دار الإفتاء المصرية

أوضح مرصد الفتاوى التكفيرية، والآراء المتشدّدة التابع لدار الإفتاء المصرية ، في تقرير له الخميس، أنّ معركة الموصل تمثل تحولًا جذريًّا في مستقبل تنظيم داعش الإرهابي، وتحدد مصير مقاتليه، لافتًا إلى أهمية هذه المعركة لما لها من تداعيات بعد انتهائها، و رغم التقدم الذي أحرزته القوات العراقية التي عزمت على تحرير المدينة من تنظيم داعش، إلّا أنّ هذا يصاحبه مخاوف متزايدة لدى الدول الغربية من احتمالية عودة عناصر التنظيم الهاربة من المدينة، خاصة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم.

و أضاف مرصد الإفتاء، أنّ محاور المعركة للهجوم على المدينة لم تغطِ مناطق غرب الموصل مما يعطي التنظيم فرصة الانسحاب نحو الحدود السورية، وهو ما يثير عدة مخاوف على جميع القوى الفاعلة الإقليمية والعالمية، خاصة و أنّ سقوط داعش في هذه المعركة سيدفع بجميع مقاتليه إلى سورية ويحشدهم فيها، وهذا السيناريو مشابه لما حدث في مدينة الفلوجة عندما استعادها الجيش العراقي في شهر يونيو/ حزيران الماضي، وهذا يعني أنّ هزيمة تنظيم داعش في الموصل ستشجع مقاتليه على التوجه غربًا، في محاولةٍ للمِّ شتاتهم، ومحاولة تضميد جراحهم في سورية، تمهيدًا للمواجهات مع النظام السوري.

ولفت مرصد دار الإفتاء إلى أنّ السيناريو الثاني، بعد هزيمة داعش في الموصل يتمثل في هروب المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية مما يلقي بعبءٍ أكبر على تلك الدول في مواجهة العمليات الانتقامية المحتمل أنْ تقوم بها العناصر العائدة، وهو ما يزيد من المخاوف التي تنتاب الدول الأوروبية و الغربية من عودة المقاتلين الأجانب إليها، خاصة و أنهم يمثلون أكثر من 20 % من مقاتلي داعش، منهم 50% من أبناء الأقليّات المسلمة، وهو ما يعتبر تحدّيًا رهيبًا أمام تلك الدول، لِما يمثله هؤلاء العائدون من مخاطر محدِقة على الأمن القومي والاستقرار المجتمعي والفكري فيها.

و أفاد مرصد الفتاوي التكفيرية، أنّ إحصاءاتٍ أوروبية قدّرت عدد المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى صفوف تنظيم داعش بأكثر من 50 ألفِ مقاتلٍ، وأنّ نحو 20% منهم من الدول الأوربية فقط، وأنّ نسبةً تتراوح من 5 إلى 10 % من المقاتلين الأجانب قد قتلوا أثناء المعارك، فيما تتراوح نسبةٌ أخرى من 10 إلى 30 % من المقاتلين، يُتوقع أنّهم تركوا أرض المعركة عائدين إلى بلدانهم، أو تمّ احتجازهم في دولٍ أخرى أثناء عبورهم الحدود.

وفي ظلِّ هذه التخوفات، باتت دول أوروبا تعيش حالة من التأهب لمواجهة التهديدات المُحتملة من مقاتلي داعش العائدين إليها، خاصةً  فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا وهولندا. حيث أكّد مسئولون أمنيون أوروبيون أنّ التطرف وصل إلى مستوى خطير، و أنّ تنظيم داعش يخطط لشنّ هجمات إرهابية مستقبلية في أوروبا.

و شدّد مرصد الإفتاء على أنّ محاربة الإرهاب لا تتحدد في جغرافية معينة، وأنّه لا توجد دولة بمنأى عن الإرهاب، لذلك ينبغي أنْ توجد مُعالجات حقيقة لمحاربة الإرهاب والتطرف، وعدم اقتصار ذلك على تهديدات المقاتلين الأجانب في أوروبا فقط، بل في جميع أنحاء العالم.

كذلك دعا المرصد دولَ العالم إلى إيجاد استراتيجية لمكافحة التطرف تلتزم بها جميع الدول، و منها على سبيل المثال،  إنشاء غرف عمل مشتركة على مستوى الخُبراء  وفرق عمل فنية لتبادل المعلومات و مشاركتها، و تعقب المطلوبين، إلى جانب اتّخاذ الإجراءات التقليدية لمكافحة الإرهاب والتطرف، لتكون مسؤولية مكافحة الإرهاب والتطرف مسؤولية أُممِيّة مُشتركة و ليست قاصرةً على دول بعينها.