قطاع غزة

شنت إسرائيل غارات جوية جديدة على قطاع غزة، الأحد، بعد توعد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بمواصلة «الضغط العسكري»، رغم وجود دعوات متنامية لهدنة، وإجراء تفاوض يتيح إطلاق رهائن تحتجزهم «حماس».

وأعربت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، من تل أبيب، الأحد، عن قلق بلادها «البالغ» إزاء الوضع في غزة جراء الحرب التي دخلت شهرها الثالث، مطالبة بهدنة «فورية» في القطاع، و«خفض التصعيد» على الحدود بين الدولة العبرية ولبنان.

وفي غضون ذلك، طالبت عائلات الرهائن الذين لا يزالون محتجزين منذ هجوم حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، الحكومة الإسرائيلية بخطة تتيح الإفراج عنهم، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي قتل 3 منهم «عن طريق الخطأ» خلال عملية داخل القطاع.وكان هؤلاء ضمن نحو 250 شخصاً تقدّر السلطات الإسرائيلية أنهم خُطفوا في الهجوم غير المسبوق الذي شنّته «حماس»، وأسفر عن مقتل نحو 1140 شخصاً غالبيتهم من المدنيين قضى معظمهم في اليوم الأول، وفق أرقام هذه السلطات.

عقب ذلك، توعدت إسرائيل بـ«القضاء» على «حماس» وإعادة الرهائن، وبدأت هجوماً واسع النطاق أدى لدمار هائل في قطاع غزة. وتسبب القصف بمقتل 18800 شخص على الأقل، نحو 70 بالمائة منهم من النساء والأطفال، وفق حكومة «حماس».

وواصل الطيران الإسرائيلي قصف مناطق عدة في مختلف أنحاء القطاع، الأحد، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل 24 فلسطينياً في مخيم جباليا، مشيرة أن «كثيرين ما زالوا تحت الأنقاض». كما أدت غارات أخرى إلى مقتل 12 شخصاً على الأقل في دير البلح.
وقف النار «هدية لحماس»

وفي إضافة للدعوات الدولية المتنامية لحماية المدنيين في قطاع غزة، شددت كولونا من تل أبيب على أهمية التوصل إلى «هدنة جديدة فورية ومستدامة».وأضافت، في مؤتمر صحافي مشترك، مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين: «قُتل كثير من المدنيين». لكن كوهين كرر موقف بلاده الرافض لوقف النار في الوقت الحالي، مؤكداً أن الدعوات لذلك «خطأ» و«هدية لحماس».

وأتى موقف الوزير غداة تأكيد نتنياهو مضيه في الضغط العسكري على «حماس». وأوضح رئيس الوزراء: «رغم كل الحزن العميق، أريد أن أوضح أمراً: الضغط العسكري ضروري لإعادة الرهائن، وضمان النصر على أعدائنا».كما صدرت، السبت، دعوة بريطانية ألمانية لحماية المدنيين. وفي مقال مشترك في صحيفة «صنداي تايمز»، أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك «الحاجة العاجلة» لتحقيق «وقف دائم لإطلاق النار»، لكنهما قالا إنهما «لا يعتقدان أن الدعوة الآن إلى وقف عام وفوري لإطلاق النار هي السبيل للمضي قدماً»، لأن ذلك «يتجاهل سبب اضطرار إسرائيل للدفاع عن نفسها: (حماس) هاجمت إسرائيل بوحشية، وما زالت تطلق الصواريخ لقتل المواطنين الإسرائيليين كل يوم. يجب على (حماس) أن تلقي سلاحها».
تفعيل القناة القطرية

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن، يوم الجمعة، أن قواته قتلت 3 رهائن «عن طريق الخطأ» في حي الشجاعية بمدينة غزة بعدما اعتقدت أنهم يشكلون «تهديداً»، ما أثار احتجاجات في تل أبيب. وفي تحقيقه الأولي، أكد الجيش أن الثلاثة، وهم رجال في العشرينات من العمر، لوّحوا براية بيضاء، وتحدثوا بالعبريةوفي أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، أتاحت هدنة إنسانية من 7 أيام جرى التوصل إليها بوساطة قطرية مصرية أميركية، الإفراج عن 80 رهينة من الإسرائيليين مقابل 240 من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. كما أفرجت «حماس» عن عدد من الرهائن الأجانب من خارج الاتفاق الأساسي. ووفق أرقام السلطات الإسرائيلية، ما زال 129 شخصاً محتجزين في القطاع.

ونزلت عائلات الرهائن الذين لا يزالون محتجزين منذ هجوم «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، إلى شوارع تل أبيب، السبت، وطالبت حكومة الدولة العبرية بإعداد خطة فورية تتيح الإفراج عنهم بعد إعلان الجيش الإسرائيلي قتل 3 منهم «عن طريق الخطأ» خلال عملية داخل القطاع.

وقالت نوام بيري ابنة الرهينة حاييم بيري: «لا نتلقى سوى مزيد من جثث الرهائن». وأضافت: «مطلبنا ليس معركة، إنه مطلب يرفعه أي شخص فقد والده. خذونا في الاعتبار، واقترحوا الآن خطة».في الموازاة، لمح نتنياهو إلى إعادة تفعيل التواصل مع قطر لإبرام اتفاق بشأن الرهائن. وقال: «لدينا انتقادات شديدة لقطر، لكننا نحاول الآن استكمال عملية استعادة رهائننا».

وفي المقابل، أكدت «حماس»، في بيان على «تلغرام»، موقفها «بعدم فتح أي مفاوضات لتبادل الأسرى ما لم يتوقف العدوان على شعبنا نهائياً»، موضحة أنها «أبلغت موقفها هذا لجميع الوسطاء».

ومن جهتها، جددت الدوحة، في بيان، يوم السبت، تأكيد بذل «جهودها الدبلوماسية المستمرة لتجديد الهدنة الإنسانية».
مخاوف في البحر الأحمر

وستكون قطر محطة في جولة أعلنها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، يوم السبت، تشمل إسرائيل والبحرين وقطر للتأكيد على «التزامات واشنطن بتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين».

ونُقل عن مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية أن أوستن سيبحث أيضاً في إسرائيل «الخطوات التالية للنزاع» في غزة، والإجراءات التي يتخذها الجيش الإسرائيلي «للتخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين»، بعد مطالبات أميركية متكررة بهذا الشأن.

ويتوقع أن تتطرق زيارة أوستن كذلك إلى التوترات الإقليمية المتصاعدة على خلفية الحرب في غزة، سواء في البحر الأحمر حيث يشنّ الحوثيون هجمات دعماً للفلسطينيين، أو في جنوب لبنان، حيث تتبادل إسرائيل و(حزب الله) القصف يومياً.

وحذرت كولونا من أن الهجمات في البحر الأحمر «لا يمكنها أن تبقى من دون رد»، بعد سلسلة عمليات نفّذها الحوثيون في اليمن، دفعت عدداً من كبرى شركات النقل إلى تعليق عبور سفنها في هذا الممر الحيوي للتجارة الدولية.

كما حذرت كولونا، التي من المقرر أن تزور لبنان الاثنين، من التوتر على الجبهة الشمالية لإسرائيل، وقالت إن «خطر التصعيد يبقى قائماً، وفي حال خرجت الأمور عن السيطرة، أعتقد أن ذلك لن يكون في مصلحة أحد، وأقول ذلك لإسرائيل أيضاً»، مضيفة: «هذه الدعوة إلى الحذر وخفض التصعيد تنطبق على الجميع».وإضافة إلى الحرب في غزة، يستمر التوتر في الضفة الغربية المحتلة، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الأحد، مقتل 5 فلسطينيين خلال عملية للجيش الإسرائيلي في طولكرم.

ومنذ اندلاع الحرب في غزة، قُتل 280 فلسطينياً على الأقل بنيران الجيش الإسرائيلي أو المستوطنين في الضفة الغربية التي تحتلها الدولة العبرية منذ 1967، وفقاً لأرقام وزارة الصحة.
«حمام دم»

وفي غضون ذلك، تزداد الأزمة الإنسانية حدة في قطاع غزة، حيث نزح 1.9 مليون شخص يشكلون نحو 85 بالمائة من إجمالي عدد السكان، وفق أرقام الأمم المتحدة.

وإضافة إلى شحّ المساعدات الإنسانية، يواجه سكان القطاع نقص الخدمات الطبية وخروج كثير من المستشفيات عن الخدمة جراء القصف والمعارك.

والأحد، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن قسم الطوارئ في مجمع «الشفاء» الطبي بشمال غزة استحال «حمام دم»، وبات يحتاج إلى «إعادة تأهيل» بعد تعرضه لأضرار بالغة جراء القصف الإسرائيلي.وأوضحت المنظمة أن فريقاً منها ومن وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة، تمكّن يوم السبت من إيصال مواد طبية إلى مجمع «الشفاء» الواقع في غرب مدينة غزة (شمال)، وهو أكبر مستشفيات القطاع.

وأشارت، في بيان، إلى أن «عشرات الآلاف من النازحين» لجأوا إلى هذا المجمع الذي «يفتقر» إلى المياه والغذاء. وأضافت أن «الفريق (الذي زار المجمع) وصف خدمات الطوارئ بأنها (حمام دم)، مع وجود مئات المرضى المصابين داخله ووصول مرضى جدد في كل دقيقة».

وتعرّضت البنية التحتية الصحية بأكملها في قطاع غزة، لأضرار بالغة جراء القصف والعمليات البرية. ويعدّ المستشفى الأهلي العربي الوحيد «الذي يعمل جزئياً» في الوقت الحالي في شمال قطاع غزة بأكمله، حيث تعمل 3 مستشفيات بشكل محدود فقط هي «الشفاء» و«العودة» و«الصحابة». وقبل الحرب كان هناك 24 مستشفى في هذه المنطقة.وفي غضون ذلك، تتواصل المعارك البرية في أنحاء القطاع. وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، مقتل اثنين من عناصره، ما يرفع إلى 121 عدد قتلاه منذ بدء العمليات البرية أواخر أكتوبر.

إضافة إلى ذلك، قُتلت امرأة وابنتها، السبت، برصاص جندي إسرائيلي داخل رعية العائلة المقدسة في غزة، وهي الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في القطاع، على ما أفادت به بطريركية اللاتين في القدس. وأسف البابا فرنسيس، الأحد، لمقتلهما.

وقال إثر صلاة التبشير الملائكي في الفاتيكان: «ما زلت أتلقى من غزة أنباءً مؤلمة وبالغة الخطورة. يُستهدف مدنيون عزل بقصف وإطلاق نار. قُتلت أم وابنتها (...)، وأصيب أشخاص آخرون برصاص قناصين».


قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

مظاهرات غاضبة في إسرائيل بعد اعتراف الجيش بقــتل 3 محتجزين في قطاع غزة

 

حماس ترد على إعلان إسرائيل إنهاء عمليتها في مستشفى كمال عدوان