رئيس الوزراء نور المالكي

اتهمت الكاتبة الأمريكية ترودي روبين إدارة الرئيس باراك أوباما بتناسي الأوضاع في العراق ، وعدم التوسط بين الأحزاب السياسية في البلاد منذ عام 2009. ورصدت روبين - في مقال نشرته صحيفة (ذا فيلادلفيا إنكوايرر) الأمريكية - محاولات وصفتها بالمستميتة من جانب إدارة الرئيس باراك أوباما اليوم لإبتكار وسيلة تحول دون انهيار العراق تماما وترُدّ دولة الخلافة المُعلن عن قيامها مؤخرا على نحو ثلث الأرض العراقية. ورأت أن السبيل الوحيد لتحقيق أي من الهدفين يتطلب طرد القائد المصاب بالبارانويا ـ الذي دعمته الولايات المتحدة قرابة عشر سنوات - رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ، وقالت "إن سياسات المالكي الطائفية لصالح الشيعة دفعت العراقيين أبناء المذهب السني ـ الذين يُشكلون نحو خُمس تعداد السكان ـ دفعا إلى أحضان تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش)". وحذرت الكاتب الأمريكية من أن بقاء المالكي كفيل بإشعال حرب إقليمية دينية بين السنة والشيعة على نحو يشكل تهديدا لحلفاء أمريكا بمنطقة الشرق الأوسط ، وإن وجود المالكي سيجذب المزيد من المقاتلين الأجانب باتجاه الإنضمام الي نحو 3 آلاف أوروبي وعشرات الأمريكيين الموجودين الآن بالفعل على أرض دولة الخلافة المزعومة. ونوّهت بمعارضة الأكراد والسنة واثنين من الأحزاب الشيعية الرئيسية في العراق لنظام المالكي في الوقت الراهن ، حتى الإمام علي السيستاني الذي يُمّثل المرجعية الشيعية في العراق أشار إلى أن الوقت قد حان لكي يرحل المالكي ، إلا أن القائد العراقي لا يزال مُصرّا على أنه سيخدم فترة ثالثة. وروت روبين ـ على لسان ساسة عراقيين ـ أن المالكي يُمثل العقلية التآمرية التي تربّى عليها خلال عضويته في (حزب الدعوة) السري الشيعي الذي حارب نظام صدام حسين على مدى عقود ، مؤكدين أن بطانة المالكي هم من حزب الدعوة ذا العقلية المحدودة. ولفتت الكاتبة الأمريكية إلى إحكام المالكي قبضته على الجيش العراقي منذ عام 2009 وسط تجاهل من جانب إدارة أوباما ، ونوّهت بإقصاء المالكي لأبناء المذهب السني عن المناصب الحكومية والجيش العراقي ، وإلقائه القبض على الآلاف منهم ، ورأت روبين أن هذه الأفعال من جانب المالكي عجلت من انهيار الجيش العراقي مؤخرا في الموصل وأقنعت السنة بدعم تنظيم داعش. ووصفت إنتباه البيت الأبيض لشأن المالكي المخرّب ، بأنه جاء متأخرا ، ورصدت قيام وزير الخارجية جون كيري بعمل رحلتين سريعتين محاولا تشجيع ساسة عراقيين على اختيار رئيس وزراء يستطيع التعاطي مع الأكراد والسنة ، ورأت أن اتحاد أحزاب من الأكراد والسنة والشيعة خلف اسم آخر غير المالكي من شأنه الإطاحة بالأخير على الرغم من فوزه في الانتخابات الأخيرة. ورأت كاتبة المقال أن البحث عن بديل للمالكي يتطلب تدخلا من جانب باراك أوباما وجون كيري واستغلال ما تبقي من نفوذ أمريكي في بغداد ، وكذلك ضرورة قبول إيران ببديل شيعي عوضا عن المالكي ، وأهم من هذا وذاك ، ضرورة إدراك العراقيين - أكرادا وسنة وشيعة - أن "تقسيم العراق ليس حلا". تجدر الإشارة الي أن البارانويا ( Paranoia ) هي جنون الإرتياب أو الهذاء أو جنون الإضطهاد ، وهو مرض نفسي مزمن يتسم بالوهام ، وهي أفكار يعتنقها المريض ويؤمن إيمانا وثيقا بتعرضه للإضطهاد أو الملاحقة ويفسر سلوك الآخرين تفسيرا يتسق وهذا الإعتقاد.
والمريض بالبارانويا يشك دائما في نوايا الآخرين ويرتاب في دوافعهم ، ويعتقد دائماً أن الناس لا يقومون بتقديم خدماتهم أو مساعداتهم إلا لغاية في أنفسهم ، فينصرف عنه الناس ، عندئذ تزداد شكوكه فيهم وتقوى عنده مشاعر الحقد والغضب عليهم ، فيرى نفسه ضحية تآمرهم عليه ، فيضخم الأمور ، ويتصرف بشكل عداوني فيلجأ إلى الإسقاط ، ولا يؤمن بالصداقة فهو دائم الشك ، ومن يتودد إليه خاسر ، لأنه سيعتبر تودده فخاً يريد الآخر أن يوقعه فيه.