القاهرة - عصام محمد
توجه الشاب العشريني مينا نبيل، في الثامنة من صباح الجمعة، إلى كاتدرائية السيدة العذراء في حلوان، للمشاركة في صلوات الجمعة الأسبوعية، لكنه لم يدر هذا الصباح أن سيكون شاهداً على عمل إرهابي أسفر عن استشهاد عدد من المصلين في كنيسة أخرى. بعد العاشرة بدقائق قليلة، انتبه مينا لإحدى السيدات المشاركة في الصلاة، وقد لطمت بكفيها على وجهها، عقب تلقيها اتصال تليفوني قصير جدا، كان على الجانب الآخر نجلتها في كنيسة مار مينا التي تبعد نحو كيلو متر، صرخت في الهاتف : " الحقيني يا ماما، فيه ضرب نار علينا في الكنيسة وفي ناس ماتت ".
يقول مينا : " أنا أصلا من المعصرة، لكني أقيم هنا منذ فترة مع خالتي، اعتدنا الصلاة كل جمعة في الكاتدرائية، لكن تلك الجمعة كانت مزدحمة بالمصلين، هي آخر جمعة في العام، والغالبية تكون حريصة على الحضور للمشاركة في الصلاة ".
ما إن سمع الحضور الخبر من الأم التي اعترتها الصدمة ودخلت في حالة هيستيرية من القلق والخوف على نجلتها، انطلق نجلي شقيقتها المشاركين معها في الصلاة، مهرولين إلى كنيسة مار مينا، كان معهم "مينا" وصديقه "أيمن فوزي"، يقول مينا : " بالطبع كان لدينا أقارب ومعارف، هرولنا مسرعين للاطمئنان عليهم، فيما طلبت الشرطة في الكاتدرائية من المصلين مغادررتها، وأخذت وضع التأهب أمامها ".
ويروي مينا اللحظات الأولى بعد الحادث : " فوجئنا بشخص مجهول يتنزه في الشارع الغربي، القريب من كنيسة مار مينا، لحيته قصيرة، مرتديا جاكيت وسروال وحقيبة صغيرة يعلقها على ظهره، ويمسك بسلاح آلي في يده، يطلق منه النار عشوائيا، باتجاه جانبي الشارع مرة وباتجاه شرفات العقارات مرة أخرى، حتى أنه أطلق الرصاص على سيدة سقطت على رصيف مجاور غارقة في دمائها ".
يضيف : " بدا للجميع أنه الجاني، والناس في الشارع كانوا خائفين منه، وغيّر خزنة سلاحه الفارغة بخزنة أخرى، حتى ظهر رجلي شرطة على الأقل في موقعين مختلفين، وتناوبا إطلاق النار عليه حتى أصابه أحدهم في قدمه فسقط على الأرض، وغافله آخر وجاء من خلفه وحضنه ونام عليه ".
يتابع الشاب العشريني : " طلب منا رجال الأمن الابتعاد عن الإرهابي، بعد أن وضح أن بحوزته قنابل، كنا خائفين من انفجارها في أي وقت، وأخذه رجال الشرطة مصاباً، ثم جاء رجال شرطة كثيرون إلى المكان، وعلمنا فيما بعد أن جميع الكنائس في المنطقة أغلقت أبوابها بتعليمات من الأمن ".
قبل ضبط الجاني بنحو 10 دقائق، يروي عطا، شاب ثلاثني، يقيم في عقار مقابل لكنيسة مار مينا، قائلاً : " كنت متواجدا في المنزل، وفجأة سمعت صوت إطلاق نار مُفزع، خرجت مهرولا إلى الشباك، ورأيت شخصاً، يمسك بسلاح آلي، وقد هاجم أحد أمناء الشرطة المتواجد في محيط الكنيسة لتأمينها، وأطلق النار عشوائيا على عدد من أهالي الشارع المقابل للكنيسة ".
يضيف عطا : "خرج من داخل الكنيسة على صوت إطلاق النار رجل شرطة آخر، فأطلق عليه الإرهابي النار وأصابه، إلا أن الشرطي نجح في الدخول إلى داخل الكنيسة وإغلاق الباب جيدا، وبدأ الإرهابي إطلاق النار على الباب إلا أنه لم يستطيع الدخول".
ويروي عطا : " أطلق الإرهابي النار على رجل عجوز مسن يمشي على عكاز يدعى عم وديع القمص، يسكن بجوارنا وله محل (علب) بالقرب من الكنيسة، لم يرحمه إذ أطلق عليه النار في رأسه، وضح أنه يقتل كل من يشتبه فيه أنه مسيحي، وتحرك باتجاه الطريق الغربي الرئيسي، بالفعل منع الشرطي حارس باب الكنيسة كارثة محققة كانت ستقع إن دخل الإرهابي الكنيسة في وقت حضور هذا العدد من المصلين".