الرياض ـ سعيد الغامدي
اختتمت القمة العربية الإسلامية الأميركية مساء اليوم الأحد، أعمالها في الرياض، بإعلان قيام "المركز العالمي لمكافحة التطرف" ومقره العاصمة السعودية. وشددت الكلمات التي ألقيت في القمة التاريخية الأولى من نوعها، على وجوب التشارك والتعاون في المجالات كافة للوصول إلى القضاء على الإرهاب واستئصالها من المنطقة، متهمة "إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة وأنها رأس حربة الإرهاب فيها، حسبما جاء في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
ففي حين أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن "إيران تمول وتسلح وتدرب الإرهابيين والميليشيات التابعة لها، وهي مسؤولة عن زعزعة الاستقرار في لبنان والعراق واليمن وسورية"، داعيًا الى العمل معاً لعزل إيران ومنعها من تمويل التنظيمات الإرهابية"، اعتبر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، "أننا لا نأخذ الشعب الإيراني بجرائم نظامه"، مشيرًا الى أن "هذا النظام يشكل رأس حربة للإرهاب منذ ثورة الخميني عام 79 وحتى اليوم".
وقال الملك سلمان إن "الدول المشاركة في القمة شريك مهم في محاربة التطرف والإرهاب". وأضاف الملك سلمان: "سنتعاون في القضاء على الإرهاب بكل صوره وأشكاله"، مشدداً على أن الدين الإسلامي كان وسيبقى دين الرحمة والتعايش والسلام"، مشيرًا الى أن "بعض المنتسبين للإسلام يشوهون الدين".
وأضاف خادم الحرمين الشريفين أن "مشاركة الرئيس ترامب في القمة توضح اهتمام واشنطن بالمنطقة". وقال: إننا "نرفض وندين فرز الشعوب على أساس ديني أو طائفي"، مضيفاً: "النظام الإيراني وحزب الله والحوثيون وداعش والقاعدة متشابهون، موضحا: لا نأخذ الشعب الإيراني بجرائم نظامه. وقال الملك سلمان: "نؤكد عزمنا القضاء على تنظيم داعش وكل التنظيمات الإرهابية أيا كان دينها أو مذهبها أو فكرها". وأعلن عن قيام "المركز العالمي لمكافحة الارهاب والتطرف".
ثم ألقى الرئيس الأميركي في كلمة خلال القمة مخاطباً من خلالها العالم العربي والإسلامي، حيث شكر من خلالها المملكة العربية السعودية على الضيافة الرائعة منذ لحظة وصوله، وقال: "اليوم نبدأ فصلا جديدا في الشراكة مع السعودية"، مضيفاً أنه يقدم رسالة صداقة وأمل وحب باسم الشعب الأميركي. واضاف ترمب، مخاطباً زعماء يمثلون نحو 55 دولة عربية وإسلامية، إنه يهدف لإقامة تحالف يقضي على التطرف تماماً، مشيراً إلى أنه يهدف إلى السلام والأمن والازدهار في هذه المنطقة وبقية أنحاء العالم.
ونوه ترمب إلى أن المستقبل الأفضل في المنطقة يعتمد على طرد الإرهابيين، مشيراً إلى أن السعودية والتحالف الإقليمي قاموا بعمل كبير ضد المتمردين في اليمن، ويجب أن تضمن الدول الإسلامية أن الإرهابيين لن يجدوا ملاذا آمنا. وقال ترامب: إننا "ملتزمون بتعديل استراتيجيتنا لمواجهة أخطار الإرهاب، ويجب أن نعمل على قطع مصادر التمويل للتنظيمات الإرهابية"، وأشار إلى أن "الدول الإسلامية يجب أن تتحمل المسؤولية الكبرى في هزيمة الإرهاب". وأضاف: "نحن مستعدون للوقوف معكم للبحث عن المصالح المشتركة"، مضيفاً أن "هذه القمة ستعلن بداية نهاية من ينشر الإرهاب".
وتعهَّد بأن "يعزز صداقات الشعب الأميركي وأن يبنى تحالفات جديدة"، مشيراً إلى أن "الاتفاقات الموقعة مع السعودية ستؤمن آلاف فرص العمل في البلدين، كما أن اتفاقات التعاون العسكري ستساعد الجيش السعودي على لعب دور أكبر." وقال ترامب: "سوف نقوم بخطوة تاريخية الليلة بافتتاح مركز مكافحة التطرف في الرياض، موجهاً الشكر للملك سلمان على ريادته الرائعة، ومؤكداً أن المركز الجديد يوضح أن المسلمين عليهم الدور الأكبر في محاربة الإرهاب".
وقال ترامب: "لسنا في معركة بين الأديان إنما في معركة بين الخير و الشر.. فعندما ننظر لضحايا العنف لا ننظر إلى دينهم"، مشيراً إلى أن مسيرة السلام تبدأ هنا في هذه الأرض المقدسة"، مشيراً إلى أن السعودية وطن لأقدس الأماكن الدينية التي يؤمها المؤمنون من كل أرجاء العالم". وأشار ترامب إلى أن "نحو 95% من ضحايا الإرهاب هم من المسلمين"، مضيفاً: "نحن مستعدون للوقوف معكم للبحث عن مصالح وأمن مشتركة، وعلينا أن نتوحد خلف هدف واحد هو هزم الإرهاب والتطرف"، وأكد أن "حزب الله وحماس وداعش وغيرهم يمارسون نفس الوحشية، ويجب أن يشعر أي مؤمن بالإهانة عندما يقتل إرهابي شخصا باسم الرب". وقال إن "ذبح الأبرياء باسم الدين إهانة لأتباع كل الأديان".
وشدد الرئيس الأميركي على أن "مستقبل المنطقة لا يمكن تحقيقه من دون هزيمة الإرهاب والأفكار الداعمة له، مشدداً على أن الشرق الأوسط يجب أن يتحول إلى أحد مراكز التجارة العالمية"، مضيفاً أن "هذه القمة تمثل بداية السلام ليس فقط في الشرق الأوسط بل في العالم، ودول الشرق الأوسط عليها أن تقرر ما هو المستقبل الذي تريده".
ولفت الرئيس الأميركي الى أن "القادة الدينيين يجب أن يساهموا في توضيح خطر الأفكار الإرهابية، حيث أنه يجب مواجهة أزمة التطرف بكل أشكاله"، مؤكداً أنه "يجب دعم ثقافة التعايش واحترام الآخر في الشرق الأوسط". وعن الأزمة السورية، قال الرئيس الأميركي "يجب أن نعمل معا لإنهاء الأزمة الإنسانية في سورية والتخلص من داعش"، منوهاً أنه لا يمكن انطلاق الشرق الأوسط نحو المستقبل إلا إذا تحرر مواطنوه من الإرهاب.
بعد ذلك أعطيت الكلمة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فأكد أن "مصر تحرص على مواجهة الإرهاب والحفاظ على أرواح المدنيين"، مشيرًا الى أن "حرب مصر جزء من الحرب العالمية ضد الإرهاب". وشدد السيسي على أن "مصر ملتزمة بهزيمة التنظيمات الإرهابية، ومد يد العون لحلفائها في المعركة ضد تلك التنظيمات في كل مكان". وطالب خلال كلمته بتصويب الخطاب الديني لإظهار الجوهر الحقيقى للدين الإسلامي السمح. وقال إن "حرب مصر على الإرهاب جزء من الحرب العالمية ضده"، مشددًا على أنه يتم استئصال الإرهاب بأقل خسائر ممكنة مع الحفاظ على أرواح المدنيين المصريين، وتابع :"نحن ملتزمون بهزيمة التنظيمات الإرهابية ومد يد العون لحلفائنا في المعركة في أي مكان". وأكد أن "المواجهة الشاملة مع الإرهاب تعني بالضرورة مواجهة كافة أبعاد ظاهرة الإرهاب، والتي تتصل بالتمويل والتسليح والدعم والأيدولجي"، وتابع : "الإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح، إنما أيضًا من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسي".
وأستطرد قائلاً : "دعوني أسأل أين يتوافر الملاذ الآمن للتنظيمات الإرهابية لتدريبهم ومعالجة المصابين منهم وإجراء الإحلال والتجديد لمقاتليهم.. من الذي يشتري منهم الموارد الطبيعية التي يسيطرون عليها كالبترول، ويتواطئ معهم فى تجارة المخدرات والآثار". وشدد السيسي على أن مصر تسعى لدحر الإرهاب الذي يواجه العالم كله، قائلاً: لابد من تأسيس مرحلة جديدة من التعاون تجاه التحديات الإرهابية". وأضاف أنه "لا مفر من الاعتراف بأن تفكك وعدم استقرار الدول أهم داعم للارهاب"، مشيرًا إلى أن مصر تواجه محاولات ممنهجة وممولة لتفكيك مؤسساتها." وختم السيسي كلمته بالاشارة الى أن "بعض الدول توفر الدعم والغطاء السياسي للإرهابيين"، مشيرًا إلى أن "مصر تدعم كل الجهود لتسوية أزمات المنطقة بما يدعم وحدتها".
ثم كانت كلمة للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قال فيها: نلتقي اليوم لنطور رداً فاعلاً على التهديدات الخطيرة التي تواجه عالمنا، ومن شأن المواقف والأفعال التي نتبناها اليوم أن تحدد مستقبلنا في قادم الأيام، لذلك يتوجب علينا أن نعمل بشكل تشاركي ضمن أربعة محاور رئيسية، وأود أن أتطرق لكل منها بشكل مختصر: أولاً وقبل كل شيء، أمامنا تحدي الإرهاب والتطرف. واضاف: النهج الشمولي هو الطريق الوحيد لمواجهة الوجوه المتعددة والمعقدة لهذا الخطر، من أفكاره الظلامية إلى تهديده للازدهار والأمن، وكما ذكرت، هذا يتطلب عملاً دولياً منسقاً على مختلف المستويات. الثقة المتبادلة والقوة مطلوبتان لتحقيق النجاح، فليس بالإمكان الانتصار في هذه المعركة إن لم نفرق، وبكل وضوح، بين الأصدقاء والأعداء، فعلينا أن نعرف من هو الصديق ومن هو العدو.
وقال الملك عبد الله: إن المجموعات الإرهابية توظف هوية دينية زائفة بهدف تضليل واستقطاب مجتمعاتنا وشعوبنا. دعونا هنا نؤكد بوضوح: إن العصابات الإرهابية لا تمثل مجموعة تتواجد على هامش الإسلام، بل هي خارجة تماماً عنه. هؤلاء هم الخوارج. العرب والمسلمون يشكلون الغالبية العظمى من ضحاياهم. التعصب والجهل يعززان العصابات الإرهابية، ومن المهم أن نساعد الجميع في كل مكان على فهم هذه الحقيقة.
أما التحدي الرئيسي الثاني البالغ الأهمية فيتمثل في الوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يستند إلى حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وهذا سيضمن نهاية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وسيحقق السلام للجميع: الإسرائيليون، والعرب، والمسلمون. لا يوجد ظلم ولـّد حالة من الغبن والإحباط أكثر من غياب الدولة الفلسطينية، فالقضية الفلسطينية هي القضية الجوهرية في المنطقة، وهو ما أدى إلى امتداد التطرف وعدم الاستقرار ليس في منطقتنا فحسب، بل أيضاً إلى العالم الإسلامي. ثالثاً، حماية القدس يجب أن تكون أولوية، فالمدينة المقدسة ركيزة أساسية في العلاقات بين أتباع الديانات السماوية الثلاث. إن أي محاولات لفرض واقع تفاوضي جديد على الأرض في القدس ستؤدي إلى عواقب كارثية. وعلينا العمل معاً لتفادي هذه المخاطر، وبالنسبة لي شخصياً ولكل الأردنيين، فإن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس مسؤولية تاريخية راسخة ولا حياد عنها، ونتشرف بحملها نيابة عن الأمتين العربية والإسلامية. أما المهمة الرئيسية الرابعة هي تعزيز وعي الشعوب بأهمية القيم التي ستحمي وتثري مستقبل الإنسانية، وهي الاحترام المتبادل، والتعاطف، وقبول الآخر. لقد بات صوت الإسلام السمح هو الأقوى في العالم الإسلامي في السنوات الأخيرة، وعلينا أن نستمر في البناء على ذلك.
كذلك ألقى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح كلمة أكد فيها أن الدول العربية والإسلامية حريصة على التعاون مع الدول الصديقة والحليفة لمواجهة الإرهاب. وقال في إن "القمة تمثل رداً على الاتهامات الموجهة للدول الإسلامية برعاية الإرهاب، وتعطي صورة مشرفة للإسلام". وتابع: "هذه القمة باعتبارها الأولى من نوعها فهي فرصة للدول العربية والإسلامية بالتعاون مع الحكومة الأمريكية للقضاء على الإرهاب".
وأعرب عن تطلعه "بأمل وتفاعل لقمتنا من أجل التوصل لحل أزمات المنطقة على رأسها الوضع في سورية والعراق واليمن من أجل تحقيق الاستقرار". كما ألقيت كلمات لاندونيسيا وماليزيا ركزت على الارهاب وضرورة محاربته.
وأشادت دولة الإمارات العربية المتحدة، بالمبادرة "التاريخية" للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في الدعوة إلى القمة العربية الإسلامية الأميركية، مؤكدة أن الإرهاب لا يرتبط بدين أو ثقافة أو مجتمع.
واعتبر البيان الرسمي لدولة الإمارات في القمة العربية الإٍسلامية الأميركية، أن هذه الدعوة لحضور القمة الرائدة "تبشر بأننا أمام حقبة استثنائية نحو حوار حقيقي بين الحضارات. وتفاعل صادق بين الثقافات، ورؤية جادة لعالم يسوده السلام، وينعم بالأمن والأمان، ويحظى بالاستقرار والنماء، لنا جميعا بلا استثناء".
وأثنى البيان على الجهود "المباركة للملك سلمان بن عبد العزيز في دعم الوسطية ونبذ التطرف، والعمل على تصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة، ونشر ثقافة التسامح والاعتدال". وتوجهت دولة الإمارات للرئيس الأميركي دونالد ترامب "بجزيل الشكر وبالغ الترحيب بقرار المشاركة في القمة، وتشيد بعمل الرؤية الاستثنائية التي يحملها نحو شراكة حقيقة بين الحضارات، والتواصل الإيجابي الثقافات".
وأضاف البيان "لا بد لنا من الإشادة بمواقف وجهود المؤسسات الإسلامية الكبرى مثل رابطة العالم الإسلامي والأزهر الشريف، ومجلس حكماء المسلمين ومنتدى تعزيز السلم في المجتمع". وأعربت دولة الإمارات عن "بالغ سعادتها بالتواجد بين أشقائها من كافة الدول الإسلامية، والتي حضرت هذه القمة بروح من التفاؤل والهمة والمسؤولية، حيث تسود قيم التسامح والسلام والعيش المشترك".
وأكدت الإمارات أن التطرف والإرهاب لايرتبطان بثقافة أو دين أو مجتمع أو دولة، وإنما هما الخطر الذي يواجهنا جميعا بلا استثناء". واعتبر البيان أن جماعة الإخوان هي الأرضية الرئيسية لخطاب التطرف والإرهاب، وأن الجماعات المصدرة للفكر المتطرف وعلى رأسها الإخوان تلعب دورا مشبوها لأهداف سياسية. وأضاف أن إيران تنتهج سياسات تدخلية تذكي الطائفية والتطرف، وأن الدور الإيراني السلبي يمثل تحديا خطيرا. وطالب البيان إيران باحترام جيرانها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.