القاهرة – مصر اليوم
للعملاق (عباس محمود العقاد) مكانة لا تضاهيها مكانة؛ فهو الذي ملأ الدنيا، وشغل الناس بحق! بل؛ كان أعجوبة العرب في القرن الماضي! ولِمَ لا؟! وهو العصامي؛ الذي علَّم نفسه بنفسه؛ فهزم حملة الدكتوراه؛ بموسوعيته، وتبحره، وقامته الفكرية المديدة! كتب في الأدب؛ فأخرس النقاد! وكتب في الفلسفة؛ فأتى بالجديد الفريد! وقرض الشِّعر؛ فكان رائد مدرسة شعرية! وكتب في الإسلاميات؛ فكشف عن ضعف بضاعة الشيوخ! وكتب في اللغة؛ فأظهر فاقة النحاة! وكتب في العلوم؛ فانبهر به علماؤها! وكتب في الصحافة؛ فكان فارسها الأول! وكتب في السياسة؛ فكان عمدتها الذي لا يُبارَى! وكتب العبقريات؛ فكانت آية الآيات على بلاغته، وسحره، وعبقريته! وكتب في المعارف؛ فكان دائرة معارف حوت الشرق، والغرب، والقديم، والجديد! وبارَى عظماء الإنسانية؛ فصال وجال معهم بقريحته الوقادة! وكتب في التاريخ؛ فأرَّخ ما غاب عن أهل التاريخ! فلم يتوقف البحثُ لحظةً واحدة عما كتبه منذ أنْ رحل عن الدنيا، قبل نصف قرن، وما يزال!
وعلى الرغم؛ مما بذله تلامذته، ومريدوه من جهدٍ في الكتابة عن تراثه، ومآثره؛ إلا أنه ما زال هناك الكثير، والكثير من مقالاته، وإسهاماته الفكرية، والأدبية خافيةً في بطون الصحف، لا سيَّما المجلات، التي كانت تصدر في أوائل القرن العشرين.
فصدر حديثا كتاب جديد مخطوط بعنوان (عباس محمود العقاد المقالات النادرة بحوثه ومحاضراته في مجمع اللغة العربية) للباحث والأديب صلاح حسن رشيد عن دار البشائر الإسلامية ببيروت، ومركز فهد بن محمد بن نايف الدبوس للتراث الأدبي بالكويت.
ويجمع الكتاب بين المقالات النادرة والتراث المجهول للعقاد، وتكشف تلك المقالات عن ريادة العقاد اللغوية التأصيلية التجديدية، منذ بواكير شبابه، وعن سعة ثقافته الأدبية واللغويةالضاربة في عمق التراث العربي، ومدى انفتاحه على المدارس اللغوية الغربية الحديثة.
ويقول صلاح حسن رشيد مؤلف الكتاب، رحم الله عباس العقاد؛ اللغوي القدير، والناقد الضليع، والفيلسوف النحرير؛ نظير ما قدَّم لأمته من إبداع خلاق، وريادة نحن أحوج ما نحتاج إليها اليوم! ويا ليت بيننا رُبْعَ العقاد اليوم؛ فما كنا سمعنا عن داعش، ولا القاعدة، ولا الحوثيين، ولا أنصار الشريعة،ولا أنصار بيت المقدس، ولا جيش المهدي، ولا عصائب الحق، ولا جماعات التطرف المتأسلم الإرهابي الأعمى.