حريق الرويعي

مشهد تكرر يوميًا، بل كل ساعة، فعلى مدار الأيام الماضية وحتى الأن، نستيقظ وننام على أخبار عدة باشتعال الحرائق هنا وهناك، كانت أكثرها في المناطق الشعبية التي يزداد فيها عدد المواطنين والبائعين والتجار والمحلات، وبدأت بحرائق العتبة في منطقة الرويعي في القاهرة، وأعقبها منطقة الغورية، وكلاهما من أشهر المناطق التجارية في العاصمة، وأعقبها حرائق في جميع أنحاء مصر.

وتعتبر المحلات التجارية، في تلك المناطق الشعبية، هي أكثر من تضررت من تلك الحرائق، حيث قدرت الخسائر حتى الأن بالملايين، فضلا عن العقارات التراثية القديمة في تلك المناطق الأثرية العريقة.

وكشفت مصادر حكومية خاصة "رفضت ذكر اسمها" إلى "مصر اليوم", أن الحكومة أعدت في سرية تامة خريطة بالمناطق المعرضة للاشتعال الحرائق فيها، وأنها بدأت بتكليف المسؤولين للنزول لتلك المناطق على مستوى المحافظات لتفقد إجراءات السلامة والصحة المهنية بها، حيث شملت الخريطة مناطق أخرى في القاهرة أيضا، ولا تزال معرضة لتكرار مثل تلك الكوارث والحرائق، وفي نفس الوقت لم تتخذ أي إجراءات خاصة بالسلامة والصحة والمهنية، من أبرزها حي وسط القاهرة (وسط البلد) والذي يمتلئ بكثرة المحال التجارية بمثل البازارات، و محال بيع الذهب  والملابس ومستلزمات الستائر والخشب والمفروشات والأختام والكروت، والأحذية، والأدوات الكهربائية، ومعظمها خامات تساعد على اشتعال الحريق، فضلًا عن انتشار الباعة والمارة أيضا والمشتريين، ومنها شوارع الأزهر وخان الخليلي والنحاسين والقماشين، والسروجية والخيامية والبطانية، ودرب السعادة والمناصرة ودرب البرابرة، والحمزاوي الصغير والكبير، والفجالة، ووكالة البلح.

وأوضح رئيس هيئة الحماية المدنية في القاهرة الأسبق اللواء ممدوح عبدالقادر، أن أسباب الحريق ترجع في الأساس، إلى ما يقوم به الباعة الجائلين، والذين يفترشون بضاعتهم متلاصقة بعضها البعض في الشوارع المزدحمة بالمارة، دون فواصل تؤهل حتى لدخول سيارات الحماية المدنية لإخماد الحرائق في التوقيت المناسب لعدم حدوث خسائر في الأرواح.

وتابع اللواء ممدوح عبد القادر، في تصريحات خاصة له مع "مصر اليوم": "الحل الوحيد غير القابل لتأمين تلك الأسواق من مثل هذه الحرائق والكوارث هو نقلها خارج العاصمة، وتجهيز لهم مكان مخصص ومتوفر فيه كافة إجراءات السلامة والصحة المهنية".

وقال نقيب المهندسين طارق النبراوي، إن معظم عقارات القاهرة الخديوية أو التراثية القديمة المنتشرة في أحياء عابدين والموسكي والأزبكية وغيرها من المناطق الشعبية التراثية، معرضة لمثل هذه الكوارث، نظرا لتحويل معظمها لمخازن ومكاتب، تحوي بضائع ومنتجات تساعد على اشتعال النيران، مع افتقادها لعوامل السلامة المدنية, وأضاف أن هناك عمارات في شارع رمسيس تحولت لمخازن للكاوتش وإطارات السيارات ومواد البويات والدهانات، وهى مواد تساعد على الاشتعال، وحدث بأحدها حريق، بسبب هذه المخازن في عام 2009.

وخلال جوله تفقدية لعدد من تلك الأماكن المعرضة لنشوب حرائق فيها ومنها "وكالة البلح والفجالة"، رفض البائعين بشدة فكرة أن تقوم الحكومة بتخصيص أماكن لهم خارج الإطار السكني وبعيدا عن الأهالي، مؤكدين إصرارهم على تمسكهم بأماكنهم وبمحالاتهم التي تقع أسفل العقارات السكنية الممتلئة بالمواطنين والأسر، مقابل أن توفر لهم الحكومة إجراءات السلامة والصحة المهنية، والتي تتمثل في إنشاء نقاط ومكاتب للإطفاء بالقرب من تلك الأماكن، خاصة مع كثرة الوقت الذي تستغرقه سيارة الاطفاء للوصول حال حدوث حادث، طبقا لهم.