القاهرة- مينا جرجس
اقترح البابا فرنسيس، بابا "الفاتيكان"، أن يكون عيد القيامة في الأحد الثاني أو الثالث من إبريل/ نيسان وهو المقترح الذي استقبلته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ووضعته قيد المناقشة لبحث توحيد موعد الاحتفال بعيد القيامة حول العالم، وكشفت مصادر كنسية لـ"مصر اليوم"، أن الكنيسة الأرثوذكسية قررت تشكيل لجان للحوار اللاهوتي لبحث الأمر، فيما رفضت المقترح كنيسة الروم الأرثوذكس معتبرة المقترح مخالفًا للطقس والعقيدة الأرثوذكسية.
ويسعى البابا تواضروس إلى اختيار يوم محدد بشأن توحيد عيد القيامة المجيد مع الكنيسة الكاثوليكية للتقارب بين الكنيستين ولم شمل الإيمان المسيحي، وقال البابا خلال حواره صادر صحافية "لدينا دراسة توحيد عيد القيامة على مستوى كنائس العالم، وسترسل هذه الدراسة إلى كنائس العالم كافة ، أولها كنيسة روما، لأن اختلاف موعد عيد القيامة اختلاف "تقويمي فلكي" وليس "لاهوتيًا".
وأضاف البابا أنه من المرجح أن يختير الأحد الثالث أو الرابع من شهر أبريل/ نيسان، حتى يستطيع مسيحيو العالم الاحتفال في يوم واحد بالقيامة، وهناك هدف آخر فهناك العديد من المسيحيين المصريين والعرب في المهجر ويحتفلون بعيد القيامة كل وفق طائفته، وعيد القيامة وفق التوقيت الغربي، والأسبوع العظيم يأتي في وقت مغاير، فلا يستطيعون الاستمتاع والاحتفال بعيد القيامة متى حل عليهم وفق التوقيت الشرقي".
و أرسل البابا تواضروس الثاني، خطابًا إلى بابا الفاتيكان يشمل دعوة لمناقشة توحيد تاريخ عيد القيامة في جميع كنائس العالم، حمله سفير الفاتيكان في القاهرة خلال زيارته له في الكاتدرائية المرقسية، وفي عام 2015، وافق بابا الفاتيكان البابا فرانسيس، على الاقتراح الذي تقدمت به الكنيسة الأرثوذكسية للكنيسة الكاثوليكية بتوحيد عيد القيامة بميعاد ثابت ليكون ثاني أحد من شهر أبريل/ نيسان، وقالت إذاعة الفاتيكان إن البابا فرنسيس اقترح تحديد ميعاد ثابت لعيد القيامة يوافق الكنائس الأرثوذكسية، مشيرًا إلى أن ثاني أحد من إبريل/ نيسان يمكن أن يكون مناسبًا.
وجاءت كلمات البابا تواضروس خلال احتفالية الأربعاء الماضي بمناسبة مرور 80 عامًا على تأسيس كنيسة مارجرجس الجيوشي في شبرا، لتؤكد سعيه إلى وحدة ولم الشمل بين الكنائس، و أكد على أن وحدة الكنائس تحتاج إلى صلواتنا جميعًا، مشيرًا إلى أن الكنيسة ظلت واحدة دون أن تظهر الطوائف لمدة خمسة قرون، وأوضح البابا أن المرض ضرب الكنيسة مما تسبب في انقسامها، وذلك لأسباب عديدة منها اللغة، وحب الذات، وهو المرض الأخطر الذي ضرب الكنيسة، مشيرًا إلى أنه عندما حدث انقسام الكنيسة في القرن الخامس، بدأ المرض يضرب الكنيسة، مشددًا على أن الأصل في الكنيسة هي الوحدة، وأن المحبة هي السبيل الوحيد لعودة الكنيسة إلى وحدتها في صورتها الجميلة.
وبدأ الحوار الرسمي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، نتيجة أول زيارة بعد مجمع خلقدونية الذي انعقد عام ٤٥١ م، وقام بها بابا الإسكندرية لروما، و زار البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، كرسي روما من ٤ حتى ١٠ مايو/ آيار ١٩٧٣ في ضيافة البابا بولس السادس، وفي ١٠ مايو/ آيار ١٩٧٣، وقَّع رئيسا الكنيستين بيانًا مشتركًا، اتفقا فيه على تشكيل لجنة مشتركة، مهمتها توجيه دراسات مشتركة في ميادين التقليد الكنسي، وعلم آباء الكنيسة، والليتورجيات، واللاهوت، والتاريخ، والمشاكل العلمية، لحل الخلافات القائمة بين الكنيستين، بروح الاحترام المتبادل.
وانعقدت الدورة العامة الأولى للجنة الدولية المشتركة في القاهرة في ٢٦ وحتى ٣٠ مارس/ آذار ١٩٧٤، وكان الاجتماع الثاني للجنة في القاهرة في ٢٧ وحتى ٣١ أكتوبر/ تشرين الأول ١٩٧٥، وقررت اللجنة الشروع في القيام بدراسات لاهوتية عن تفهم الوحدة التي كانت موجودة في الكنيسة الأولى غير المنقسمة.
وانقطع الحوار بسبب الوضع في مصر، حيث وُضع البابا شنودة تحت التحفظ في دير الأنبا بيشوي في البرية من ٥ سبتمبر/ أيلول ١٩٨١ حتى ٥ يناير/ كانون الثاني ١٩٨٥، وفي هذه الفترة تسلم قداسة البابا شنودة الثالث نسخة من المبادئ والبروتوكول السابق ذكرهما، وحينما استطاع قداسة البابا شنودة الثالث العودة إلى مزاولة مهامه بالكامل مع بداية عام ١٩٨٥، اتخذت خطوات من كلا الجانبين لمواصلة الحوار بين الكنيستين، وحينما كان البابا شنودة لا يزال في مقره تحت التحفظ، وأعرب عن رغبته في مقابلة الأب دوبريه بهذه الخصوص وأوفد الأنبا أرسانيوس أسقف المنيا لعمل اتصالات وعرض اقتراحات، وفي ١٣ يناير/ كانون الثاني ١٩٨٦، تلقى قداسة البابا شنودة الثالث خطابا من الكاردينال فيليبراند رئيس سكرتارية الوحدة المسيحية في الفاتيكان، بشأن المبادئ والبروتوكول، ومسودة إعلان "تنقية الذاكرة"، متضمنًا رفع الحرومات، وتعيين أعضاء اللجنة المشتركة
.وتسلم البابا شنودة الثالث الرسالة وقرر عرضها على المجمع المقدس، وعقد المجمع المقدس برئاسة البابا شنودة الثالث اجتماعه الآخر في ٢١ يونيو/ حزيران ١٩٨٦، وكان قرار المجمع بخصوص الحوار الرسمي مع الكنيسة الكاثوليكية هو أن أي اتفاقية سابقة تأخذ وضعها النهائي والرسمي إذا وافق عليها المجمع المقدس، وأن الاتفاقية الكريستولوجية مع جدول الأعمال المقترح للحوار يمكن إرساله في خطاب موجَّه إلى نيافة الكاردينال فيليبراند في الفاتيكان
وأضاف المجمع أن رفع الحرومات يتطلب الوصول إلى حلول للخلافات في المفاهيم اللاهوتية التي تخص الإيمان في الكنيسة القبطية، في مقدمتها مراعاة المشاكل الكريستولوجية، وفكرة انبثاق الروح القدس، والمطهر، وعقيدة الحبل بلا دنس، والغفرانات، والزواج المختلط مع غير المسيحيين، ووضع الكنيسة القبطية الكاثوليكية في مصر، ونشرت مجلة سكرتارية تعزيز الوحدة المسيحية التابعة للفاتيكان بيانًا جاء فيه "تمت الآن استعادة العلاقات الطيبة، وتشكلت اللجان المشتركة المحلية، وجاء الأنبا بيشوى أسقف دمياط والسكرتير العام للمجمع المقدس للكنيسة القبطية إلى روما مع الأنبا بولا مساعده، وبصفتهما موفدين من قبل البابا شنودة كانت لهما محادثات مع سكرتارية تعزيز الوحدة المسيحية، وتم الاتفاق على طرق عودة اللجنة الدولية المشتركة إلى عملها في المستقبل القريب، كما ذهب الأب دوبريه إلى القاهرة في أغسطس/ آب ١٩٨٧ لإجراء محادثات مع البابا شنودة الثالث ومع أعضاء الرئاسة الكاثوليكية لنفس الغرض".
وتضمنت رحلة الأب دوبريه إلى القاهرة لقاءً مع العديد من أعضاء اللجنة الدولية في دير الأبنا بيشوى، وعمل مسودة صياغة كريستولوجية موجزة لمضمون البيان المشترك الموقع عام ١٩٧٣ بين البابا بولس السادس والبابا شنودة الثالث.
وفى اجتماع المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا شنودة الثالث، في ٢٥ مايو/ آيار ١٩٨٨، تقرر إضافة "تعليم المجمع الفاتيكاني الثاني بشأن خلاص غير المؤمنين إلى بنود الحوار الرسمي، وأبلغ هذا القرار في خطاب سُلِّم إلى الأسقف دوبريه بتاريخ ٢٦ أبريل/ نيسان ١٩٩٠ في دير الأنبا بيشوي، وكان رده "إن الجانب الكاثوليكى سيقبل أن تتعهد اللجنة المشتركة هذا الموضوع أيضًا".
وعقدت اللجنة الدولية المشتركة للحوار بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية جلستها السابعة في دير الأنبا بيشوي من ١٨ حتى ٢٤ أبريل/ نيسان ١٩٩١، حيث جرت مناقشات مطولة بخصوص إيمان الكنيستين في موضوع "وضع نفوس المؤمنين الراحلين بعد الموت"، علاوة على ذلك استكملت اللجنة حوارها بشأن الثالوث القدوس، وعلى الأخص موضوع انبثاق الروح القدس، ونوقشت الأوراق المقدمة من كلا الجانبين والحوار مستمر.
والتقى الوفدان في الفترة من الثلاثاء ٢٥ إلى السبت ٢٩ فبراير/ شباط ١٩٩٢ في دير الأنبا بيشوى في ضيافة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث استكملت المناقشات حول موضوع انبثاق الروح القدس. إلى أن اتفق المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى اجتماع ٣ يونيو/ حزيران ١٩٩٠ و٢٥ مايو/آيار ١٩٩١ و١٣ يونيو ١٩٩٢، على توقف الحوار عند هذه المرحلة، لعدم التوصل إلى أي اتفاق مع الكنيسة الكاثوليكية بشأن «المطهر» و«انبثاق الروح القدس».
واستؤنف الحوار بعد دعوة الكاردينال كاسبر إلى مصر من ٢٧ مارس/ آذار حتى ٢ أبريل/ نيسان ٢٠٠٠، والرغبة في إعادة الحوار الرسمي مع الكنيسة الكاثوليكية، وكانت رغبة البابا شنودة الثالث أن يعود الحوار على أساس الارتباط مع كل عائلة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، ودعى المجلس البابوي لتعزيز الوحدة المسيحية بدعوة ممثل واحد لكل كنيسة من الكنائس الأرثوذكسية الشرقية إلى لقاء تحضيري في الفاتيكان موجهًا الدعوة إلى رؤساء هذه الكنائس طالبًا الرد والموافقة