رام الله ـ ناصر الأسعد
أعلن مجلس الجامعة العربية في اجتماعه على مستوى وزراء الخارجية، في القاهرة أمس الإثنين، رفضه القرار الأميركي باعتبار الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة غير مخالف للقانون الدولي.
وأكد المجلس، في قرار أصدره، أمس، أن "القرار الأميركي باطل ولاغٍ وليس له أثر قانوني، باعتباره مخالفة صريحة لميثاق وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، واتفاقية جنيف الرابعة، وميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".
وحذر المجلس من أن النهج الذي تتبعه الإدارة الأميركية باتخاذ قرارات أحادية، يعتبر تهديدًا حقيقيًا للأمن والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم، واستهتارًا غير مسبوق بالمنظومة الدولية.واعتبر المجلس القرار الأميركي محاولة مُبيّتة لشرعنة ودعم الاستيطان الإسرائيلي من شأنها أن تجحف فعلًا بمبادرة السلام العربية، وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأدان المجلس السياسة الاستيطانية الإسرائيلية بمختلف مظاهرها على كامل أرض دولة فلسطين المحتلة عام 67، بما فيها القدس الشرقية، باعتبار أن المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية تشكل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة.
اقرأ أيضًا:
دياب اللوح يؤكد أن الغضب يسيطر على الأشقاء و"الجامعة العربية" ستبحث الموقف
ودعا إلى "حشد الجهود العربية على مستوى الحكومات والبرلمانات ومنظمات المجتمع المدني للعمل مع الشركاء الدوليين لاتخاذ إجراءات لمحاسبة إسرائيل على سياستها الاستيطانية غير القانونية، بما يشمل حث المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية على فتح تحقيق في جريمة الاستيطان، ودعوة المفوض السامي لحقوق الإنسان لإصدار قاعدة البيانات للشركات التي تعمل في المستوطنات الإسرائيلية، ومقاطعة أي مؤسسة أو شركة تعمل في المستوطنات الإسرائيلية ومقاطعة بضائع المستوطنات ومنع دخول المستوطنين إلى الدول"، مشيدًا بـ"القرار الأخير لمحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي القاضي بوجوب وسم منتجات البضائع الصادرة من المستوطنات".
وأدان المجلس بشدة، العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، كما ندد بسياسة الاغتيالات الإسرائيلية وقصف وهدم المنازل والبنى التحتية للشعب الفلسطيني.
وحذر المجلس من استغلال الغطاء غير القانوني الذي توفره القرارات الأميركية الأحادية لتشجيع الحكومة الإسرائيلية على سن تشريعات باطلة وغير قانونية، تهدف إلى ضم غور الأردن وأجزاء من الضفة الغربية المحتلة وتكثيف وتيرة الاستيطان الاستعماري وتهويد القدس.
ووجه الشكر للدول والمنظمات التي اتخذت مواقف رافضة للقرار الأميركي. ودعا جميع الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين بعد، للمسارعة بالاعتراف بها، كوسيلة فعالة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وكلف المجلس، المجموعة العربية في نيويورك والعضو العربي في مجلس الأمن، بدء الجهود اللازمة لمواجهة القرار الأميركي بخصوص الاستيطان، كما كلف السفراء العرب وبعثات الجامعة التحرك لدى العواصم المؤثرة حول العالم لنقل مضامين وأهداف هذا القرار. وكلف أمين عام الجامعة متابعة هذا القرار وإرسال الرسائل والتوجيهات اللازمة لذلك. وتقرر إبقاء مجلس الجامعة قيد الانعقاد الدائم لمتابعة التطورات المتعلقة بهذا القرار.
وخلال أعمال المؤتمر، أمس، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن "رفض الجامعة التام شكلًا وموضوعًا للإعلان الأميركي، غير القانوني"، معتبرًا إياه "تطورًا بالغ السلبية، وتحولًا مؤسفًا في الموقف الأميركي".
وقال أبو الغيط، إننا "نشك في أن الإدارة (الأميركية) الحالية تقدر تبعات القرار وآثاره على المدى الطويل، وأن المستوطنات كيانات غير شرعية ولا قانونية، فالقانون الدولي يصيغه المجتمع الدولي كله، وليس دولة واحدة مهما بلغت أهميتها. والاحتلال الإسرائيلي يظل احتلالًا مدانًا من العالم أجمع. والاستيطان يظل استيطانًا، باطلًا من الناحية القانونية، وعارًا على من يمارسه أو يُقر به من الزاوية الأخلاقية". ونبّه من جهته، إلى أن "الإقرار بشرعية الاستيطان يعني ضمنيًا إقرارًا بواقع الاحتلال... فعلى أي شيء يتفاوض الفلسطينيون مع الإسرائيليين إذن إن لم تكن هناك أرض محتلة، أو مستوطنون مغتصبون للأرض؟".
ورأى أبو الغيط، أن "الإدارة الأميركية جاءت بوعود كبيرة بتحقيق (صفقة كبرى) تُنهي الصراع وتجعل حلم السلام واقعًا، وما رأينا منها إلا تماهيًا كاملًا مع رغبات وتصورات اليمين الإسرائيلي في نسخته الليكودية المتطرفة. ويبدو أن ما نجحت فيه هذه الإدارة حقًا بعد ثلاث سنوات من المواقف الأحادية والضغوط الهائلة على الطرف الواقع تحت الاحتلال؛ أي الفلسطينيين، هو إنهاء دور الولايات المتحدة وسيطًا أو مرجعًا في أي عملية سلمية. وهو أمرٌ يحدث للمرة الأولى منذ أربعة عقود لعبت خلالها إدارات أميركية متعاقبة هذا الدور، بدرجات متفاوتة من النجاح والفشل".
بدوره، أكد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، على "دعم المملكة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني"، ومشددًا على أن "المملكة لن تدخر جهدًا تجاه نصرة الشعب الفلسطيني".
وقال الأمير فيصل، إن "المستوطنات مخالفة للقانون الدولي، والقرارات الشرعية ذات الصلة بالحقوق الفلسطينية، وأنه ينبغي العمل على التوصل لحل عادل وشامل للقضية وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وفقًا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية".
كما جدد وزير الخارجية السعودي، التأكيد على أن "المملكة تعتبر نقل السفارة الأميركية إلى القدس وشرعنة المستوطنات، يقفان عائقًا أمام حل الدولتين وتحقيق السلام في الشرق الأوسط"، لافتًا إلى "أهمية حل القضية على أساس تحقيق سلام عادل وشامل ووقف الممارسات الإسرائيلية المخالفة للأعراف والقوانين الدولية".
قد يهمك أيضا :
دياب اللوح يُشيد بدور الإعلام المصري في دعمه للقضية الفلسطينية