واشنطن ـ رولا عيسى
منذ ما يقرب من نصف قرن، تظاهرت الفنانة فيث رينغولد خارج متحف "ويتني" للفن في نيويورك مع عشرات من النساء الأخريات احتجاجًا على أحدث المعرض الذي ضم فقط أعمال الفنانين الذكور البيض، أما اليوم، فكانت واحدة من قطعها الأكثر شهرة مستوحاة من كونها "امرأة سوداء"، كما سمعت للمرة الأولى في حياتها أثناء الاحتجاج في ذلك اليوم، تُعرض داخل تلك المؤسسة نفسها بعد أن اشترها متحف ويتني لسبب غير معلوم.
وتظهر لوحة 2007 العلم الكونفدرالي للولايات المتحدة، ووُصفت بعبارة "الكراهية هي الخطيئة"، مع وجود نقش حول العلم يفجره متحف ويتني للتمييز ضد الفنانين السود، كما تصف اللوحة الحادث المروع الذي وقع لرينغولد أمام ابنتيها المراهقات.
وتقطن رينغولد، البالغة من العمر 87 عامًا في منزل ريفي واسع في نيو جيرسي، حيث توجد به العديد من اللوحات والصور التي تزين الجدران، وهناك، تتذكر رينغولد اليوم المؤلم خارج ويتني، وتقول :" يوم 31 يناير/كانون الثاني 1971 كنت واقفة خارج متحف ويتني ممسكة بالعديد من النشرات مع بناتي ميشيل وباربرا لمواجهه تمييز المتحف ضد الفنانين السود، وجاءت لي فتاة صغيرة بيضاء كانت بجانب والدها وتوقفت للحصول على نشرة مني، ولكن والدها قال "نحن لا نتحدث إلى السود" أو شيء من هذا القبيل لابنته الصغيرة، وكانت صدمة لي"، وتضيف:"أنا لا اصدق أن متحف ويتني قد احتفظ بإحدى هذه المنشورات وقام بعرضها الآن، هذا أمر جيد جدًا بالنسبة لي".
ونشأت رينغولد مع آباء ليبراليين في حي شوجر هيل النابض بالحياة في هارلم، وتم تشجيعها على موهبتها العميقة والإبداع الفني، كما ساعدتها علاقة الأسرة ببيلي هوليداي ولانغستون هيوز ودوق إلينغتون وجيمس بالدوين كأصدقاء وجيران بينما كانوا يعيشون في منطقة تفضل موسيقي الجاز، وفي نشأتها، عانت رينغولد من الربو الذي أجبرها على المكوث في المنزل إذ درّست لها والدتها، ونتيجة لذلك، لم تتعرض علنًا للتمييز الذي تعرض له الآخرون خلال الثلاثينيات والأربعينات عندما فصلت المدارس والمرافق والسكن والرعاية الطبية والعمالة والنقل، وشجعتها والدتها والتي كانت تعمل كمصممة للأزياء على اكتشاف الفنون البصرية والذهاب لكلية مدينة نيويورك لدراسة الفن.
وطمحت رينغولد إلى كسر حاجز التميز العنصري بأن تصبح أول امرأة سوداء يُسمح لها بدراسة الفن في الكلية عندما التحقت في عام 1950؛ غير أن الفصل لم ينته بعد في جميع الولايات ولم ينته في الواقع إلا بعد مرور 14 عاما عندما وضع المشرّعون قانون الحقوق المدنية، ولكنها التقيت مع كبار المسؤولين الذين عقدوا معها صفقة، وقال إنه سيسمح لها بالحضور ولكن بشرط واحد أن تصبح معلمة، وهذا ما فعلته، وانهت الكلية في عام 1955 بعد الزواج من زوجها الأول - موسيقي الجاز، ورُزقت ببنتين، وبدأت العمل كمدرس وعملت على تطوير نفسها في وقت فراغها.
خلال هذه الفترة الزمنية في هارلم، بدأت المواد المخدرة تنشر بين موسيقي الجاز، وبدأوا يموتون من الجرعات الزائدة، ومن بين هؤلاء الأشخاص زوجها الذي أصبح مدمنا على الهيروين، ونتيجة لذلك توفي في وقت لاحق من جرعة زائدة، وعلى الرغم من المأساة، واصلت رينغولد تربية بناتها، والتدريس في اليوم والرسم ليلا في شقتها، ووقعت في الحب للمرة الثانية مع رجل طالما عرفته معظم حياتها، بورديت 'بيردي' رينغولد، حيث تزوجا وشجعها على الاستمرار في خلق قطع فنية مُستوحاة من هارلم وأفريقيا والعنصرية، وكلها غذت شغفها بالطلاء، ولكنها لم ترغب في عرض لوحتها في صالات عرض نيويورك أو بيعها، مما دفعها إلى أن تصبح ناشطة، وانضمت إلى الفنانين، والنسويات، والجماعات المناهضة للعنصرية لمحاربة استبعاد النساء والفنانين السود من متاحف نيويورك الرئيسية في أواخر الستينيات والسبعينيات.
وقالت رينغولد إنها تعرضت للتميز عندما اشترت هي وبيردي ومنزل نيو جيرسي في الثمانيات في حي للبيض، ولديها في منزلها الأستوديو الخاص والذي تعلق على جدرانه أعمالها الفنية على مدار السنوات العدة التي أمضتها ما بين التميز العنصري وكونها ناشطة وبين شغفها للفن.