقصر في أداء واجبه لحماية المواطن من أي عمليات استغلال في الأسواق.

وقال رئيس حزب "المصريين الأحرار"، الدكتور عصام خليل، إن قرار رفع أسعار الوقود لا يعد مفاجأة، لأنه موجود في الموازنة العامة للدولة وفي برنامج الحكومة، لافتًا إلى أن أي قرارات متعلقة بالإصلاح من المؤكد أن لها آثار جانبية، ولكنها قرارات ضرورية. وأشار خليل إلى أن كل تأخر في قرارات الإصلاح يأتي بآثار جانبية أصعب وأشد، ولذلك من الأفضل اتخاذ القرارات في أوقاتها. وأوضح أن الرقابة التي تلي هذا القرار، لتخفيف آثاره الجانبية، لابد أن تكون من جانب الشعب والحكومة أيضًا، لافتًا إلى أن الرقابة الشعبية عليها دور لمقاطعة أي تجار يتعمدون المبالغة في الأسعار.

وأكد نائب رئيس حزب "حماة الوطن"، والمتحدث الرسمي للحزب، اللواء فؤاد عرفة، أن قرار رفع أسعار الوقود إجراء كان لابد منه لاستكمال إجراءات الإصلاح الاقتصادي، الذي بدأ منذ أشهر وحقق نتائج طيبة سجلتها المؤسسات الاقتصادية العالمية الكبرى.   وأضاف أن هذه الإجراءات رغم صعوبتها تمثل ركنًا مهمًا في مسار تعافي الدولة اقتصاديًا من المشاكل الزمنة التي ألمت بها طوال العقود الماضية، خاصة في ظل زيادة سعر البترول العالمي 25%، واستيراد مصر أكثر من 30% من احتياجاتها من المواد البترولية. وأوضح عرفة أن دعم المواد البترولية يقدر بنحو 110 مليارات جنيه، يستفيد منه الفئات الأعلى دخلاً (أصحاب السيارات)، تمثل نحو مرتين ونصف قيمة فاتورة دعم المواد الغذائية، والتي يستفيد منها 71 مليون مواطن، يمثلون الغالبية العظمى للشعب.

وقال رئيس لجنة الطاقة في حزب "المحافظين"، وأستاذ هندسة البترول، ثروت راغب، إن الحكومة صارحت الشعب قبل ذلك بالاتجاه إلى ترشيد الدعم وليس إلغائه، وهذا يأتي في إطار خطتها لاستكمال منظومة ترشيد دعم الوقود التي بدأتها قبل أربعة أعوام، في إطار خطتها لإعادة هيكلة الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه. وأوضح أن الأرقام تتكلم ولا تكذب، ورغم الزيادة الأخيرة في سعر المحروقات إلا أن الدعم الحكومي لها ما زال قائمًا وبأرقام كبيرة، فالسعر الحقيقي لبنزين 80 هو 5.50 جنيه، وبالتالي فالدولة تدعمه بـ1.85 جنيه للتر الواحد، وكذلك التكلفة الحقيقة لسعر بنزين 92 هي نحو سبعة جنيهات، والدولة تدعمه بعد الزيادة الأخيرة بجنيهين، وكذلك السولار، فقيمته الحقيقية للتر الواحد 6.25 جنيه، وما زال مدعوما حتى الآن بـ2.60 جنيه، بعد الزيادة الأخيرة. ةأشار إلى أن قرار تحريك أسعار الوقود يتماشى مع خطة الحكومة للإصلاح الاقتصادي وهيكلة المنظومة المالية للدولة، وترشيد الطاقة، إذ أن فاتورة دعم المواد البترولية في الموازنة الجديدة وصلت إلى 110 مليارات جنيه، مقابل 35 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري 2016/ 2017، وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط والدولار.

وفي المقابل، انتقد مساعد رئيس حزب "الوفد" للشؤون السياسية والبرلمانية، المهندس ياسر قورة، قرارات الحكومة بزيادة أسعار الوقود، معتبرًا أنها قرارات اقتصادية "عشوائية متسرعة" لا تراعي أي بعد اجتماعي. وأضاف أن هذه القرارات ستزيد من حالة الفقر والجوع مع موجة زيادة الأسعار، بعد زيادة أسعار الطاقة، مؤكدًا أن الحكومة الحالية، برئاسة المهندس شريف إسماعيل، أثبتت فشلها عن جدارة، لأنها لا تعرف كيف ومتى ترفع العبء عن المواطنين، وتعمل دون وجود أي رؤية اقتصادية أو ظهور بوادر لإصلاحات اقتصادية تقف أمام موجة الغلاء. وأشار إلى أن الحكومة لا تعرف سوى فرض الضرائب ورفع الدعم عن المحتاجين، ولا تأخذ في اعتباراتها البعد الاجتماعي، مهاجمًا مجلس النواب على صمته وسلبيته أمام أداء الحكومة وقراراتها، التي لا تعتمد على أي أسس اقتصادية، لذا يجب على نواب الشعب محاسبة الحكومة على تلك القرارات الفاشلة، وفق قوله.

ولفت رئيس حزب "الدستور"، خالد داود، إلى أن قرار الحكومة بزيادة أسعار المواد البترولية متسرع ويفوق طاقة المواطن المصري، مؤكدًا أن هذا التوقيت كان مخططًا له، وأن الحكومة تتعمد إعلان قراراتها بشكل مفاجئ، وخاصة في أوقات الإجازات، لتفادي حالة الغضب الشعبي.