الإسماعيلية ـ يسري محمد
يحتفل المصريّون منذ آلاف السّنين بعيد شمّ النسيم الفرعوني الأصل كلّ عام، ولازالت طقوس احتفالهم بهذا اليوم مستمرّة لم تنته وأهم ما يميز احتفالهم بهذا اليوم أكل الفسيخ الذي ينتشر تناوله بين المصريين ولا تخلو مائدة من وجوده في هذا اليوم. وفي الإسماعيلية التي تعد واحدة من أشهر المحافظات في صناعة الفسيخ شهدت
أسعاره ارتفاعا تراوح ما بين 30 إلى 40% على الأنواع كافة وذلك قبل 3 أيام من الاحتفال بعيد "شم النسيم".
وشهدت أسواق الفسيخ ارتفاعا في الأسعار حيث تراوح سعر الكيلو ما بين 50 إلى 70 جنيها للكيلو من الإحجام المختلفة.
ويقبل أهالي الإسماعيلية والقادمين من المحافظات الأخرى لقضاء أعياد شم النسيم على شراء الأسماك المملحة والفسيخ من أسواق الإسماعيلية نظرا لشهرة المحافظة بإنتاج الأسماك.
وطرح تجار الفسيخ في الإسماعيلية كميات إضافية بمناسبة قرب احتفالات شم النسيم التي يرى فيها التجار الموسم الحقيقي لبيع الفسيخ.
ويقول التجار في سوق الفسيخ بالإسماعيلية أن الأسعار مرتفعة هذا العام بسبب ارتفاع أسعار الأسماك نتيجة انخفاض حجم الإنتاج السمكي وكميات الأسماك المعروضة في الأسواق وهو ما أدى لارتفاع أسعار المعروض.
وأعلنت مديرية التموين والتجارة الداخلية طرح كميات كبيرة من الأسماك المملحة خلال احتفالات محافظة الإسماعيلية بأعياد شم النسيم وذلك من أنواع ( بوري، هليلي، طوبارة، سهليه) بأحجام مختلفة تتراوح أسعارها مابين 40الى60 جنيها للكيلو بالإضافة لطرح كميات من الرنجة السائبة يتراوح أسعارها بين 10 إلى 12 جنيها والمغلفة يتراوح أسعارها بين 16 جنيها و20 جنيها لتلبية حاجة المواطنين.
و من داخل سوق السمك في شارع الجيش يقول عطية صالح أحد تجار الفسيخ إن أسعار الفسيخ هذا العام تتراوح من 50 إلى 70 جنيها للكيلو، مؤكدًا أن سبب ارتفاع الأسعار عن العام الماضي ناتج عن موجة الغلاء التي أصابت كافة السلع الغذائية.
وأوضح أنه كلما كان السمك البوري الذي يتم تصنيع الفسيخ منه طازجاً زاد سعره، حيث يباع الكيلو دون تخليل بـ 30 جنيهاً لتصل تكلفته بعد التخليل إلى 55 جنيهاً، بينما السمك البوري المجمد تتراجع تكلفته مما يبرر رخص سعره.
ويتوقع مالك الشركة المتحدة لتصنيع الفسيخ أحمد المغربي زيادة الإقبال والمبيعات في المحلات خلال احتفالات شم النسيم، وأرجع الزيادة في الطلب إلى اتجاه العديد من المحلات إلى بيع الفسيخ والرنجة وتوفيرها لزبائنهم لتحريك المبيعات واستغلال الموسم.
ويشير عبد الله القماش أحد تجار الأسماك المملحة "الفسيخ" في الإسماعيلية أن أكثر أنواع السمك المميزة في التمليح سمك "البوري" بأحجامه المختلفة والسردين والسهلية، ويستغرق فترة بقاء الفسيخ في التمليح عشرة أيام.
ويضيف أن عملية تمليح، تفسيخ، السمك يتم إعدادها بطريقة سهلة حيث تغسل كميات الأسماك الطازجة وتعرف بلونها الوردي ثم توضع بعدها في مصافٍ كبيرة مصنوعة من السلك الضيق لتصفى من المياه وضمان جفافها تماما لفترة قد تصل ليوم ثم يتم تغطيتها بأقمشة قطنية خفيفة الملمس ليسمح للهواء بالمرور للأسماك ويمنعها من التعرض للملوثات الخارجية.ويواصل حديثة قائلا عقب التأكد من جفاف الأسماك يتم حشوها بالملح الممزوج بالشطة والبهارات المخصصة للأسماك كما يمكن إضافة عشب الزنجار وهو مادة عشبية تمنع نمو البكتريا داخل السمك، ثم يتم رص عدد من الأسماك داخل أكياس بلاستيكية شفافة ويتم رصها بالتوازي ثم يتم وضعها في براميل خشبية محكمة الإغلاق.
ويؤكد حسن هديهد "صاحب محل أسماك مملحة " أن الإقبال كثيف هذا العام على شراء الفسيخ والرنجة والملوحة والسردين، ولكن الفسيخ والملوحة زاد سعرهما بنسبة20٪، بينما بقى سعر الرنجة والسردين كما هو.
وتابع قائلا أن أفضل الأوقات لأكل الفسيخ تكون بعد بدء تمليحه بنحو شهر تقريبا إلا أن فترة الصلاحية قد تمتد لستة أشهر وما يزيد عن هذه الفترة يعد خطرا على صحة من يتناوله.
ويستمر بيع الفسيخ طوال العام في المدن الساحلية بصفة خاصة إلا انه يكثر الإقبال عليه في احتفالات شم النسيم وعيد الفطر المبارك
وتؤكد هدى عبد السميع من أهالي الإسماعيلية أنها تقوم بشراء الرنجة والفسيخ قبل عيد شم النسيم بأيام وتقوم بوضع ليمون وزيت عليهما ثم تضعهما في الثلاجة حتى يقضي الليمون على سموم الفسيخ.
وتضيف أنها تخشى على أطفالها من تناوله لما قد يسببه من آثار صحية عليهم، حيث تقوم بإعداد طعام خاص لهم إلا أنها لا يمكن أن تستغني عن تناول الفسيخ في هذا اليوم.
ويقوم عدد كبير من المصريين بعمل الفسيخ داخل منازلهم لضمان جودته وجودة الأسماك إضافة إلى فارق السعر لأن الفسيخ المنزلي لا يكلف سوى ثمن شراء الأسماك فقط.
أما وفاء رمضان ربة منزل فتقول أنها تضع الطحينة على الفسيخ لتقلل من ملوحته لتجنب تأثيره على مرضي الضغط ثم تناول كوب من المشروبات الغازية بعد الانتهاء من الطعام للهضم.
وتشير إلى أن إن أسعار "الفسيخ والرنجة" زادت هذا العام بنسبة 10٪ عن العام الماضي، مضيفة أنها قررت الشراء رغم زيادة الأسعار.
ويشاركها في الرأي عادل مصطفى الذي أكد انه يأتي كل عام من محافظة الشرقية لشراء الفسيخ من أحد التجار الموثوق فيهم في الإسماعيلية لجودته، مؤكدا أنه مهما تزايدت الأسعار سيقبل المواطنون على شرائها لأنها عادة أصيلة للشعب ومن المحال أن يتخلى الشعب عن عادته.
بينما تقول سمر إبراهيم إنها نجحت هذا العام في شراء سمك بوري وقامت بتخزينه حتى أصبح " فسيخًا " كي يكون صحيًا أكثر ولتوفير المال، حيث أن أسعار الفسيخ الجاهز مرتفعة الثمن.
وتضيف أنها تتكلف شراء السمك والمواد الحافظة المستخدمة في التمليح وهي الملح والشطة والقرنفل والكركم وعشب الزنجار وهي مستلزمات رخيصة السعر، وتتابع أن تكلفة سعر كيلو السمك والمواد المستخدمة في تمليحه لا تتعدى 35 جنيها للكيلو بينما يصل سعر كيلو الفسيخ لأكثر من 60 جنيها للكيلو للحجم ذاته.
وقال مساعد مدير الإدارة العامة لمباحث التموين في منطقة القناة وسيناء وشرق الدلتا اللواء هشام الشافعي إنه تم تشديد الرقابة التموينية على الأسواق والمحال التجارية بنطاق مدن القناة وسيناء وشرق الدلتا وتكثيف المرور اليومي بحضور الطب البيطري ومفتش الصحة للتأكد من صلاحية المعروض السلعي للاستهلاك الآدمي، وأنه يتم شن حملات على محلات الأسماك الطازجة والمملحة بأنواعها قبل شم النسيم وذلك حفاظاً على سلامة المواطنين وعدم تعرضهم لمخاطر التلوث .
ويضيف أنه سيم ضبط أي محل أو شخص يقوم ببيع أو عرض اسماك مملحة غير مطابقة للمواصفات والصحة العامة وتحرير محضر وعرضه على النيابة العامة وناشد المواطنين اختيار المحلات والتجار أصحاب الثقة لشراء الأسماك المحفوظة والمملحة، وعدم الشراء من الباعة الجائلين في الشوارع والأسواق.
وقالت وزارة الصحة المصرية في بيان لها إن التسمم بالفسيخ يكلف الدولة 75 ألف جنيه لعلاج المريض الواحد.
وأضافت الوزارة ان المصاب يحصل على 3 جرعات، والجرعة الواحدة تكلف الدولة 25 ألف جنيه.
ونصحت من يتناول الفسيخ بأن يتناوله على هيئة قطع صغيرة، على أن يتم قليها في الزيت لمدة لا تقل عن 10 دقائق.